الصراع على السلطة من نواميس هذا الكون التي ستظل على هذه الأرض كلما ضعف الارتباط بالله .. ففي الحديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد في ما عند الناس يحبك الناس». وأظن أن كثيراً من أعضاء المؤتمر الوطني الذين يجيدون «صناعة» التكبير والتهليل «والبرطعة» والذين امتهنو الاتجار بالهتاف الديني، لم يطلعوا على هذا الحديث وأحاديث كثيرة لأن سياسة «التجنيب» المالي التي يتبعها المؤتمر الوطني، قد أصابت الدين فأصبح هنالك «تجنيب ديني»، والأمر الذي دعاني إلى أن أخط هذا المقال هو واقع الحال السياسي الموجود بولاية نهر النيل بمحليتي شندي والمتمة .. بالرغم من أن بعض الأحداث قديمة لكن الواقع يمر بين يدي التاريخ.. فبمجرد وصولي لمدينة شندي سألت عن الأخ عمر حسن الحويج معتمد محلية شندي الحالي، لأنني لم التقه منذ أكثر من خمسة أعوام، وهو شاب مهذب صلد له همة عالية وروح قوية وعركته السياسة منذ أيام الجامعة، وهو إسلامي التوجه.. وعمل معتمداً لأبو حمد والدامر، وله عمل شعبي مقدر بالمنطقة، وهذه الخبرة الطويلة وروح الشباب الوقادة المتطلعة لن تفيد هذا الشاب إذا قرر مزاج أحد الذين يديرون الشأن التنظيمي داخل المؤتمر الوطني أنه «لا ينفع»، وقد يكون صاحب ذلك القرار من الذين لا «ينفعون» إلا حين «ينتفعون». القرارات التي أبعدت من قبل جعفر بانقا عن شندي وما أدراك ما جعفر بانقا.. تلك القرارات صارت معول هدم في المنطقة، لأن القرارات في تلك المنطقة تتخذ كثيراً بطريقة غير صحيحة، فقد كنت لصيقاً «بجوقة» من «المتسيسين» التي عملت على إزاحة الطيب محمد خير «سيخة» من العمل السياسي بالمنطقة من خلال خلق خلاف بينه وبين الراحل دكتور مجذوب الخليفة. ومجموعة من المنتفعين «شذاذ آفاق» العمل السياسي نجحت في تأجيج صراع خفي بين «الدكتورين» الرجلين المهذبين اللذين لهما مالهما من الخبرة والحنكة، وتبعاً لذلك تم عمل «تطهير سياسي» لكثير من الذين كانوا يعملون مع دكتور الطيب داخل الهيئة الشعبية لتنمية وتطوير محلية المتمة التي كان يوماً ما «الدينمو» المحرك لها الاستاذ كمال على مدني الرجل الذي يعمل بصمت وخفية.. ولقد تم التعامل مع الرجل بطريقة فيها كثير من الظلم .. فعقب رحيل دكتور مجذوب الخليفة رحمة الله عليه وابتعاد دكتور الطيب محمد خير، كان المرشح الوحيد المنطقي والموضوعي ليحل محلهم بالرغم من قناعة الجميع بألا أحد يستطيع أن يملأ الفراغ الذي خلفه دكتور مجذوب، كان المرشح الوحيد هو الأستاذ كمال علي مدني، ولأن المجموعة التي باتت تسيطر على مقاليد الاختيار مجموعة ضعيفة وهشة وتحكمها المصالح الشخصية، تم ابعاد كمال مدني.. وحتى أنهم حين عجزوا عن أن يأتوا بشخص ممثل لدائرتهم في الانتخابات الأخيرة لم يجدوا إلا الشيخ الجليل عبد الحكم طيفور الذي كان لوقت قريب ينتمي إلى «الاتحاديين»، ولم يجد أعضاء المؤتمر الوطني شخصاً يمثلهم من داخل قاعدتهم التي ابتعد وأُبعد عنها كثير من الإسلاميين المخلصين الصادقين. وهذه المحلية التي قدمت دكتور أحمد بشير الحسن وعلي عبد الفتاح وكثيراً من الشهداء تعجز عن إيجاد مرشح لها من بين قاعدتها، فاختاروا الشيخ طيفور بديلاً لمدني، ونتيجة لذلك ابتعد كثير من الشباب عن التنظيم.. ولقد قدمت لي الدعوة قبل فترة لحضور اجتماع يضم عدداً من شباب المنطقة «الإسلاميين» واعتذرت بسبب الانشغال !! لكني في الحقيقة لم أرد الخوض في أي صراع سياسي.. وعلمت أن تلك المجموعة عقدت عدة اجتماعات ودار مجمل الحديث حول الحال الذي وصلت اليه المحلية، وأنهم أرسلوا رسالة لوالي نهر النيل وبعض السياسيين بالمنطقة يشكون فيها غياب نائب دائرتهم عن المنطقة وضعف وتردي الخدمات بالمحلية، وحتى المشروعات الزراعية أصبحت مهملة والأمراض تصيب الأطفال، والتعليم أصبح متردياً جداً.. إلى آخر قائمة المواضيع التي تم نقاشها !! والسؤال من المسؤول عن ذلك؟؟ أين أجهزة المؤتمر الوطني؟ أين الجهد الشعبي؟ ولا يخرج لنا متنطع يحدثنا عن أننا فعلنا وفعلنا !! وهي لله هي لله !! لأننا نعلم واقع الحال.. وكما قيل فإن الحال يغني عن السؤال. فليعلم الذين وجدوا أنفسهم في غفلة من الزمان أنهم يمسكون بمقاليد الأمور.. فليعلم هؤلاء الذين غابوا عن مشهد هجليج وغيره من المواقف التي كان للمنطقة شأن فيها أنه سيأتي يوم لن يجدوا أرضاً بوراً يحكمونها أو قبيلة من النمل، والنمل يعبد الله ويحمده، ولن يقبل إلا أن يحكم بما يرضي الله. أخي حسن الحويج.. أرجو أن تجعل «شنطتك» قرب الباب لأني أعلم أنك لم تذهب يوماً «لصقلية» بإيطاليا.