ما أزال أذكر تلك العبارة التي التقطتها أذني من إحدى النساء وهي تخاطب جارتها في جلسة ونسة عابرة حيث قالت لها: «والله أنا الدخَلَت عليّ بعد ما الحرامية سرقوا دهبي تاني ما مرقت مني لي هسع.. إنتي قايلة السكري دا الجابو لي شنو؟.. أنا تاني يا أختي ما ضقت عافية.. وكت أتذكر دهبي الدنيا تمسخ علي.. الحرامي الله لا كسبو خير.. إن شاء الله يدخل عليهو بالساحق والماحق والبلا المتلاحق.. شال تحويشة العمر كلها.. لا خلينا بلاغات ولا خلينا فُقرا.. لكن تقول شنو.. البركة في رويحتي دي.. الجاتك في مالك سامحتك!!». وتأملت العبارات المؤلمة الحزينة، وكيف أن الصدمة والفقد ما زال ينخر في وجدان هذه المكلومة حتى سلبها صحتها وربما يتسبب ذلك في موتها لاحقاً.. وتأملت أكثر في العبارة وهي تقول: الجاتك في مالك سامحتك.. الحقيقة أن ذلك لم يأتها في مالها فقط وإنما دخل في صحتها بالمرض «السكري».. ويبدو أنها تقصد أنها لم تصادف اللصوص في حالة السطو.. إذن لقتلوها ونهبوا الذهب.. وهل يا ترى كان أسفها على السرقة أم الإهمال؟!! المهم أن أمثال تلك القصص والأحداث كثيرة.. لكننا إذا قسناها بقصة أخرى شهيرة مثل قصة المليونير الأمريكي «توماس أديسون» الذي فقد كل ثروته في لمح البصر وهو يشاهد مشهد النيران تلتهم مصانعه بشراهة وتقضي على تحويشة العمر كلها.. ماذا فعل؟.. وكيف استوعب هذه الكارثة؟ وكيف كان استقبال زوجته لها ودرجة الاحتمال عندها؟.. هل أصابها السكري، أم سقطت مغشياً عليها؟!. فالحكاية تقول إن النيران دمرت مصانع أديسون الكبرى في «وست اورانج» بولاية «نيوجرسي» وفقد توماس اديسون الذي يبلغ من العمر «السابعة والستين» من عمره كل ثروته التي كافح وناضل من أجلها منذ ريعان شبابه!!. وقف توماس اديسون يتأمل النيران.. ثم نادى على ابنه تشارلس قائلاً له: «أين أمك؟.. ابحث عنها واحضرها إلى هنا سريعاً فهي لن تشهد شيئاً كهذا مرة أخرى في حياتها». وفي الصباح التالي راح أديسون يطوف بالرماد المحترق لكثير من آماله وأحلامه ثم قال: «إن لهذه الكارثة قيمة كبرى.. فقد احترقت كل أخطائنا.. وأني لأشكر الله؛ لأننا نستطيع أن نبدأ من جديد». نورمان فينسنت بيل من كتاب: النتائج العجيبة للتفكير الإيجابي.