الملفت للنظر اهتمام الدولة بالمتفوقين في الأكاديميات سواء على مستوى الرياض أو الثانويات أو الجامعات، فهذا أمر يستحق تسليط الأضواء عليه.. فالدولة التي اقتحمت مجال التعليم أساساً للنهضة لا بد لها أن تكون قد آمنت بالعلم سبيلاً وحيداً لتحقيق التقدم.. وهو مبدأ إسلامي أصيل، حيث أن الرسول الكريم كان يشترط على الأسرى من الكفار تعليم المسلمين القراءة والكتابة شرطاً لتحريرهم من الأسر القابض لعهود الجهل والأمية والظلام، ولا بد لها أن تعظم من شأن النجاح والناجحين والمتفوقين، وهذا الاهتمام الرسمي شاع في أوساط المجتمع كله.. بجانب تحفيز الشباب لبذل الجهد لتبوؤ المراكز الأولى في امتحانات الشهادة الثانوية «السودانية» وتحفيز منظمات المجتمع المدني لتحذو حذوها وتكرم وتعلي من شأن المتفوقين، ولا بد للشركات الخاصة ومؤسسات القطاع الخاص من تكريم وتحفيز شبابنا من الطلاب والطالبات.. كشركاء أصيلين في حركة المجتمع والأمة السودانية.. وهذا والله لأمر طيب وسنة حسنة سنتها الدولة بأن تكرم الأمهات كذلك في مناسبات تكريم الطالبات المتفوقات.. فهن من تلك.. ووراء كل طالب ناجح وطالبة ناجحة أم داعية.. وعين ساهرة وخدمة تمكن من بذل المزيد من الجهود.. وفي حياتنا السودانية تلعب الأمهات أدواراً عظيمة في القيام بدور الأبوين خاصة أولئك اللائي يسافر أزواجهن للعمل بالخارج أو حتى ينشغل بتوفير لقمة العيش الكريمة للأسرة.. إذن فإن ثورة التعليم العام والعالي قد بدأت تؤتي أكلها بتوفير فرص التعليم للجميع.. وتقريباً صارت لكل ولاية على الأقل جامعة وجامعتان ناهيك عن المراحل الأخرى أساس وثانوي ورياض وتعليم خاص ومعاهد عليا وكليات وجامعات خاصة.. فالتعليم لم يعد حكراً على الأثرياء وأبناء الذوات كما كان في عهدنا نحن أبناء المزارعين، حيث أنني اذكر وكأنما الصورة أمامي الآن.. عندما أعلنت لجنة القبول أن القبول ليس بالنتائج وإنما بالمصاريف.. فضرب والدي عليه الرحمة كفاً بكفٍ وقال «يعني أولاد المساكين ما يقروا» فتمت «زحلقتنا» ونحن لم نتجاوز سن الحادية عشرة إلى الخرطوم، حيث المصاريف المدرسية أضعاف أضعاف تلك المصروفات التي أخرجتنا من مواصلة دراستنا بالقولد الوسطى.. تلك المدرسة الشهيرة التي خرجت المشاهير والعلماء من أبناء السودان. أقول هذا وبالأمس أحرز ولدنا محمد صابر محيي الدين إدريس في حفل تخريج الشرطة المركز الأول في المساق الأكاديمي، وإن كنت أرغب في أن يتفوق في الرماية لأنه سليل رماة الحدق، إلا أن أبناء القولد أيضاً يتمتعون بالتفوق الأكاديمي وورثوا الرياضيات والكيمياء منذ عصر الفراعنة، حيث استخدموا تقنية التحنيط التي يعجز العلم الحديث عن التوصل إلى كنهها وفك طلاسمها حتى الآن.. كما أن تقنية بناء الأهرامات تحتاج إلى علم الرياضيات والهندسة المدنية. التحية للمزارع صابر محيي الدين.. والتحية لمحيي الدين إدريس بهذا التفوق الرائع لابنهم محمد.. والتحية لكل المتفوقين من أبناء السودان.. مخرجات ثورة التعليم العام والعالي.