في القديم قصد المرضى اليابانيون البحار بحثًا عن العلاج والأوربيون إلى الحمم البركانية، والسودانيون ليس بمعزل عن غيرهم من الأفارقة فقد قصدوا الحمم البركانية التي ظهرت في جنوب كردفان طلبًا للشفاء، وقد وجد العلماء أن السبب يعود إلى تشبع تلك الحمم البركانية والبحار بغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يشفي كثيرًا من العلل والأمراض وهذا الغاز لا يتسبب في أي مضاعفات فهو يخرج من الجسم الذي يتخلله من خلال الجهاز التنفسي (عملية الزفير)، طوَّر اليابانيون هذه الفكرة واخترعوا جهازًا لإنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون لتشبيع الماء الذي يمر عبر الجهاز ويضع المريض أطرافه السفلى في الماء ليتشبع بماء ثاني أكسيد الكربون وكان ذلك عام «2003م»، وبعد خمس سنوات من التجارب على الجهاز الذي أثبت قدرته على علاج جروح السكر بتوسيع الأوعية الدموية وتلف الأعصاب (الخدر) كما أنه يعالج كثيرًا من الأمراض الأخرى، أتى السودان في مقدمة الدول الإفريقية وسابع الدول العربية لاستجلاب ذلك الجهاز لعلاج الجروح وتوسيع الشرايين.. حول هذا العلاج التقينا د. محمد فاروق أحمد اختصاصي الجراحة العامة فإلى إفاداته: ما هو سبب جروح السكر؟ يسبب مرض السكر انسدادًا في الأوعية الدموية الصغيرة والمتوسطة بالقدمين كما أنه يسبب تلفًا في الأعصاب بها، وهما أهم أسباب السكر. تستغرق معالجة جروح السكر فترة طويلة؟ لعدم التئام الجرح، وبهذا تحدث تكلفة مادية عالية، إضافة للتكلفة الاقتصادية بسبب الإعاقة التي يسببها الجرح للمريض والإعاقة غير المباشرة إلى المرافق. يستخدم الكثيرون لعلاج جروح السكر الأعشاب والعسل؟ هي طريقة قديمة في علاج جروح السكر مع تقديرنا للجهود المبذولة رغم أنها في كثير من الأحيان ناجحة غير أن المريض يحتاج شهورًا إن لم تكُن سنوات ليلتئم الجرح، كما أن استخدام العسل والأعشاب كبدائل علاجية فقد استخدم في كثير من المراكز وإلى فترات طويلة ونجح في علاج كثير من الحالات إلا أن تلك التجارب الفردية غير مدعمة بالدراسة كما أنها تعتمد على أشخاص معينين ولم تجد حظها في الانتشار ولم يجد استخدام الأعشاب المراقبة والمتابعة ومن ثم فقد عمل بهذا المجال حتى غير الأطباء فأدخل المريض في مضاعفات أخرى أكبر. هل هنالك جديد في علاج جروح السكر؟ الطب حاليًا يعتمد في العلاج على ما يُسمى (الطب المعتمد على الدراسة العلمية) وفي السنوات الأخيرة بُذلت جهود مقدرة وبدء العمل في مراكز متخصصة لعلاج جروح السكر ساهمت بشكل كبير في علاج جروح السكر وتخفيف معاناة المرض. ألا توجد طريقة أكثر حداثة؟ تغيَّرت الطريقة التقيلدية خلال السنوات العشر الأخيرة وإحدى هذه الطرق هو جهاز يسمى )الكاربوثيرا(. ما هو الكاربوثيرا؟ هو جهاز تمكن اليابانيون من اختراعه في عام «2003م» وبعد النتائج المدروسة الناجحة التي أثبتت فعاليته في علاج جروح السكر وغيرها من الجروح تم الاعتراف به، والآن الجهاز يستخدم في بعض الدول وكان السودان سابع دولة عربية وأول دولة إفريقية تعتبر العراق الدولة الوحيدة التي أدخلت الجهاز كجزء لعلاج جروح السكر من قبل وزارة الصحة. كيف يعمل الجهاز؟ طريقة عمل الجهاز طريقة سهلة جدًا حيث يستخدم الجهاز الماء العادي بعد ويتم تنقيته وتعقيمه بواسطة الغشاء الموجود بالجهاز الذي يعمل أيضًا على فصل أصغر أنواع البكتيريا ومن ثم يقوم الجهاز بتشبيع الماء بغاز ثاني أكسيد الكربون فالماء المشبع بغاز ثاني أكسيد الكربون يمتصه الجلد حتى في حالة عدم وجود جروح. ما هو الأثر الموضعي بعد استخدام الماء المشبع بالغاز؟ الأثر الموضعي يكون توسيعًا في الأوعية الدموية للقدم المصابة وزيادة كمية الدم الواصل للقدم ومن ثم يساعد على التئام الجرح. كل الجروح؟ كل الجروح وبالأخص جروح السكر الذي يفعله غاز ثاني أكسيد الكربون.. ويعمل مركزيًا فينبه الدماغ على أن الجزء المغمور في الماء قد ازدادت نسبة الحموضة فيه ومن ثم يرسل الدماغ إشارات لتوسيع الأوعية الدموية بالجزء المصاب فيزداد أيضًا الدم الواصل إلى الجزء المصاب. هل يُحدث الغاز آثارًا سلبية للجسم؟ لا يحدث الغاز أي آثار سالبة على الجسم وذلك لأن الغاز الداخل للجسم يتم استخراجه عن طريق الجهاز التنفسي في عملية الزفير، أما إذا كان المريض يشكو أساسًا من أمراض في الرئة ففي هذه الحالة يتم تقييم الحالة بواسطة الطبيب المعالج. هذا عن مريض الأوعية الدموية وماذا عن مريض تلف الأعصاب؟ تلف الأعصاب هو السبب الثاني للإصابة بجروح السكر فقد أثبت الجهاز محليًا في التجربة القصيرة نجاحًا منقطع النظير في علاج تلف الأعصاب الذي يسببه السكر. هل يعالج الجهاز الخدر؟ عالج كثيرًا من الحالات التي تعاني من تلف الأعصاب وعدم الإحساس بالأطراف السفلى الذي يسببه السكر والألم الناتج من ذلك التلف فالجهاز يعمل على علاج الأسباب وليس المضاعفات عن تلك الأسباب. ما الذي يميزه؟ ما يميزه عمله على توسيع الأوعية الصغيرة والمتوسطة ودخول الدم فيها بكمية كافية الأمر الذي لا تنجح فيه العمليات الجراحية في كثير من الحالات. هل من موانع لاستخدام الجهاز؟ هنالك موانع لاستخدامه لمثل حالات المرضى المصابين بأمراض الرئة المزمنة وحالات الفشل القلبي للاحتقان (ضعف عضلة القلب) فبالنسبة لمريض القلب الحالات الخفيفة وحالات ارتفاع ضغط الدم يتم استخدام الجهاز لعلاج هذه الحالات وكذلك يمنع من استخدامه أصحاب الجروح الناتجة من تلف الأعصاب في العمود الفقري أو الشلل الدماغي. هل توجد فئة عمرية للعلاج بالجهاز؟ لا توجد فئة عمرية معيَّنة لاستخدام الجهاز بل يخضع المريض لتقييم الطبيب المعالج. هل يلزم العلاج عن طريق الجهاز أشياءً أخرى؟ يراعى في العلاج إجراء الكشف السريري وقياس ضغط الدم للمرضى الذين تجاوزت أعمارهم «الستين عامًا». كم جلسة يحتاج إليها المريض؟ يحتاج المريض لجلسات متتالية قد تصل إلى ثلاثين جلسة. كم تبلغ مدة الجلسة؟ تتراوح مدة الجلسة ما بين عشرين إلى ثلاثين دقيقة في بعض الأحيان فالأمر يعود لتقييم الطبيب المعالج. إرشاد لمرضى السكر الذين ينوون المعالجة عن طريق الجهاز؟ يجب معرفة أن هذا الجهاز لا يعمل على حدة فهو يحتاج من المريض أولاً لتنظيم معدل السكر في الدم والعناية بالأقدام وعمل الفحص الدوري الذي يحتاج إليه مريض السكر ففي بعض الأحيان يحتاج المريض لتدخل بعض التخصصات الأخرى وهذا هو سبب نجاح علاج المريض بشكل عام وهو (تطبيق مفهوم العلاج المتكامل).