رغم إعلان انفصال جنوب السودان في 9/يوليو 1102م، إلا أن كلّ من الفرقة التاسعة والفرقة العاشرة من (الجيش الشعبي لتحرير السودان) ما تزال تقوم باحتلال جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق. الفرقة التاسعة والفرقة العاشرة رئاستهما في جوبا. ومن جوبا يتلقيان الأسلحة والتعليمات والمرتبات. كلّ من الفرقة التاسعة والفرقة العاشرة من (الجيش الشعبي لتحرير السودان) ما تزال تحتلّ جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وترفض الإنسحاب إلى جنوب السودان، كما تقضي إتفاقية السَّلام. حيث من بين (53) ألف جندي بالنيل الأزرق، لم يسحب الجيش الشعبي سوى (0052) جندي. ومن بين (22) ألف جندي بجنوب كردفان، لم يسحب الجيش الشعبي غير (0021) جندي. ذلك بينما وفقاً لاتفاقية السلام، انسحبت القوات المسلحة شمال خط 1/يناير 6591م بأكثر من (78%). شمال خط 1/ يناير 6591م تعني شمال الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب. حيث يمثل خط 1/يناير 6591م خط الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب. إنسحب الجيش السوداني شمال الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب بنسبة تزيد عن (78%). بينما لم ينسحب الجيش الشعبي جنوب الحدود الفاصلة بين الجنوب والشمال، إلا بنسبة (7،7%). أي أقل من (8%). وما يزال غامضاً مجهولاً مصير ثلاثة آلاف جندي يتبعون للجيش الشعبي في شرق السودان حيث. حيث يرفض الجيش الشعبي حتى الآن تقديم بيانات كافية عنهم، حتى يتمّ التحقق منهم ومن أماكنهم. كذلك لم يقدِّم (الجيش الشعبي) أيّ تفسير حتى اليوم، لماذا بعد إعلان انفصال الجنوب لا يزال يحتفظ بما يزيد عن (45) ألف جندي على أرض شمال السُّودان؟. وفقاً لاتفاقية السلام كان يجب سحب أولئك ال (45) ألف جندي إلى جنوب السودان. لكن من الواضح أن استبقاء الفرقة التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي هي بغرض ضمّ جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان بقوة السلاح إلى دولة الجنوب. وإعلان قيام الفصل الثاني من (السودان الجديد). ولذلك أشعل الجيش الشعبي سلسلة معاركه الأخيرة في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان واستولى على هجليج ودمرَّ منشآتها النفطية، بواسطة خبراء غربيين وأجانب. لكن عندما فشل الجيش الشعبي في إنجاز مهمته عسكرياً، جاء لتنفيذ نفس الهدف (ضمّ النيل الأزرق وجنوب كردفان إلى دولة الجنوب) جاء الضغط السياسي الأمريكي على حكومة السودان عبر مجلس الأمن، لتفاوض قطاع الشمال بالحركة الشعبية. قطاع الشمال عميل لدولة أجنبية انفصالية معادية للسودان، كيف تدخل حكومة السودان معه في مفاوضات موضوعها أراضٍ سودانية هي جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان. لماذا تفاوِض حكومة السودان العميل عرمان (كبير المفاوضين) لماذا تعظِّمه وتساوي كتفه بكتفها. عرمان لا علاقة بجنوب النيل الأزرق أو جنوب كردفان. بل إن عرمان لا علاقة له بالسودان. وقد أصاب الدكتور عبد الحي يوسف عندما قال إن التفاوض مع قطاع الشمال لا يجوز، وإن قادة ما يسمَّى (قطاع الشمال) خونة ومأجورون وعملاء. وهل هم غير ذلك؟. علماء السودان المجاهدون من أمثال الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف قالوا كلمتهم بوضوح وصلابة. لا نزكيه على الله تعالى. فالشيخ الدكتور عبد الحي يوسف رمز كبير محترم في جبهة العلماء المجاهدين للدفاع عن الإسلام والسودان. وعندما تقول حشود المصلين في آلاف المساجد السودانية (آمين)، عقب دعاء (اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز به أهل طاعتك) فإنما يكون في خاطر تلك الحشود أمثال الدكتور عبد الحي يوسف وليس العميل العاصي عرمان سعيد عرمان. (ياسر عرمان اسمه الأصلي عرمان. أما ياسر فهو الإسم الحركي الذي منحه إياه الحزب الشيوعي). وإذا افتقد بعض صحفيي المارينز في الخرطوم (البوصلة) فهاجموا الدكتور عبد الحي يوسف، وتساوى لديهم عرمان واسماعيل الأزهري وعقّار و(علي عبد اللطيف) وسلفاكير و(مدثر البوشي)، فعليهم أن يعلموا أن الإنطلاقة الصحيحة في الموقف الوطني عند اختلاط الرؤية تكون من بوصلة (المحراب). السودان ليس استثناءً. فقد ظلّ العلماء المجاهدون في قلب الصف الأول في معارك التحرير الوطني في كل دول العالم الإسلامي. أم أن صحافة الغفلة عن التراث بحاجة إلى (درس عصر) عن مجاهدات عبدالرحمن بن أبي ليلى رضى الله عنه أو سعيد بن المُسيَّب رضي الله عنه أو شيخ الإسلام ابن تيمية أو سلطان العلماء العِزّ بن عبد السلام، وغيرهم من صُنَّاع المجد. أم أن صحافة المارينز تجهل دور العلماء في عصرنا في معارك التحرير الوطني؟. هل يجهلون دور الشيخ عبد الحميد بن باديس، أم الشيخ البشير الإبراهيمي أم الشيخ العربي التبسِّي أم الشيخ محمد بن مبارك الميلي، وغيرهم من العلماء المجاهدين، الذين وقفوا تحت راية القرآن يجهرون بكلمة الحقّ أمام سلاطين الجور الظَّلَمة ويجابهون أئمة الكفر وينافحون عن الإسلام بالعقل والوجدان واليد واللسان. إن مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور التي قررت الإدارة الأمريكية ضمَّها إلى جنوب السودان، تحت مسمَّى (المناطق الثلاث) ثم (المناطق الأربع)، بعد أن أضافت الإدارة الأمريكية دارفور إلى خريطة جنوب السودان، هي المناطق السودانية التي شهدت قيام دول وممالك وسلطنات إسلامية، مثل السلطنة الزرقاء (جنوب النيل الأزرق) التي توهَّجت أكثر من (3) قرون، ومملكة تقلي الإسلامية (جنوب كردفان) التي ازدهرت لمائتي عام، وسلطنة الفور (دارفور) التي أضاءت أكثر من ستة قرون. يجب بعث الحركة الإسلامية الوطنية في (المناطق الثلاث) و(المناطق الأربع)، حتى تستردّ تلك (المناطق الثلاث) و(المناطق الأربع) هويتها الحقيقية، بعد أن اختطفها العملاء والخونة والمأجورون في قطاع الشمال، لصالح أطروحة (السودان الجديد) العلمانية ومنفذيها وصانعيها وسدنتها، في جوبا وواشنطن وتل أبيب. يجب بعث الحركة الإسلامية الوطنية في (المناطق الثلاث) و(المناطق الأربع) لتقول الجماهير كلمتها وتعلو الحقائق وينتصر الواقع ويتوارى عملاء (الجيش الشعبي لتحرير السُّودان) الذين يستمدون انتفاختهم من الخارج. إن دولة جنوب السودان الإنفصالية بذاتها أو بذيولها من عملاء قطاع الشمال، هي الخطر الإستراتيجي الأوَّل ضد السودان، ضد وحدته وسلامة شعبه وسيادته الوطنية، الهدف الإستراتيجي الأول لحكومة الجنوب هي إقامة (السودان الجديد) مكان السودان الحالي، لذلك ما تزال دولة جنوب السُّودان تحتلّ أرض شمال السودان بجيش يزيد عن (45) ألف جندي من الجيش الشعبي. لذلك لا جدوى من التفاوض مع عملاء قطاع الشمال، ولا خيار غير أن تصبح الإستراتيجية السودانية هي إزالة نظام عصابة الحركة الشعبية في جوبا، حتى ينعم السودان شمالاً وجنوباً بالسلام والتنمية.