في الحوار المتسلسل الذي أجراه الزميل أيوب السليك مع وزير الزراعة الدكتور عبد الحليم إسماعيل المتعافى ونشر تباعاً على صفحات الأهرام اليوم بداية من 29 يوليو المنصرم كشف المتعافى عن معلومات وأرقام مثيرة حول الصادرات الزراعية، حيث جاءت إفاداته صريحة وجريئة كعادته فى طرح أفكاره وقناعاته وهو غير آبه بما تحدثه من ظلال وتأثيرات، ونأخذ من حديث المتعافى إجابته عن السؤال حول أرقام الصادرات الزراعية حيث قال: «فى العام الماضي تجاوزت الصادرات الزراعية مليار دولار وهو رقم متواضع بالنسبة للقيمة الحقيقية للصادرات الزراعية لأن الرقم يقاس بسعر الصادرات الذي تضعه وزارة التجارة وهو رقم لا علاقة له بالسعر الحقيقي للصادرات، أنا أتوقع السعر للصادرات الزراعية يتجاوز الملياري دولار والسبب أن أسعر الحاصيل المسجلة بالوزارة لا علاقة له بالسعر الحقيقى وكمثال على ذلك الصمغ العربى السعر المسجل لا يتجاوز ألف دولار وسعره الحقيقي «3000» دولار البرسيم سعره «100» دولار والحقيقي «350» دولارًا لذا فإن الأسعار المسجلة رسمياً لا علاقة لها بالأسعار الحقيقية»، انتهي حديث المتعافى ..!! المتعافي قالها بوضوح ولكنه رفض أن يبرر ويكشف سبب المفارقة فى السعر وقام بتحويل الإجابة على ذلك إلى وزارة التجارة بذكائه المعهود وجرأته فى طرح أفكاره ومواقفه قائلاً: «والله أسأل وزارة التجارة عن ذلك بالنسبة لنا القضية واضحة وجلية كالشمس ..!! لكننا نقول لسعادة وزير الزراعة القضية بالنسبة لنا فى الإعلام والرأي العام والمنتجين غير واضحة فليتك تطوعت وبذات قوة حجتك أن تساعد فى فك الشفرة حتى يستبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لأن وزارة التجارة هي الأخرى سوف «تتملص» من القضية وتجدع الحبل على جهات أخرى ويصبح تائهًا مثله وبقية موضوعات قد أنهك أصحابها التوهان والتردد على أبواب الوزارات والمؤسسات ذات الصلة ..وطبقاً لمعلومات المتعافى التى قالها بثقة مفرطة وإذا أخذنا الصمغ العربى نموذجاً فإن الاقتصاد الوطنى يفقد ألفي دولار فى كل قنطار صمغ صادر السؤال أين تذهب هذه الأموال ..؟؟ ومن هو المستفيد من فرق السعر الكبير هذا..؟؟ هل نستطيع أن نقول إنها تذهب عمولات وسمسرة لتجار وشركات ومصدرين أم أنها ستذهب إلى جيوب قيادات تنفيذية نافذة فى وزارة التجارة أمسك المتعافى عن الخوض فى تفاصيلها؟؟ هذا الوضع وحالة الشكوك من وزير الزراعة حول حجم ومساهة الصادرات الزراعية فى الاقتصاد الوطنى يقودنا للسؤال المهم لماذا لا توجد رقابة فاعلة على صادراتنا ووارداتنا لنصبح مثلنا وبقية دول العالم لأن ما يتعرض له الصمغ العربي من تلاعب ينطبق على محاصيل نقدية أخرى فى مقدمتها الكركدى والفول والسمسم ثم الخراب الأكبر سيكون من نصيب صادرات الأقطان التى هي الآن تتصدر قائمة الصادرات الزراعية. ذات الحال الذي تعيشه الصادرات الزراعية والمفارقات فى مساهمتها وعائداتها الاقتصادية ربما تعيشه صادرات الثروة الحيوانية وبصورة أبشع من قطاع الزراعة فى ظل التراخى والتماهي وعدم الانضباط فى عملية الصادر وان البسوي والما بسوي فتح أمامه المجال كي يصدر ويتعامل مع السلع الإستراتيجية لأننا نسمع من حين لآخر عن تهرب مصدرى الماشية عن سداد حصيلة الصادر من الدولار لبنك السودان ومع ذلك يمارسون نشاطهم دون مساءلة بل بعضهم يقوم بقفل سجل شركته وبكل سهولة وبمعاونة موظفين يفتح له سجلاً تجاريًا جديدًا ويمارس نشاطه بلا حرج حقاً أن اقتصادنا بلا وجيع!! إن السياسات الاقتصادية المتبعة تساهم بصورة مباشرة في هذا النوع من التلاعب بالاقتصاد الوطنى ومقدرات البلاد مما يتطلب مراجعات حقيقية والبلاد تتبع سياسة اقتصادية جديدة تشمل الهيكلة وغيرها من إجراءات حتى تتمكن الجهات المعنية من السيطرة على حالة التوهان التى تعانيها كثير من السلع الاقتصادية الحيوية والتي بسببها ترك المنتجون العمل فى هذا المجال واتجهوا إلى أعمال بديلة رغم حاجة العالم للمنتجات الزراعية السودانية كالصمغ العربي مثلاً لأنه لا أحد يصدق أن كثيرًا من منتجي الصمغ العربى قد تركوا التعامل مع شجرة الهشاب نسبة لكساد صمغهم أو أسعاره الزهيدة..