حوار: يوسف الجلال – عبير عبد الله – تصوير: ابراهيم حسين دافع أمين الفكر بالمؤتمر الوطني, الوزير برئاسة الجمهورية الدكتور أمين حسن عمر عن نية حزبه رفع الدعم عن المحروقات. وشدد على أن الواقع الاقتصادي يحتم الخطوة. ورأى في حواره مع «الأحداث» أن الاتجاه لرفع الدعم عن المحروقات يأتي في سياق جملة من المعالجات الاقتصادية, لتلافي الأزمة التي ترتبت على انفصال جنوب السودان, وقطع عمر في سياق آخر بأن ظهور رئيس الحركة الشعبية بالشمال مالك عقار وأمينها العام ياسر عرمان في أديس أبابا لا يعنيهم في شيء, منوهاً إلى أن وجودهما جاء بدعوة من الوساطة وقال: «إنهم لم يجلسوا على طاولة المفاوضات بل فقط هنالك مشاورات.. إذا كانت الوساطة أو غيرها استدعاهم للتشاور فهذا لا يعنينا», وزاد يقول: «ليس هنالك من يملي علينا أن نتفاوض مع مواطنين سودانيين», لافتا إلى أن الحكومة لن تتفاوض مع أي مواطن سوداني مالم يضع السلاح ويعود إلى أرض الوطن. وأردف قائلا: «اذا حدث ذلك سنتعامل معهم كمواطنين سودانيين نتفق معهم أو نختلف», ورهن أمين الفكر بالمؤتمر الوطني حوار الحكومة مع عقار وعرمان بفك ما أسماه ارتباطهما العضوي بدولة جنوب السودان, علاوة على عودتمها إلى أرض الوطن, وتأسيس حزب وطني ليس له أيما ارتباط بدولة جنوب السودان, ومضى يقول: «عقار وعرمان والحلو هم الآن مجرد أعضاء في حزب أجنبي وفي دولة أجنبية, ويريدون التفاوض والتحدث باسم حزب أجنبي ودولة اجنبية, وهذا وضع مرفوض من حيث المبدأ», مشيرا إلى أنه حال تخليهم عن السلاح وعودتهم إلى السودان فإن الحكومة ستفكر في الطريقة التي يمكن أن تتفاوض بها معهم. وزاد: «هم كيان وجزء من حزب أجنبي والجزء المسلح منه جزء عضوي من جيش أجنبي ولا يتوقع منا أحد أن نتفاوض معهم», مشددا على أن مفاوضي حزبه لن ينتقلوا للحوار حول أيما قضية أخرى ما لم يُنجز اتفاق واضح حول الملفات الأمنية. وزاد: «موقفنا واضح بأن الملفات الأمنية أولا, لأن أي حديث عن تسوية قبل حسم الملفات الأمنية مجرد خداع بين الدولتين». ورفض عمر أيما حديث عن امكانية جلوس الحكومة السودانية مع قطاع الشمال. وأردف يقول: «لا يتوقع أحد أن نتفاوض مع عقار وعرمان.. هما عملاء لدولة أجنبية.. عليهما فك ارتباطهما العضوي بدولة الجنوب». } ملأتم الدنيا ضجيجا بأنكم لن تجلسوا مع الحركة الشعبية قطاع الشمال. والآن يبدو أن الخطوة في طريقها للتحقق بعد أن وصل عرمان وعقار لمقر المفاوضات؟ إذا كانت الوساطة أو غيرها استدعتهم للتشاور، فهذا لا يعنينا, ونحن أوضحنا تماما بأنه ليس هنالك من يملي علينا أن نتفاوض مع مواطنين سودانيين، والمواطنون إن أرادوا المفاوضات فليعودوا للسودان ويضعوا السلاح, وحين ذلك سنتعامل معهم كمواطنين سودانيين نتفق معهم أو نختلف. } لكن عرمان وعقار وصلا إلى مقر المفاوضات, وتباحثا مع الوساطة؟ «مين قال إن عرمان وعقار على طاولة المفاوضات؟»، هما لم يجلسا على طاولة المفاوضات بل فقط هنالك مشاورات. } عفوا.. هما لم يأتيا إلى أديس أبابا للنزهة, بل جاءا للمشاركة في الحوار, ولابتدار المفاوضات معكم, استنادا إلى خارطة الطريق, سواء بوجود وسيط خارجي أو بدونه,؟ المشكلة ليست في الوساطة, بل المشكلة أنهما الآن مجرد أعضاء في حزب أجنبي, وفي دولة أجنبية, ويريدان التفاوض والتحدث باسم حزب أجنبي ودولة أجنبية, وهذا وضع مرفوض من حيث المبدأ, وعندما يأتيان للسودان وينشئآن حزبا وطنيا ويصبحان جزءاً من الكيان الوطني, عند ذلك سننظر كيف سنتحاور معهما. } رشحت أخبار عن مبادرة يقودها الرئيس الاثيوبي في اطار الوساطة الافريقية لجلوس الحكومة مع الحركة الشعبية بالشمال؟ نحن لا نعلق على نوايا الآخرين, وخاصة أنها طيبة, وكذلك لا نعلق على مبادرات بدواخلها نوايا حسنة، لكن عندما يحدث هذا تعالوا وإسألوني. } لكن هناك معلومة أكيدة تقول إن الرئيس الاثيوبي يقود هذه المبادرة؟ ما يقود ياخ.. المشكلة شنو؟, هل سنمنعه من أن يقود المبادرات. } ترهنون حواركم مع قطاع الشمال بفك الارتباط بينه والحركة الشعبية، وهذه في طريقها للتحقق, فلماذا ترفضون وجودهم في المفاوضات وقد أقرته خارطة الطريق؟ القصة ليست في فك الارتباط هنالك التحام وارتباط عضوي, ومن هو عرمان؟ هو عضو في الحركة الشعبية التي لا تزال موجودة, ولا يزال هو عضوا فيها, وكذلك عقار هو رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال.. هذا كيان وجزء من حزب أجنبي, والجزء المسلح منه جزء عضوي من جيش أجنبي, ولا يتوقع منا أحد أن نتفاوض معهم. } لكن برغم الانفصال هناك قضايا معلقة, فلماذا تطالبون قطاع الشمال بفك ارتباطه اولا, وهناك أواصر وقضايا لا تزال تربط بين الدولتين؟ هل هنالك شيء اسمه أواصر؟, الأواصر هذه شيء آخر.. «نحن اشمعنا يعني فكينا الارتباط مع المؤتمر الوطني بالجنوب», ولعلمكم نحن نصحنا المؤتمر الوطني في الجنوب أن يغير اسمه, وان ينشئ حزبا جديدا, بينما فرضت الحركة الشعبية عليه الاحتفاظ بهذا الاسم, حتى تقول إنها سمحت للمؤتمر الوطني أن يستمر موجودا, بالرغم من قناعتنا بأن القضية هي البرامج وليس العناوين, وأكرر ليس مقبولا أصلا أن نتفاوض مع الحركة الشعبية وهي تتحدث أحيانا كجهة أجنبية, وأحيانا أخرى كأنها جزء من الكيان الوطني. } ذهبتم إلى أديس أبابا استنادا إلى خارطة الطريق, وهي ذاتها التي قضت بمرجعية اتفاق نافع عقار, ألا تبدو مواقفكم متناقضة؟ خارطة الطريق لا تملي علينا ما نريد أن نفعله في مواطنينا داخل بلدنا، نحن قبلنا بوساطة الاتحاد الافريقي بيننا وبين دولة جنوب السودان؛ لأن هذه علاقات دول, وقبلنا قرار مجلس الأمن أيضا باعتبار أن من مهامه الحفاظ على السلام الدولي, وعلى علاقات الأمم والدول ببعضها البعض, إما أن يفرض علينا أن نتفاوض مع ذلك المواطن وإما غيره داخل بلدنا، فهذا غير مقبول. } لكن الآن واقع الحال يقول غير ذلك, وأيضا خارطة الطريق تقول غير ذلك, بل إنها فرضت اتفاق نافع – عقار كمرجعية للتفاوض؟ كيف يمكن أن تُسمى خارطة وأن تكون فرضت؟.. الخارطة لا تفرض بل تقترح مسارا للتفاوض. } حسنا دعنا نتفق معك بانها اقترحت مسارا للتفاوض, لكن هذا لا ينفي أنها اقترحت أيضا ضرورة الاهتداء باتفاق نافع عقار؟ هذا اذا قبلنا التفاوض.. نحن أصلا لم نقبل التفاوض في ظل الوضع الراهن مع عرمان أو عقار, ولا نقبل به, ولا نقبل أن نفاوض أعضاء في حزب اجنبي يقودون جيش أجنبي.. لن نقبل التفاوض معهم. } قطاع الشمال لم يسارع بحمل البندقية, ودخل في مفاوضات مع الحكومة, انتجت اتفاق نافع – عقار الذي اعترف بالقطاع كحزب في الشمال, فلماذا تمرد عرمان وعقار والحلو هل لفشل سياسة المؤتمر الوطني, أم؛ لأنكم دفعتموهم لذلك؟ قوموا انتم باقتراح اجابتين، (أ) أو (ب)، وحينها سأختار. } نحن طرحنا عليك سببين, والآن نسألك مباشرة, لماذا تمرد عرمان وعقار؟ اسالوا عرمان وعقار لماذا تمردا؟.. هما فعلا ذلك؛ لأنهما جزء من كيان أجنبي, ولأنهما عملاء لدولة أجنبية, فهما جزء عضوي من حزب أجنبي ومن جيش أجنبي, وهذا لا يمكن أن يسمة تمردا، التمرد هو أن تكون جزءاً من كيان ثم تتمرد عليه وتخرج عنه, وهما اختارا أن يكونوا جزءاً من حزب أجنبي وجيش أجنبي. } لكن كون قطاع الشمال مفتونا ببرنامج الحركة الشعبية في الجنوب, لا يبدو معيبا سياسيا, خاصة أن جذوركم الفكرية مجلوبة من مصر؟ لا أريد أن أعلق على هذا السؤال.. «ايش علاقة الارتباط الفكري بالارتباط العضوي»، أنا أحدثكم عن ارتباط عضوي, فتسألونني عن فكري، وكل انسان يؤمن بافكاره.. لو جاءوا إلى السودان وأقاموا حزبا وطنيا وفكوا ارتباطهم, وقالوا إنهم يريدون أن ينصروا المهمشين داخل الدولة وتحدثوا عن ذلك, فنحن ليس لدينا مشكلة في الأفكار, لكن مشكلتنا في أن هؤلاء مجرد عملاء في دولة أجنبية, وجزء من أدواتها, وهي تريد أن تتدخل في شؤون السودان بعد أن انفصلت عنه. } ترفضون اعتماد اتفاق نافع – عقار كمرجعية, ومن قبل قلتم إنكم لن تقيموا الاستفتاء ما لم تُرسّم الحدود, لكنكم نكصتم عن قولكم, وقام الاستفتاء على حدود غير معلومة, وقلتم إنكم لن تتفاوضوا مع الحركة ما لم تحرروا المواطن الجنوبي منها, وأنتم تتحاورون معها, فهل سيأتي وقت يتراجع فيه المؤتمر الوطني ويرضخ لمرجعية اتفاقية نافع - عقار؟ هذا سؤال افتراضي، وإذا كنتم تقصدون به استفزازي فلن أجيب.. اسألوني أسئلة موضوعية, اسألوني «ما هي سياساتكم.. ما هي مواقفكم». } نحن لا نهدف إلى استفزازك, ومع ذلك نكرر «هل من الممكن أن يتراجع المؤتمر الوطني, ويقر بمرجعية الاتفاق الذي ترفضونه؟ في السياسة ليس هنالك مواقف عقدية, بل المواقف فيها قراءة للموقف الراهن؛ والأمر ليس متعلقا بأشخاص، بل بتوصيف حالة, والحالة هذه تقول إن هؤلاء أعضاء في حزب أجنبي, ويقودون كتائب من جيش أجنبي, ولهذا نرفض التعامل معهم وعندما يتغير هذا الواقع حينها لكل حادث حديث. } بعد الاعتداء على هجليج صرحت الحكومة السودانية بأن لا عودة للمفاوضات مع دولة الجنوب والآن عدتم, فهل العودة لرغبة أكيدة في السلام أم خوف من الضغوط الدولية؟ أولا لم تقل الحكومة السودانية إنها لن تتفاوض مع دولة الجنوب، وهذه كانت قرارات المكتب قيادي للمؤتمر الوطني وقرارات البرلمان, وقلنا بأننا لن نتفاوض مع الجنوب إلا حول الملف الأمني أولا, ثم من بعد ذلك أي ملف آخر, والسبب أننا نعتقد أنه من دون تسوية الملف الأمني سيظل كل حديث آخر مجرد خداع لبعضنا البعض، فإذا انت لا تثق في الطرف الآخر الذي يعلن انه يريد أن يُسقط حكومتك, ويعبئ قوات أجنبية وقواته للهجوم عليك, ثم نأتي، ونفترض أنه يمكن أن ننشئ علاقات طبيعية، فهذا غير منطقي، وهذا وهم، وموقفنا لم يتغير، بل هو نفسه بأنه ما لم يكن هنالك اتفاق واضح حول القضايا الأمنية, فلن ننتقل لحوار حول القضايا الأخرى. } لكن خارطة الطريق لم تُلزم الطرفين ببدء المفاوضات بالملفات الامنية؟ في المفاوضات لا تطرح كل الأمور بصراحة, ولو طُرحت لما كانت هنالك مفاوضات, والمفاوضات جزء كبير منها يعتمد على طرح الأمور بإبهام لإتاحة الفرص لمقاربات من زوايا متعددة. } مفاوضو المؤتمر الوطني ظلوا يقدمون تنازلات بائنة يقول عنها منبر السلام العادل المقرب منكم انبطاحة وخسارة؟ (يضحك بتهكُّم) .. هذا رأي من يقول وليس رأينا، من قال إننا نخسر؟ وماهي معايير الربح والخسارة في هذه القضايا. } هم يقولون إنكم تتنازلون على الدوام وتعطون الطرف الآخر أكثر مما يستحق؟ معنى هذا أنهم حددوا ما تستحق الحركة الشعبية أولا ثم قرروا بأن هذا تنازل، نحن لم نعطِ الحركة الشعبية شيئا, بل التزمنا بأن نرجع لمشاورة أهل الجنوب في مصيرهم, فان اختاروا الانفصال سنعطيهم له, وإما أن يختار شعب الجنوب الحركة الشعبية وإما غيرها، فهذا شأن خاص بهم.