فكر الكثير من السودانيين في الهجرة بعد أن ضاقت بهم المعيشة واضمحلت سبل كسب العيش بالسودان، والملاحظ للأمر يرى أن معظمهم خريجون ضاقت مواعين العمل أن تسعهم فانحسرت الوظائف وشملت بعضهم، في ذات الوقت الذي وجد البعض الآخر نفسه مسجل تحت رقم جديد في دفتر البطالة.. وحتى الذي وجد عملاً فإن دخله الشهري أقل من تلبية طموحه، فكان لا بد من الهجرة وحتى لو اضطره الأمر لشغل وظيفة دون مستوى دراسته الجامعية لأن العائد المادي وحده هو ما يهم معظم المهاجرين بغض النظر عن المهنة التي سيمتهنونها.. وحسب التقارير والإحصاءات فقد وُجد أن المملكة العربية السعودية سجلّت أعلى نسبة للسودانيين المهاجرين بالخارج؛ حيث تساوت مع مجموع كل السودانيين المهاجرين بالدول الأخرى، وبهذه النسبة العالية أصبحت قبلة يومية للمهاجرين من السودان.. نقاء الذمة يسبق التعيين دائماً ما تسبق صفات السودانيين كالصدق والأمانة إلى دفاتر البحث عن موظفين، فالسودانيون يشغلون جميع الوظائف بالمملكة السعودية، ولكن نجد أن الطبية منها وبكل تخصصاتها تأخذ حيزاً كبيراً، ثم تأتي وظائف المحاسبة؛ فمعظم الشركات الخاصة تميل إلى تعيين المحاسب السوداني حتى أن بعضًا منها «أي الشركات الخاصة» تميل في شروطها عند طرحها لوظائفها يفضلون السودانيين لما عرفوا به من تفانٍ ودقة وإخلاص في العمل.. وعند تزايد عدد الأجانب بالسعودية خصوصاً السودانيون وتسنمهم لأرفع الوظائف أصدرت المملكة العربية السعودية قراراً بشأن توطين الوظائف وتم تقسيم الشركات إلى ثلاث شرائح، حسب نسبة السعودة فيها «أحمر وأصفر وأخضر»، فشرعت دائرة الإقامة والجنسية في السعودية فعلياً بعدم تجديد إقامات العاملين بالشركات التي لم تلتزم بنسبة السعودة. وكان وزير العمل السعودي قد بيّن في تصريح له أن «90%» من العاملين في القطاع الخاص غير سعوديين، وفي ذات الوقت يوجد نحو نصف مليون «من السعوديين» عاطل عن العمل.. أن دول الخليج بما فيها السعودية وقعت اتفاقاً دولياً تُقر فيه الدول الموقعة عليه بأنه في حال بقاء العامل الوافد لفترة تصل بين «5 و6» سنوات يتحول لعامل مهاجر، ولا يحق للدولة التي يعمل بها إجباره على المغادرة، كما أن له الحقوق السياسية الممنوحة للمواطن ذاته.. السودانيون لكل المهام ٭٭ ابتدرنا لنا الحديث يوسف النور رئيس قسم المحاسبين بمؤسسة حزام الأمان للخدمات المرورية ووكالات التأمين بقوله إن السودانيين في السعودية يمارسون كل المهن، طب، هندسة، محاسبة إدارة يوميات تربية مواشي تجارة. وأكد أن الموظف السوداني مرغوب فيه من قبل أصحاب العمل لأمانته واهتمامه بالعمل، أما سعودة الوظائف فهو للمهن الحكومية غالبًا وبعض المهن كالتمريض على حد قوله.. ٭٭ أما أبو البراء قاسم فيوافق يوسف الرأي ويؤكد أن السودانيين يمارسون كل المهن تقريباً، ولكن أكثر المهن امتهاناً هي المحاسبه المالية، أما الوظائف والمهن المُسعودة فهي تشمل بعض المهن الحكومية وأخرى حسب ما تناقلته وسائل الإعلام المقروءة، كما أن هنالك أحاديث عن إلغاءأو تعديل نظام الكفالة على حد قول أبو البراء.. ٭ أما حافظ علي فيقول: إن السودانيين يمارسون مهنًا كثيرة بالسعودية فمنهم الدكتور الجامعي والطبيب المهندس المحاسب وكثير من المهن المكتبية المتعلقة بالكمبيوت ، بالإضافة إلى أن هناك فئة كبيرة من العمالة في مجال الميكانيكا وقيادة السيارات الثقيلة والخفيفة بأنواعها وغير ذلك من الأعمال الحرة، إلا أن الحكومة اتجهت أخيراً لسعودة بعض الوظائف والمهن، كما أنها اتجهت لسعودة محلات الخضار والفواكه ووظيفة الحراسات الأمنية وسائقي البصات وحافلات النقل أيضاً.. إذن تبقى القضية شائكة ومعقدة وتحتاج إلى إجراءات مقننة بين البلدين في إطار العلاقات المشتركة والمصالح التي تجمعهما اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.