من منتجعه في أرض الكنانة يكتب عادل الباز يومياً مهاجماً من لا يرَون رأيَه ومتهماً ومجهِّلاً ومحقِّراً وواصفاً إياهم بالمهرِّجين ومطالباً بإعادة الحياة إلى اتفاق نافع عقار وبالجلوس مع عرمان والاتفاق معه بأي ثمن!! أقول لصديقي الباز الذي رغم اندعارته فإني لا أحمل كلامه على محمل الجد ولا أغضب مما يكتب فهو رجل حنين وبكّاي لم يُخلق للخوض في غمار السياسة ومنعرجاتها ودمائها ودموعها رغم أنه كثيراً ما يحشر أنفه فيها متطفلاً ومازلت أذكر كيف صدرت طيبة الذكر (الأحداث) في اليوم التالي للانفصال بمانشيت يقول (الخرطوم تغرق في بحر من الدموع)!! فقلت له يومها والله يا عادل أقول لك ما قاله إخوة يوسف لأبيه يعقوب محدداً شيئاً ما (تفتأ تبكي على الجنوب حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين) فقد تصوَّر عادل الباز أن ما أبكاه حتى الصباح أبكى الخرطوم كلها!! فهو رجل يبكي لمرض العصفور ويجعر كمان!! أقول لعادل يبدو أن بقاءك في قاهرة المعز وربما في شاطئ الإسكندرية أو شرم الشيخ جعلك (تفط سطر) وتجهل القضية التي نحن بصددها الآن.. يا عادل القضية ليست اتفاق نافع عقار إنما الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق وكيفية إيقافها وحل المشكلة.. أردت تبسيط الأمر لك حتى تنطلق معنا من محطة مشتركة بدلاً من أن تندعر في الفاضي. أحيلك إلى ما قاله ابن المنطقة السياسي العريق الغارق في مشكلة أهله النوبة حتى أذنيه مكي بلايل ولا أظنك تجادل في أنه أعرف منك ومني بقضية جبال النوبة فهو سياسي محنّك وشغل مواقع دستورية رفيعة من بينها الوزارة فضلاً عن كونه إسلاميًا ناقدًا للحكومة وللمؤتمر الوطني.. اسمعه يحدثك عن عرمان: قال مكي بلايل: (عرمان مجرم حرب حقيقي ويُفترض أن نتعامل معه بهذه العقلية فهو الذي أشعل جنوب كردفان في المرة الأخيرة والذي لا يعلمه الناس أن هناك قيادات كبيرة من النوبة لم تكن تعلم بالحرب أمثال دانيال كودي وتابيتا بطرس وخميس جلاب والذين كانوا يعلمون هم مجموعة طفيفة من مجموعة اليساريين) ثم قال «إن عرمان هو الذي اجتمع قبل ساعات من بدء العمليات حيث اجتمع بالحلو وهو المسؤول الأول عن إشعال الحرب الأخيرة وليس هذا فقط بل هو مسؤول عن استمرار هذه الحرب) إلى أن قال (المفترض أن لا يصدر أي اتفاق يسمح لعرمان أن يأتي مرة أخرى ليتحكّم في رقاب الناس) ثم طالب بلايل باستكمال المشورة الشعبية وفقاً لاتفاقية نيفاشا. ثانياً يعلم الناس أن عرمان معني بشيء واحد هو مشروع السودان الجديد الذي اختارت الحركة اسمها للتعبير عنه (الحركة الشعبية لتحرير السودان) وأن عرمان وقطاعه (قطاع الشمال) جزء من الحركة التي تحكم الجنوب ولا تزال تسعى بعد أن انفصلت ببلدها إلى (تحرير السودان) لكن عادل الباز وكثيرين غيره لم يحدث في يوم من الأيام أن انشغلوا بهذه القضية.. يا عادل فكِّر مرة واحدة في أن ما يجري جزء من مشروع تحرير السودان وإقامة مشروع الحركة في السودان. من الذي قال إن إجهاض اتفاق نافع عقار هو الذي أشعل الحرب؟! أنسيت كيف رفض الحلو نتيجة انتخابات جنوب كردفان بالرغم من عرض أحمد هارون بأن ينصِّبه نائباً للوالي حال فوز أحمد هارون؟! أنسيت كيف أشعل الحرب في اليوم التالي؟! أنسيت كيف وافق المؤتمر الوطني على نتيجة فوز عقار بانتخابات النيل الأزرق رغم أنها كانت مزوَّرة؟! هل تظن أن اتفاق نافع عقار بمجرد توقيعه سيحل مشكلة طموح الحركة في أن تحكم السودان؟! الاتفاق الإطاري كان استنساخاً لنيفاشا وكان لا بد من نسفه حتى لا نكرِّر نيفاشا التي لا نزال نتجرّع زقومها المُر وليتك يا عادل تقرأ الاتفاق الإطاري مرة أخرى مستصحباً حقيقة أن الحركة ما أبرمته إلا لأنه يفتح الطريق لمفاوضات أخرى تؤدي إلى نيفاشا جديدة فهو اتفاق إطاري شبيه باتفاق مشاكوس الذي أنتج نيفاشا مع وجود آليات دولية وإقليمية تسعى لتحقيق تلك الغاية. هل تعلم يا عادل أن الورقة التي قدَّمها عرمان والمكوَّنة من خمس صفحات لم تتطرق إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق إلا في سطر ونصف؟! هل تعلم أن بقية الأوراق تتحدث عن دارفور وشرق السودان ومشروع الجزيرة ومناطق السدود؟! متى يا عادل ترى أبعد من أرنبة أنفك؟! متى تعلم أن عرمان لا يفكر في المنطقتين إنما في السودان جميعه في إطار مشروع السودان الجديد؟ هل تعلم أن عرمان سخر من المؤتمر الوطني وتهكّم وهذه لا تعنينا إنما يعنينا أنه طالب واشترط الاعتذار والاعتراف بقطاع الشمال الذي يحمل السلاح حتى اليوم والمرتبط بل والعميل لدولة أجنبية لا تزال تحتل جزءاً من أرض السودان؟! بلايل قال إن عرمان والحلو يكرران ما فعلته الحركة قديماً من أيام قرنق حين وظَّفت النوبة من أجل قضية الجنوب والآن من أجل تحقيق طموحات اليسار في إقامة مشروع السودان الجديد.. بل إنه كشف أن الحلو لا يعنيه أن تُراق دماء أبناء النوبة لأنه من المساليت وليس من النوبة أما عرمان فهو لا ينتمي إلى النوبة بأية صلة وإنما يسخِّرهم ودماءهم لخدمة أجندته. قال بلايل بالحرف: الحركة (جاءت لإعادة هيكلة الدولة السودانية وإعادة هيكلة الجيش السوداني) وهو عين مشروع السودان الجديد. تحدث بلايل بألم عن أسلوب عرمان ورفاقه في تصفية كل من يعارض الحركة في جنوب كردفان مستشهداً ببعض النماذج مثل مقتل بلندية وغيره مؤخراً ومثل محاولة قتل بلايل. «طيب» يا عادل ويا النور ويا الطاهر ساتي.. مارأيكم في هذا الحديث؟!