نلحظ عددًا من المشاهدين السودانيين أصبحوا يتجاذبون القنوات الفضائية التي يعمل بها كوكبة من الإعلاميين المتميزين، حيث أصبح العالم قرية واحدة، ولا غرابة في ذلك فالبرامج المتميِّزة بسلاسة العبارة والطرح الموضوعي تهوي إليها أفئدة الناس، ونحن نكتوي بنار الرتابة في تلفزيون السودان رغم عراقته وقوة رسالته وتفرد شعبه، بهذا النهج سيعمل التلفزيون على إيجاد أمة محلية الأمر الذي يضعه في مأزق ويبعد المشاهدين عنه، لماذا تظل هذه القناة أقصر قامة من ذلك الشعب؟! لا يُعقل أن تكون حاجة المشاهد العالمي للغناء الرتيب والبحث عن تاريخ تطور الأغنية السودانية والحنين الدائم للأيام الخوالي التي توقف عندها الإبداع في حقبة الخمسينيات، بهذه التقليدية لن تكون قناة السودان عالمية، ولن تعكس ثقافة أهل السودان الثرّة، في حين يمكن أن تكون بوتقة تنصهر فيها كل الثقافات ويجد عموم أهل السودان قضاياهم وتطلعاتهم فيها، لا أريد أن أقول إلغاء مساحة الحديث عن تاريخ الأغنية السودانية ولكن يجب أن تكون محدودة في هذا العصر المدهش الذي يسير فيه التطور في الإعلام بسرعة فائقة، وإن كان لابد من ذلك فلتكن هنالك قناة متخصصة، أليس في الأثير متسع؟! لذا لابد من تخطيط علمي للنهوض بتلفزيون السودان القومي ليواكب النهضة التي تنتظم البلاد في جميع النواحي العلمية والإبداعية من تجهيز إستوديوهات حديثة وديكور متطور يتطور مع بنية السودان، وحتى نواكب هذه الطفرة الإعلامية نحن بحاجة إلى هيئة قومية من أهل التخصص ذات كفاءة عالية تضبط العمل التلفازي وتكون لها الولاية على كل محطات البث التلفزيوني في البلاد والضمانات القانونية الكافية التي تمكِّنهم من أداء أعمالهم، وفي نفس الوقت نتمنى ألّا يكون أعضاء الهيئة مسيسين وإن كانوا كذلك فيجب ألّا يدخلوا السياسة في أعمالهم، فمواد التلفزيون لا تقل أهمية من مواد الحرب الأسلحة والذخيرة بل أخطر منها، سلاح أقوى من جميع الأسلحة الفتاكة، ختاماً أما آن لهذه القناة الطاهرة أن تنطلق وتعبُر فجاج الأرض عبر الأثير تحمل رسالة الشعب السوداني للعالمين.. المهمة شاقة نتمنى أن تكون إدارة التلفزيون لها بما أتاها الله من بسطة في المواد والكوادر.. وعن (جريمة السرقة) سنحكي بإذن الله تعالى.