عبر عدد من المغتربين السودانيين عن انزعاجهم من قرار اصدرته وزارة العمل السعودية يتم بموجبه خصم مبلغ «200» ريال شهرياً من أي عامل اجنبي طالما كانت المؤسسة التي يتبع لها بها عدد اجانب اكثر من السعوديين، وطالبوا الجهات المعنية بمراجعة القرار الذي يلحق اضراراً بالغة بأصحاب الدخل المحدود. ويأتي انزعاج كثير من السودانيين الذين تقدر اعدادهم بنحو مليون نسمة، باعتبارهم يتبعون لمؤسسات وشركات اغلب العمالة فيها من الاجانب بسبب طبيعة عملها، وبالتالي يدخلون تحت مظلة دافعي الرسوم، حيث اشاروا في افاداتهم ل «الصحافة» إلى ان المؤسسات التي يتبعون لها لن تلتزم بسداد هذه الرسوم، وسيكون امامهم ترك عملهم والا الالتزام بسداد الرسوم، فيما تعالت شكاوى الذين يعملون في مجال الاعمال الزراعية والرعاة وعمال المباني والورش الذين يرتبطون مع «الكفلاء» فقط بتجديد الاقامة نهاية العام. وقال حسب الرسول الفكي: لو قدر لهذا القرار ان يطبق فإن كثيراً من العمال سيراجعون امر غربتهم، خاصة الذين تتراوح مرتباتهم بين 1000 800 ريال، باعتبارهم اصلاً يعانون من ارتفاع اعباء المعيشة والسكن، واذا اضيفت لهما «200» ريال فإن الامر لن يجدي أبداً. وقال زين العابدين مصطفى الزين: «لقد صدرت خلال الفترة الماضية كثير من القرارات ضمن ما يعرف باسم برنامج «نطاقات» الخاص بالسعودة، وهي قرارات ترمي لتوطين الوظائف، ونحسب ان ذلك من حق البلد المضيف بأن يصدر ما يتوافق مع مصالحه، غير أن قرار وزير العمل السعودي الاخير قد جاء مجحفاً بحق الاجانب، لأن الشركات لن تدفع ريالاً واحداً باعتبار ان ذلك سيكلفها اموالا طائلة، وبالتالي يقع العبء على المقيم الاجنبي، خاصة السودانيين الذين يعملون في مهن متواضعة بمرتبات زهيدة». وطالب اسماعيل نور الدين بأن نحاسب حكومة بلادنا قبل ان ننتقد أية جهة اخرى، لأن «حكومتنا» هي التي رمت بنا في المهاجر المختلفة، حتى نقوم على اعالة اسرنا بالسودان، وأضاف قائلاً: «بصدور هذا القرار اصبح واجباً علينا ان نسدد سنوياً مبلغ «2400» ريال، وهو مبلغ فوق طاقة كثير منا، خاصة اننا حينما نرسل المصاريف الى أسرنا لا نبقي الا على ما يعننا فقط على العيش والسكن». وتوقع محمد الرشيد أن يتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ويلغي قرار وزارة العمل الذي دخل الى حيز التنفيذ اعتبارا من يوم 1 محرم 1434ه، وسيكون تدخل المملكة لصالح الاقتصاد الوطني، حيث هناك مئات من المؤسسات والشركات التي ستتضرر من القرار الى جانب ملايين العمال. وفي موازاة ذلك شكل القرار صدمة لرجال الاعمال السعوديين، باعتبار أن اضراراً كبيرة ستلحق بهم قبل ان تلحق بالمقيمين الاجانب، وقال ناصر الهاجري: «إن القرار ستكون له آثار سلبية على مسيرة الاقتصاد السعودي بشكل عام وعلى قطاع المقاولات بشكل خاص، باعتبار أن هناك كثيراً من المهن بهذا القطاع لا يمكن ان يقوم بها سعودي، بل الذي يتقنها هو الاجنبي، لكونها وظائف متدنية». ويرى محمد البشرى أن ما يحدث الآن يعتبر «تخبطاً» من قبل وزارة العمل، وهو أمر لا يدعو أبداً للتفاؤل، وهو مؤشر خطير جداً، وستكون له آثار سلبية على النمو، وسيزيد من معاناة الدولة من ناحية تعثر المشروعات التي تعاني اصلا، ليجيء هذا القرار المفاجئ ليقضي على امل إصلاحها. وانتقد محمد يوسف العجلان القرار ووصفه بأنه يعتبر واحداً من اسوأ القرارات غير المدروسة، وهو يفضي الى تجفيف المؤسسات من العمالة الأجنبية التي تقوم بأعمال لا يوجد سعودي يمكن ان يقوم بها، من منطلق النظرة الاجتماعية السائدة في المملكة لكثير من الأعمال. وقال مسفر السعيد إن قرار وزارة العمل برفع تكلفة العمالة الوافد وجعلها «2400» ريال يتحملها صاحب العمل عن كل عامل اجنبي تحت كفالته، مبيناً ان الوزارة اصدرت قبل عام برنامج نطاقات لتحقيق السعودة، لكنها لم تفصح عن نتائج هذه البرنامج قبل ان تصدر قراراً بفرض رسوم جديدة. وكان وزير العمل السعودى المهندس عادل فقيه قد تحدث كثيراً عن واقع العمل ببلاده، وقال: «فى السعودية نحو ثمانية ملايين أجنبى، منهم ستة ملايين يعملون فى القطاع الخاص»، مبيناً أن «90%» من العاملين فى القطاع الخاص غير سعوديين، وأن العمالة الأجنبية فى المملكة تقوم سنوياً بتحويل «100» مليار ريال الى بلادها، فيما يوجد ببلادنا نصف مليون سعودى عاطل عن العمل». وسارع مجلس الغرف السعودية بعقد اجتماع مع الوزير السعودي لبحث تداعيات القرار، حيث تم الاتفاق على أن يقوم مجلس الغرف بدعوة اللجان القطاعية لديه لدراسة القرار، والتأثيرات المحتملة على التكلفة، دون إضرار بالأطراف المعنية، على أن تتقدم اللجان باقتراحات عملية لكيفية التعامل مع الالتزامات التعاقدية التي سبقت القرار، وكيفية تأثر جميع الأنشطة التجارية المختلفة به. وأبدى وزير العمل السعودي تفهم الوزارة لوجهة نظر رجال الأعمال، مشدداً على أن التعويض وفق ضوابط ومعايير معينة مقبولة من حيث المبدأ، ومتبعة وسبق تطبيقها، مبيناً أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله حريصة على معالجة مثل هذه الأمور، بما يحقق العدالة في كل أمر، ومنها هذا القرار إذا تبيّنت جوانب مبرّرة ومنطقية، لطبيعة عمل النشاط التجاري وارتباطاته وعقوده.