صدر هذا الكتاب عن المركز العالمي للدراسات والبحوث بالخرطوم. وهي عبارة عن رسالة ماجستير مقدمة من الباحثة شاهيناز نصر الدين وقد قامت بتقديم فذلكة تاريخية عن التمثيل الدبلوماسي في العصور القديمة في الحضارة الفرعونية القديمة والنوبية «ولقد تميز الأمراء النوبيون الخاضعون لسلطان الفرعون بمعرفة لغة أو لغات القبائل التي كان إليهم زيارتها. وأنهم كانوا أكثر سفرًا للخارج مع النبلاء المصريين في بعثاتهم وحملوا ألقاب المترجمين وهي لفظة أمير عوا . وكذلك اهتمت المدن اليونانية بأمر اختيار الرسل المفوضين وبمستواهم مما أدى لتكوين مجموعة قواعد لتنظيم الشؤون المتعلقة بهم وبالحصانات والامتيازات هذه صور عامة للتطور التاريخي للقانون الديبلوماسي حتى وصل الى شكله الحالي. وفي عصر الجاهلية كان القتال المستمر بين القبائل سببًا في انتفاء إرسال الرسل والوفود الديبلوماسية.. وجاء الإسلام وأحدث ظهوره في القرن السابع الميلادي تغييرًا جذريًا على غايات السفارات التي كانت في عصر الجاهلية حيث إنها كانت غايات اهتمت بتوطيد أواصر العلاقات التجارية.. أما السفارات في الإسلام التي بدأت في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد غلب عليها المفهوم الديني في أول عهد الإسلام. وقد كان منطلق الدعوة من أم القرى وكانت وسيلة السفارة في الدعوة إلى الإسلام ونشرها هي الحكمة والموعظة الحسنة. ويواصل البحث تطور العمل الديبلوماسي في الدولة الإسلامية من عهد الخلفاء الراشدين مرورًا بالدولة العباسية والأموية وحتى عصر الدولة الفاطمية في مصر والمغرب. يستمر البحث في تتبع تطور الديبلوماسية في مفهومها التاريخي واللغوي وبالنسبة لتعريفها المتفق عليه فهي «فن تمثيل الحكومة ومصالح الدولة لدى حكومة بلد أجنبي وتضمن بذلك السهر على احترام حقوق الدول وإدارة العلاقات الخارجية طبقًا للتعليمات المرسلة والقيام بالمفاوضات الديبلوماسية» وتتعرض الباحثة بعد ذلك بالتفصيل إلى أهمية الديبلوماسية في العلاقات الدولية ومن ثم شروط قيام المسؤولية الدولية وآثارها في الحماية الديبلوماسية. وقد أسهب البحث في توضيح دور الديبلوماسية في تسوية المنازعات الدولية والتي غالبًا ما تكون وسائل سلمية منها الوساطة والمساعي الحميدة ولجان التحقيق المنصوص عليها في اتفاقيتي لاهاي ثم التوفيق بين الدول. وتفرد الباحثة فصلاً كاملاً عن التبادل الديبلوماسي مثل حق إرسال الرسل واستقبالهم من الطرف الآخر. ثم تطرق البحث إلى التكيف الشرعي للسفارة الإسلامية وكيفية التعيين فيها والحاكم هو المسؤول عن التعيين.. في هذا المجال. تطرق البحث كذلك إلى وظائف السفارة الإسلامية ومن ثم أيضًا واجباتها والتي يجب فيها على السفير أن يكون نموذجًا على الخلق الإسلامي، وقد عرف البحث ماهي البعثة الديبلوماسية ومن هو المبعوث الديبلوماسي؟ ومن ثم ما هو أساس الحق في إرسال واستقبال البعثة الديبلوماسية.. فالبعض من الفقهاء يرى أن تبادل البعثات الديبلوماسية التزام دولي يمنح كل دولة الحق في أن تتصل بالدول الأخرى: والثاني ينفي وجود هذا الحق لأن الدولة بما لها من استقلال وسيادة على إقليمها تستطيع أن تمنع أي اتصال بينها وبين الدول الأخرى أو أن تسمح به. إن من أهم ما جاء في تعريف وظائف وواجبات البعثة الديبلوماسية فالبعثة تعمل على تمثيل الدولة الموفدة في تقريب وجهات النظر بين الجانبين ومن وظائفها إرسال التقارير عن الأحوال التي تهم دولته سواء من الوجهة الداخلية أو الدولية. وتطرق الفصل الثالث في الكتاب إلى الحصانات والامتيازات الديبلوماسية في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام. لقد قرر الإسلام حصانة المبعوثين الديبلوماسيين منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا لقول النبي «صلى الله عليه وسلم» لرسولي مسيلمة «لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما»، فأصبحت قاعدة ديبلوماسية ثابتة. والذي جعل هذه الطبيعة الملزمة هو أن ذلك يعتبر انعكاسًا لمصادر الشريعة الإسلامية الدينية الخالصة وأحكامها التي تنظم امور الدين والدنيا معًا فهي شريعة منزلة من عند الله سبحانه وتعالى الحاكم والسلطان والخطاب فيها موجه للبشر كافة والثواب والعقاب في يد الحاكم الرباني ومفهوم القوة الإلزامية فيها يختلف عن مفهومها في القوانين الوضعية. في الفصل الرابع والأخير تطرق الكتاب الى قانون السلك الديبلوماسي السوداني للعام «1998م» وهذا القانون يعرف كل ما يمت للقوانين والأعراف الديبلوماسية وهو يعتبر مواكبًا لكل المستجدات فيها. وفي رأيي أن الكتاب جد مفيد لأهل الديبلوماسية والقانون الدولي العام وقد كان البحث رصينًا في منهجه وفي استشهاده بالمراجع المتخصصة الدقيقة.