٭ إذن هاهي الحكومة وأخيراً تلعب «بولتيكا».. وتتحدث في الإعلام عن أنها ستفاوض حكومة جوبا حول ملف «النفط» المستخرج من دولة جنوب السودان والذي كان يمر عبر السودان، وأن ملف الأمن يأتي أمر حسمه كضرورة يقتضيتها مرور النفط من دولة إنتاجه إلى الأسواق العالمية عبر السودان وسط حالة استقرار أمني مستدام.. أي أن إضاعة الوقت في الملف الأمني قبل استئناف ضخ النفط يعني استمرار معاناة شعبي السودان وجنوب السودان، وخاصة الأخير الذي يشعر بأشد الحاجة إلى ربيع إفريقي يتعظ به القادم إلى الحكم في جوبا، فهكذا يتعلم الحكام من سلبيات أسلافهم أحياناً. وإن كانت هناك مماطلة وتعنت من قبل حكومة جوبا في قاعات التفاوض بإثيوبيا فالأفضل أن يكون بشأن ملف البترول، حتى ولو استمر التفاوض عاماً كاملاً بعد تمديد مدة مجلس الأمن في ظل القرار «2046» الصادر منه حول قضايا الدولتين. حكاية الأمن مع دولة تحكمها الحركة الشعبية ليس من الحكمة أن تعطي الأولوية باعتبار أنها لا تتمتع بمصداقية تؤهلها للثقة بها، لكن التفاوض حول النفط أولاً فهو الأنسب لأنه سيكون يوماً من الأيام يدها التي «توجعها» وتؤلمها حينما تمسك منها، فموضوع النفط لا يحتاج إلى مصداقية منها لأن نقضها لأي عهد حوله ستكون هي المتضرر الأكبر.. وهي تقول إن الحكومة السودانية شرعت في أن تأخذ استحقاقاتها القديمة من عبور النفط في شكل مصادرة كميات منه مقابل الرسوم التي لم تُسدَّد.. وتقول لذلك قمنا بوقف إنتاجه. لكن لماذا لم تف حكومة جوبا بما عليها من رسوم لحكومة السودان حتى لا تضطر الأخيرة لأخذها بطريقتها آنفة الذكر ولا تضطر جوبا لوقف الإنتاج لتعرض الشعب هناك لمأساة اقتصادية وخدمية؟! . وهذه تساؤلات نطرحها حول غير الذي يدور من وراء الكواليس فحول ما وراء الكواليس أسئلة معينة طبعاً.. وهنا علينا بالظاهر من مواقف حكومة جوبا. والأمر غريب في حكومة جوبا، فهي قد أقدمت على وقف النفط لتعطل تدفق ثلاثمائة وخمسين ألف برميل يومياً في فترة طويلة مازالت مستمرة وكان الأفضل أن يستمر تدفق النفط لتسدد ما عليها من رسوم عبوره إذا كان بالفعل محور اهتمامها هو المواطن.. لكن هنا تكون الأسئلة كما أسلفنا حول ما هو وراء الكواليس.. فهل كان الزهد في تدفق ثلاثمائة وخمسين ألف برميل نفط يوميًا وبالتالي تعرض شعب الجنوب للمعاناة بل لمزيد من المعاناة هل كان في سبيل إسقاط الحكومة في الخرطوم؟!.. إذا كانت الإجابة بنعم فما ذنب شعب جنوب السودان حتى يدفع هو ثمن إسقاط حكومة أجنبية؟!.. هل يتضرر هو من هذه الحكومة؟!.. إذا كان المتضرر من وجودها عرمان وعقار والحلو، فما علاقة شعب الجنوب بهم؟!.. ولماذا يكون شعب الجنوب هو الضحية لتحقيق مصالح هؤلاء المتمردين؟!. إن الوصول إلى اتفاق بشأن استئناف ضخ النفط سيأخذ وقتًا ربما طويلاً، وهذا كله في غير صالح المواطن الجنوبي في الدولة الوليدة، وحتى الوعد الإسرائيلي الذي رشح مؤخراً في الإعلام باستعداد تل أبيب لتكرير النفط الجنوبي في إسرائيل لا يمكن الرهان عليه. فكل ما يهم إسرائيل في إفريقيا هو مشروع التطبيع لتحقيق مكاسب أمنية واقتصادية. وإسرائيل نفسها تفهم أن أغلب الحكومات الإفريقية غبية جداً لا تعرف الأسلوب البراغماتي لصالح الدولة ولا تعرف حدود التعاون مع الدول الغربية زائداً الكيان الإسرائيلي.. فما معنى التعاون والتآمر والتواطؤ مع هذه الدول إذا كان الشعب سيتضرر والدولة تتخلف زمنًا طويلاً عن ركب الدول؟!.. المهم في الأمر هو أن لا تجوع شعوب إفريقيا وتمرض وتعاني من أجل شعوب أوروبا وشعب إسرائيل هذا ما ينبغي أن يفهمه كل حاكم إفريقي. ٭ أما ذيول حركة قرنق في السودان أي الحركة الشعبية «قطاع الشمال» فلابد من أن تواجه بالحسم الميداني لحفظ الأمن وكذلك تواجه بالنقاش الموضوعي لإحراجها وإحراقها وهذا أيضاً مطلوب.. ثم ما معنى «قطاع الشمال»؟! أي شمال؟! أما كان الأحرى أن تكون التسمية قطاع الجنوب الجديد في السودان؟!. هذا بعد الانفصال.