لا يزال وزير الزراعة المستقيل، المعتكف عبد الحليم المتعافي مادة طازجة للصحف وقد نشرت الصحف وصول الرجل لوزارة الزراعة بعد طول اعتكاف ومباشرته لمهمة محددة وهي إلغاء قرار تم اتخاذه إنفاذًا لتوجيهات رئاسية وهو الخاص بمدير وقاية النباتات خضر جبريل موسى حيث ألغى المتعافي قرار وزير الدولة بتعيين بديل لخضر وهو إبراهيم التنقاري الذي تم تعيينه اعتبارًا من الخامس والعشرين من رمضان الماضي وأعاده خضر لموقعه وغادر الوزارة وقد قالت الصحف: «المتعافي يعاند ويقيل بديل خضر».. ولعل كلمة «يعاند» وإن كانت تنم عن تحامل إلا إنها أقرب إلى الصحة سيما وأن إحالة خضر للتقاعد تمت وفقًا لقرار رئاسي والذي لا بشك لا رجعة فيه. لكن السؤال المتعافي يعاند من؟.. واضح أن المتعافي «قنع من خيرًا فيها»، أو ربما استسلم للواقع وارتضى الانسحاب من الساحة ولكن بإحداث شيء من الجلبة إذ ما هو التفسير لما حدث من خلال قطعه لاعتكافه وتكسيره لقرار رئاسي!!! .. استقالة المتعافي إلى حد كبير يبدو أنها تم قبولها لسبب بسيط فقد طال أمد صمت القيادة بشأنها، وربما عزا البعض الأمر إلى الجولة الخليجية التي قام بها الرئيس البشير لكن ذلك الأمر يتكسر أمام الرفض السريع من جهة الرئيس البشير لاستقالة المدير العام للطيران المدني المهندس محمد عبد العزيز والتي لم يستغرق أمرها إلا أربعًا وعشرين ساعة، بل وجه الرئيس البشير مدير سلطة الطيران بمباشرة مهامه فورًا وإكمال مسيرة الخطة الإصلاحية الثلاثية التي يقوم بها، ما يعني توافر ثقة الرئيس في عبد العزيز بينما لا يزال الصمت مسيطرًا حال استقالة المتعافي. وربما يمكن تفسير خطوة المتعافي بإلغاء قرار وزير الدولة بالزراعة الذي تم تصميمه علي توجي رئاسي بأنها تحمل كثيرًا من التهور أو أراد من خلالها المتعافي إرسال رسالة للجميع بأنه موجود كيفما كانت طريقة ونوع ذلك الوجود!! المتتبع لمسيرة الإنقاذ أنها لم تتوقف يومًا بسبب شخص بعينه ولم تتوشح نساؤها السواد على خروج شخصية أو فقد قيادي ليس لتبلد ال «مشاعر» وإنما كان هذا ديدنها ونهجها منذ وصلت سدة الحكم في العام 1989 واختبرت نفسها في أصعب امتحان عقب خروج شيخها د. حسن الترابي من الحكومة نهائيًا واصطفافه وآخرين في جانب المعارضة، كما أن شخصيات بارزة لم يُتوقع يومًا خروجها وقد قامت الإنقاذ على أكتافها مثل مدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق صلاح عبد الله «قوش» وبالتالي كل هذه تجارب ودروس حق على كثيرين تدبرها والتفكر حيالها والمتعافي أولهم.. اللهم الا إذا كانت للرجل كروت خفية يستطيع أن يدير بها معركته.