إذا كانت السلطات الثلاث المعروفة عند أهل الشريعة وأهل الوضيعة.. لا شأن لها بما يجري في الكهرباء.. فإن السلطة الرابعة لا تستطيع أن تسكت وتصمت .. لأنها ولسبب بسيط لا تستطيع أن تدفع فاتورة الصمت والسكوت مثلما أنها لا تستطيع أن تدفع فاتورة الكهرباء. فاتورة الكهرباء الجديدة والمسكوت عنها والمختفية أو المتنكرة والتي أريد لها أن تمر دون أن يحس بها أحد دلّلت بهذه المحاولة التي تثير الشفقة أنها لم تصدر من رجل دولة.. أُصيب الكثيرون بالصدمة وهم يحاولون شراء الكهرباء يوم أمس الإثنين.. وفوجئوا بالزيادة الضخمة التي اضطروا لدفعها من أجل الحصول على لمبة من الكهرباء أقل من التي اعتادوا الحصول عليها بذات المبلغ من قبل!! هنالك ثلاثة أسئلة نوجهها للسيد وزير الكهرباء والسدود نرجو منه الإجابة عنها!! السؤال الأول: يا سيدي الوزير ما هي الجهة المختصة التي أجازت هذه الزيادة؟ هل هي وزارة المالية؟ هل هي المجلس الوطني؟ هل هي مجلس الوزاراء؟ هل هي وزارة الكهرباء والسدود؟ أم لعل وزارتكم تعمل بدون مؤسسية؟ شأنها شأن مراكز القوى.. وهو تعبير شرق أوسطي اشتهر وتدوول هذه الأيام!! السؤال الثاني: إذا كانت أموال الكهرباء أصلاً يجرى تحصيلها بدون إيصال «15».. أي بدون ولاية جهة الاختصاص في الدولة.. أي أنها كلها أموال مجنّبة.. فلماذا تحتاج الوزارة إلى مزيد من مال التجنيب؟! السؤال الثالث: ما مقدار الأموال التي ظلت تتحصلها الوزارة وزارة الكهرباء «لأقرب ألف جنيه» من المواطنين قبل الزيادة الأخيرة؟ وبعدها؟ ونرجو أن تشمل الإجابة المدة منذ بداية التجنيب وإلى يومنا هذا؟ وفي انتظار إجابة السيد الوزير ننقل إلى القراء بعض الذي وردنا من بعض المواطنين.. مواطن يسكن كرري الحارة «19» ذهب لشراء كهرباء بعد أن استنفد الحصة المدعومة «200*15) دفع مبلغ «52» جنيهًا وتحصل على 80 كيلو وات. وكان في الماضي يحصل على 200 كيلووات ولما سأل أخبروه أن الفئات تغيرت.. بالنسبة لهذا المواطن وبهذا السعر إذا أراد أن يشتري «200» كيلووات فسوف يشتريها بمبلغ «130» جنيهًا أي أن الزيادة «150%». ولكنهم أفهموه أن ال «200» كيلووات بعدم المدعوم بسعر 26 وال 200 بعدها بسعر 65 وال 200 بعدها بسعر آخر. مواطن آخر اشترى بعد المدعوم «186» كيلو وات.. ولسبب يعلمه موظف الكهرباء جاءت الفاتورة على ثلاثة طرق حساب 24.9 + 105.8 بسعر 26 55.5 بسعر 65 وتبين أن الحساب كالآتي: كمية «200» كيلووات بعد المدعوم مقسمة إلى قسمين القسم الأول 70% منها بسعر 26 القسم الثاني 30% منها بسعر 65 هذه الحسابات تضع المواطن مع الإدارة في إشكالية يجب أن يعثر لها على حل وهو بيان الفئات بصورة واضحة حتى يعلم المواطن مقدار العبء الجديد الذي عزمت وزارة الأخ أسامة تحميله له بدون إذن منه ولا إذن من المجلس الوطني ولا مجلس الوزراء ولا وزير المالية.. هذا إن لم يكن كل ذلك قد حدث دون أن يسمع به أحد ودون أن ينشر أو يذاع أو يعلن!! إن النظر إلى هذه المبالغ التي تجيء في دائرة الكهرباء وحدها وهي دائرة متسعة جداً ولا يفلت منها أحد يؤدي بنا إلى نظرة متشائمة جداً جداً وهي أكثر تشاؤماً من النظرة التي عبر عنها الدكتور عادل عبد العزيز في لقاء مع جمعية حماية المستهلك حيث عبر هو وآخرون أن حجم المال الذي يورد في الميزانية منسوباً إلى الإيرادات الكلية لا يزيد على «10%» أي أن التجنيب قد يصل إلى «90%». هذا الذي يجري في الكهرباء يدل على أن هذه الرؤية ليست بعيدة عن الواقع.. ويترتب على ذلك أن كل شكوى من ولاة الأمر حول الضائقة المالية وأزمة الإيرادات لا ينبغي أن يلتفت إليها أبداً. وأما ما ورد على لسان الأخ د. عادل عبد العزيز من أن التجنيب بهذه الطريقة يعد جريمة جنائية فأنا أقول ليته يقف عند هذا الحد.. فهذه الجهات التي تجنب.. وتستقطع ما هي إلا عبارة عن مراكز قوى ومراكز القوى يمكن بطريقة منهجية أن نثبت أنها بلاغيًا تعادل «عصابات» فهذا إذن نهب مسلح ويستهدف المقومات الحيوية للإنسان «النفس والمال والدين والنسل والعقل» وهي بهذا الفهم تخرج من إطار جريمة جنائية إلى جريمة حدية. والتجنيب لو صح أنه سرقة فهو جريمة جدية دعك من أن يدخل في باب «الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً». وأنا لن أقول لهؤلاء الذين يجبون المال من غير محله ويضعونه في غير محله.. لن أقول لأحدهم اتق الله!! لأن الباطش المدني لو قلت له «اتق الله» إذن لتورم أنفه.. وانتفخت أوداجه.. واستطال وتمدد.. وظن أنه لن يقدر عليه أحد ولن يطوله في الدنيا حساب وإلا لما قيل له اتق الله.. ولسوف يتمادى في غيه وظلمه وتجبره. وخير له ألف مرة أن تقول له.. اتق الثورات.. اتق الفيسبوك.. اتق الحشود.. اتق الشباب.. اتق المظاهرات.. اتق الاعتصامات.. ولكن الظالم البدائي الذي يأكل مالك ويجلد ظهرك يمكنك أن تقول له اتق الله.. فلربما دمعت عيناه وأجلسك معه على السرير..