وصل الشعب السوداني بجميع قطاعاته جهوياً وفئوياً، رجالاً ونساء، يمينًا ويسارًا، معارضة بمختلف أطيافها، طلابًا وعمالاً، زراعًا ورعاة، مثقفين وشماسة، جيشًا وشعبًا، وصلوا جميعاً دون استثناء أن هناك سرًا كبيرًا يجعل أهل الحكم والسلطة دائماً في حالة تنازل ودائماً في حالة دفاع ودائماً في حالة بحث عن تبريرات لقراراتهم. سر جعل تحركاتهم بطيئة ضعيفة في المحافل الدولية، وحججهم واهية أمام الفضائيات، ووفودهم تائهة في المفاوضات. { نهاية الأسبوع الماضي خرجت الصحف ومقالات كتاب الأعمدة وهي تتساءل ما هو السر؟! { أصبحت المسألة بعد موقف الحكومة في المفاوضات وقبولها بالجلوس للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال لتحرير السودان «التفاوض مع عقار وعرمان والحلو» ليست مسألة أسباب بل هي مسألة أسرار. { ولكن ما هو السر؟ { جاء في أحد المقالات التي أشرنا إليها أن كاتب المقال يسأله رجل حريص على الإنقاذ ومن رجالها قائلاً ما هو السر وراء هذا الانبطاح؟؟ { وكاتب آخر قال ما لم يقله مالك في الخمر وتندر!! وأصبح الناس تتساءل ما هو السر يا وطني؟ { بعد اتفاقية نيفاشا كانت تساؤلات الناس تقول ماهي الأسباب لتي جعلت الحكومة تستجيب لكل مطالب الحركة الشعبية لتحرير السودان؟ وكانت مطالبها: { انسحاب القوات المسلحة من الجنوب وتقول الحكومة «وجب» { انفراد الحركة الشعبية بالحكم في الجنوب مع المشاركة بنسبة كبيرة في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات. ويقول مفاوضنا «حاضرين» { التنازل لرئيس الحركة الشعبية عن منصب النائب الأول.. والطلب يقبل وبأريحية. { القبول بدخول قوات الحركة الشعبية للعاصمة القومية وبسلاحهم «وقد حدث». { القبول بإضافة جنوب كردفان والنيل الأزرق لمشكلة الجنوب «وحدث ولا حرج» { وغير ذلك كثير، كان السؤال ماهي الأسباب وحتى ذلك الوقت وبعدها لم يقل الناس ما هو السر؟ وتبرير الحكومة ومفاوضيها دائماً، إنه مهر السلام!! ويقولون لكل سائل عن الأسباب إنه من أجل السلام وحقن الدماء، ويضيفون فليذهب المال والسلطة والسيادة إلى الجحيم؟! والسيادة فقدت عندما انسحب الجيش من الجنوب؟ وظل السؤال قائمًا وقتها ما هي الأسباب الحقيقية إذ أن ما قالته الحكومة ومفاوضيها تبريراً لم يكن مقنعاً والشاهد على الأرض يجد أن: { ليس هنالك سلام على الأرض { ولا دماء حقنت. { ولاحكم استقر. { ولا سيادة بقيت. وعاش الشعب السوداني أسوأ ستة أعوام في تاريخه الحديث. ستة أعوام كل عام منها بعقد من الزمان ألماً وخوفاً وحرباً ودماء. ستة أعوام بدأت من أول شهر فيها بالاثنين الأسود الذي سودت الحركة الشعبية فيه صفحات العلاقات بين الشمال والجنوب وجعلتها منذ ذلك اليوم قائمة على الحقد والكراهية والتربص. { ستة أعوام قامت على التشاكس والتآمر، والحكومة تعطي وتتنازل وتراضي والناس تتساءل ما هي الأسباب؟ { انفصل الجنوب وظنت الأمة أن هذا هو السبب؟! وإذا عُرف السبب بطل العجب!! ولكن هل كان ذلك هو السبب؟ وهل وقف بعده التآمر والعداء؟ وهل حُقنت الدماء وجنى الناس السلام؟؟ { وأيقن الناس أن الأمر ليس مسألة أسباب بل الأمر خلفه أسرار وأصبح السؤال ما هو السر؟؟ وليس ما هو السبب؟؟ { أخي القارئ الكريم هل يعقل أن يفهم «ود مقنعة» أو يقبل بما يجري في أديس أبابا من حوار بين من يُدعى قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال؟؟ هل يقبل ود مقنعة مالي هدومه بأن يصبح قائد الدمازين الذي تآمر عليه عقار أن يصبح مرة أخرى تحت قيادة ورئاسة مالك عقار أياً كان وضعه؟؟ هل يقبل من فيه حبة نخوة أياً كان وضعه أن يأتي عبد العزيز الحلو يقدل في جنوب كردفان حاكماً أو وزيراً أو نائب لرئيس الجمهورية وينال شرف التحية من حرس الشرف من صناديد الهجانة؟ وهل نقبل؟؟ وهل يقبل؟؟ وهل يقبلن؟؟ { يا أهل السلطة كيف تحكمون؟؟ { أليس بينكم ود مقعنة وود عز جده عثمان دقنة أو عمه ود النجومي أو حبوبته مهيرة بت عبود؟؟ { يا أهل الحكم كيف سيكون لكم وجه تقابلون به ناخبيكم في المستقبل وانتم كل يوم تتنازلون من خطابكم ومن أقوالكم؟ { كيف سيقبل بكم الناس وهذا حالكم أمامهم؟ { وكيف سيرضى عنكم الناس وهم في شدة من المعيشة وانكساركم أمام الخصم وضعفكم في التفاوض؟ { كيف سيقف معكم الناس كما وقفوا من قبل وهم لا يثقون في خطابكم ولا في أقوالكم ولا في وعودكم؟؟ { ماذا حل بكم وأنتم تتجاهلون سندكم الحقيقي وتقبلون بما هو أدنى؟؟ وهل أدنى أيها القارئ الكريم من أفعال عقار في جنوب النيل الأزرق؟ وهل أحط من تصرف الحلو في جنوب كردفان؟ وهل أخس من تآمر ياسر عرمان على السودان في الغرب؟ { هل نسيتم يا أهل السلطة بطولات رجال معركة هجليج يوم التقى الجمعان؟ { وهل نسيتم معركة السرف يوم سلوك عبد العزيز الحلو الخسيس وما تبعها من معارك في بحيرة الأبيض وتلودي والقردود؟ {وهل نسيتم قائد الدمازين وهو يتصدى لفلول مالك عقار وحشوده في الكرمك وقيسان؟ ويبقى السؤال لماذا عاد عقار والحلو وعرمان للتفاوض بعد أن كانوا يملكون كل شيء في أقاليمهم وحطموا كل شيء بأيديهم { هل جاءوا من أجل السلام والاستقرار والأمن؟ { لماذا يفرض مجلس الأمن عودتهم للمفاوضات بقرار أممي؟ { ما هو السر في قبول الحكومة للجلوس معهم بعد رأي الشعب السوداني فيهم؟ { لماذا بدأوا المفاوضات بفتح ممرات الإغاثة؟ { وما هو نوع الإغاثة التي يريدونها لقواتهم؟؟ { وأخيراً هل وضع وفد التفاوض هذه الأسئلة والنقاط في حساباتهم؟؟