بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    راشد عبد الرحيم: امريكا والحرب    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    عاجل.. وفاة نجم السوشيال ميديا السوداني الشهير جوان الخطيب على نحو مفاجئ    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    رئيس مجلس السيادة يتلقى اتصالاً هاتفياً من أمير دولة قطر    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    بنك الخرطوم يعدد مزايا التحديث الاخير    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تظهر في لقطات رومانسية مع زوجها "الخواجة" وتصف زواجها منه بالصدفة الجميلة: (أجمل صدفة وأروع منها تاني ما أظن القى)    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    مفاوضات الجنرالين كباشي – الحلو!    محمد وداعة يكتب:    مستشفي الشرطة بدنقلا تحتفل باليوم العالمي للتمريض ونظافة الأيدي    عالم «حافة الهاوية»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    كوكو يوقع رسمياً للمريخ    برقو لماذا لايعود مديراً للمنتخبات؟؟    عقار يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحكمة الجنائية الدولية والاستخدام السياسي

بقلم : د. خالد حسين محمد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المحكمة الجنائية الدولية ، وانتهائها من التحريات الأولية بشأن المتهمين المرتبطين بقضية دارفور . وعلى الرغم من الافادات الموضوعية التي ذكرها كبير مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو في صحيقة الانتباهة العدد 290 بتاريخ 20/12/2006م وحرصه لتوضيح اهتمام المحكمة الجنائية بالناحية القانونية وتحقيق العدالة ومحاولته ابعاد الجانب السياسي وتأثيره على المحكمة الا أن الأحداث ومقتضى الحال يجعلنا لانتفق معه في ماذهب اليه . تمثل قضية دارفور واستخدامها سياسياً ضد حكومة السودان خير شاهد على ذلك حيث تمت الاحالة للمحكمة الجنائية ومباشرة عملها في السودان بالضغط على الحكومة لحملها لقبول ماتريده الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن وكان آخرها مايتم تداوله هذه الأيام في وسائل الاعلام الدولية والمحلية من نشاط المدعي العام ومعاونيه ومايطلقونه من تصريحات في هذا الشأن حيث نجحت الحكومة السودانية في استصدار قرار من مجلس السلم والأمن الإفريقي بدعم قوات الاتحاد الإفريقي وقبول الدعم اللوجسني والفني من الأمم المتحدة مع رفض القوات الأممية ، الأمر الذي لم يرق للولايات المتحدة فبدأت تتحدث عن ضرورة قبول القوات الدولية وتوقيع عقوبات من ضمنها حظر الطيران في دارفور وربما الضربات العسكرية، هنا أطلت المحكمة الجنائية برأسها . ولمعرفة هذا الدور السياسي أو الاستخدام السياسي للمحكمة الجنائية لابد من التأمل في بعض الأمور المرتبطة بالقانون الدولي والذي لاينفصل كثيراً عن السياسة الدولية . أولاً :- من البديهات القانونية أن أشخاص القانون الدولي هي الدول وليست الأفراد ، وذلك لأنه قانون لحكم مجتمع الدول ، فالدول ذات السيادة هي أشخاصة ولم تكتسب المنظمات الدولية صفة الشخصية الدولية الا في عام 1949م اذ كانت أهداف المنظمة وطبيعة المهام المنوطة بها تقتضي الاعتراف لها بوصف الشخصية القانونية الدولية . ثانياً :- لم يعرف المجتمع الدولي المسئولية الجنائية للأفراد الا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى حيث حددت معاهدة فرساي مسئولية كل الذين شنوا الحرب بما فيهم الامبراطور الألماني فولهام الثاني وقد أرست تلك القاعدة الأساس لمحاكم ليبزج لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الأولى ومحاكم نورمبيرج لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية . وكان للحرب الباردة التي بدأت عام 1947م الأثر الواضح في منع توجيه الاتهام أو المسئولية الجنائية لاي فرد على الرغم من حدوث كثير من النزاعات المسلحة وتم ارتكاب جرائم حرب فيها وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كان العامل الأساسي لحفظ التوازن الدولي وكبح جماح الاستحدام السياسي للقانون الدولي ، انفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ، فكان الاستخدام السياسي للقانون الدولي ، وكانت الانتقائية وكان استخدام مجلس الأمن لشرعنة وتحقيق الأهداف والمصالح الأمريكية لتحقيق العدالة . عصف سلوك الولايات المتحدة بكثير من القيم والمبادئ القانونية الدولية ، فكانت المحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة في العام 1993م والتي بموجبها تم تسجيل أول سابقة قضائية دولية يتابع فيها رئيس دولة وهو في قمة مسئوليته ويصدر الأمر باعتقاله ، وقد أعطت هذه السابقة التي تمت في عهد السيطرة الأمريكية والتي كانت مقصودة لذاتها حق النظر في جرائم الحرب التي ترتكب خارج مقر المحكمة فتخطت بذلك الحدود السياسية للدول وخرقت بذلك مبدأ الاختصاص المكاني وانتهكت مبدأ السيادة (الذي يفترض قبل انشاء المحكمة) أن يتم النظر في القضايا التي ترتكب في دولة بواسطة قضائها الوطني وأن تحاكم مواطنيها بواسطة محاكمها الوطنية وأن لاتطالهم قوانين وعقوبات المحاكم الأمنية التي تقع خارج نطاق الدولة . ثالثاً :- ان مجلس الأمن هو الجهاز المسئول عن حفظ الأمن والسلم الدوليين ويقوم بهذه المهمة حسب ما أصدرته المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة ويمارس صلاحيته بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة في الأحوال العادية ، وبموجب الفصل السابع في حالة يكون فيها تهديد للسلم والأمن الدوليين وأن مهمة مجلس الأمن الأساسية هي منع وقوع الحرب كما جاء في الميثاق لحماية البشرية والأجيال القادمة من ويلات الحروب وماينتج عنها من تدمير وهلاك الأنفس ، وعطفاً لما سبق فان مجلس الامن يتعامل مع الشخصيات القانونية الدولية وهي الدول ولم يتخذ مجلس الأمن منذ تاريخ وحتى العام 89/90 قراراً ضد أشخاص لابصفتهم ولاباسمائهم . وقد كان للحرب الباردة في حفظ هذه القاعدة ، وبعد العام 89/90 وبعد انفراد الولايات المتحدة بقضبية العالم تبدلت الممارسات والقيم ، كان أول قرار يتخذه مجلس الأمن ضد أشخاص بصفتهم هو القرار 1054 الصادر بتاريخ 26/4/1996م والذي يقضي بتحديد حركة الموظفين السودانيين الموجودين في البعاث الدبلوماسية والقنصلية السودانية ومراقبة حركتهم وتقيد دخول أعضاء حكومة السودان وموظفيها وأفراد القوات المسلحة أو عبور أراضي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة . أما القرار 1672 الصادر في 25/4/2006م فكان أول قرار يصدر للأشخاص باسمائهم هم اللواء جعفر والشيخ موسى هلال وآدم يعقوب وجبريل عبد الكريم ، ويمثل هذا القرار نفياً كاملاً لفكرة التنظيم الدولي القائمة على أساس مجتمع الدول ، وفي هذا النسق جاء تكوين المحكمة الجنائية الدولية والتي يتضمن نظامها الأساسي حق مجلس الأمن في الاحالة اليها كواحدة من طرق الاحالة لتمارس المحكمة الجنائية صلاحيتها . رابعاً :- يمثل انشاء المحكمة الجنائية الدولية في تقديري (بغض النظر عن تأييد قيامها أو الاعنراض عليه) المسار الأخير في نعش النظام الدولي الذي يقوم على فكرة مجتمع الدول ، اذ بموجب نظامها الأساسي يقع تحت طائلتها كل سكان العالم طالما ارتكب الشخص أحد الجرائم التي يتضمنها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، لايمنعها من ذلك حصانة أو سيادة أو حدود أو كل قيمة من القيم التي كان يحترمها المجتمع الدولي قبل العام 89/90 . واذا سلمنا بقيمة المحكمة الجنائية الدولية كمكان لممارسة العدالة الدولية يتساوى أمامها جميع أفراد الجنس البشري لكن ممارسة الولايات المتحدة وسلوكها تجاه هذه المحكمة منذ مؤتمرها التأسيسي الذي انعقد بروما في الفترة من 15- 17 يونيو 1998م كان يهدف الى محاكمة كل البشر الا المواطنين الأمريكيين ويتضح ذلك من الآتي :- 1. اجتهدت الولايات المتحدة في المؤتمر التأسيسي أن تكون المحكمة تحت عباءة مجلس الأمن لتضمن عدم محاكمة مواطنيها وتحميهم بالفيتو الذي تتمتع به في مجلس الأمن ولكنها لم تفلح في ذلك . 2. قاتلت بشدة ليتضمن النظام الأساسي مادة بموجبها يمكن أن يتم اتفاق بين أى دولتين لاستثناء مواطنيها من المحاكمة بواسطة المحكمة الجنائية اذا ما ارتكب مواطنوها الجرائم التي توقعهم تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية فكانت المادة 98 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . ووفقاً لهذه المادة وقعت الولايات المتحدة مع 70 دولة في العالم معلنه و7 دول غير معلنه باستثناء جنود الولايات المتحدة من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية اذا ما ارتكبوا تلك الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . 3. سحبت الولايات المتحدة توقيعها في 6/5/2003م بعد أن كانت وقعت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولعلها المرة الأولى في تاريخ القانون الدولي أن تسحب دولة توقيعها بعد الموافقة . 4. أجاز الكونغرس الأمريكي قانون (حماية الجنود الأمريكيين) وقع عليه الرئيس بوش في 3/8/2003م والذي من بنوده منع أى تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لتحرير جنود أمريكيين وآخرين متحالفين معهم اذا تم احتجازهم بواسطة المحكمة . 5. القرار 1593 الصادر في 31/5/2005م والذي تم بموجبه احالة ملف دارفور بواسطة مجلس الأمن الى المحكمة الجنائية الدولية ، استطاعت الولايات المتحدة أن تجبر مجلس الأمن لاستثناء الجنود الأمريكيين أو مسئوليها من المحاكمة بواسطة المحكمة الجنائية الدولية اذا ما ارتكبوا ما يوقعهم تحت طائلة المحكمة . خامساً :- في الحاضر القريب وقعت الحرب الاسرائيلية اللبنانية وشاهد العالم كله حيلولة الولايات المتحدة دون مجلس الأمن لاصدار قرار بوقف اطلاق النار وهي المهمة الأساسية لمجلس الأمن ، ولما اتضح للولايات المتحدة أن الحرب تسير في صالح اسرائيل جعلت مجلس الأمن يتخذ قرار بوقف اطلاق النار بعد مرور أكثر من شهر على الاعتداء الاسرائيلي على لبنان ليس هذا فحسب بل اسرائيل ارتكبت مجمعة من الجرائم أى واحدة منها كفيلة بأن توقعها تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية لم يحيل مجلس الأمن اسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية ولايستطيع فعل ذلك لأن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك ، كل ذلك حدث ، واذا انطلقت طلقة كلاشنكوف في دارفور يتم رفع عصاة المحكمة الجنائية الدولية على السودان . سادساً :- أما موضوعية المحكمة الجنائية الدولية وحياديتها وهو ما بدأت به هذا المقال حسب افادات لويس مورينو كبير مدعي المحكمة الجنائية الدولية ، حسب ما جاء في عدد (الانتباهة) المشار اليه عاليه فهي تبقى أقوال نظرية يكذبها الواقع العملي . أما تأكيده على أن المحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة قائمة بذاتها لاتتبع لمجلس الأمن فهذا قول صحيح نظرياً لكن ممارسة الولايات المتحدة (وبرطعتها) في العالم تجعل كل العالم يسير حسب ما تريده وتهوى الولايات المتحدة . أما قوله بالحيادية تبعاً لقوله بانه هو أرجنتينياً وأن كثير من العاملين في المحكمة من الأفراقة ودول العالم الثالث فهو قول مردود كذلك فاذا سلمنا بأن القائمين على أمر المحكمة من دول العالم الثالث لكننا نعلم ماهو جواز المرور للعمل والالتحاق بهذه المؤسسات الدولية . سابعاً : يأتي التسريب الأخير من الخارجية الأمريكية بعزم أوكامبو على إصدار توقيف للرئيس البشير ومحاكمته بواسطة المحكمة الجنائية الدولية ، لا يدع مجالاً للشك في الاستخدام السياسي لهذه المحكمة وليس للعدالة وذلك للآتي : 1. درج أوكامبو على إصدار قراراته وتصريحاته تجاه السودان في أوقات مشبوهة ، ولم يصدر أي قرار أو تصريح قط في ظروف عادية ، وقد تتبعت كل تلك التصريحات وما يرتبط بها داخلياً وخارجياً ولكن فقط أشير إلى آخر ثلاث تصريحات . كان الاول عشية عقد المحادثات بين المتمردين والحكومة في سرت في ليبيا . فكان الهدف الواضح من تلك التصريحات إعطاء دعم تفاوضي للمتمردين أو عدم حضورهم للمفاوضات وهذا ما حدث بجانيه ، فمن حضر كان يعتمد على ذلك التصريح وقاطع عبد الواحد وخليل اعتماداً على ذلك التصريح . وكان التصريح الثاني بعد هجوم خليل على أم درمان في مايو الماضي عندما أصدر تصريحاته الفضيحة الجريمة الكارثة الذي ذكر فيه أنه كان يخطط لاختطاف طائرة أحمد هارون عندما تكون في طريقها للأراضي المقدسة ، كأول سابقة قرصنة جوية تقوم بها جهة يفترض أنها تقوم على العدالة في العالم .ولعله قصد بذلك صرف الأنظار عن تلك الجريمة البشعة التي قامت بها إحدى الحركات المتمردة ، فكان الأجدر به أن يطالب بتسليم ومحاكمة على من قاموا بالهجوم على العاصمة القومية وهي من الأعيان بالمدينة والتي بلا شك تدخل في جرائم الحرب . وكان التصريح الثالث وهو هذا التصريح الأخير الكارثة الذي يطالب فيه بتوقيف الرئيس البشير وقصده السياسي واضحاً وهو استهداف كل النجاحات التي تحققت في السودان وأولها إجازة قانون الانتخابات والتوافق الذي تم بين الحركة الشعبية والحكومة في قضية أبيي . ولا أستبعد أن يكون هذا التصريح جزء من مخطط كبير بدأت معالمه تظهر هنا وهناك . وبدأ اللاعبين فيه ينفذون ما وكل إليهم من مخطط . منها تصريحات باقان أموم الأخيرة ووصفة للدولة السودانية بالفاشلة . ومنها هروب مناوي واحتمائه بمقاتليه في دارفور . ومنها الإشاعات التي كانت قد اجتاحت العاصمة بهجوم وشيك من حركة العدل والمساواة على أم درمان مرة أخرى . ولا أستبعد أن يكون جزء منها الهجوم الذي قامت به القوات الإثيوبية على حنتوب السودانية رغماً من تطمينات الحكومة السودانية وتطمينات مدير جهاز الأمن والوطني باحتواء النزاع . ومنها دخول آليات ثقيلة تابعة للحركة الشعبية من الأراضي
الإثيوبية إلى ولاية النيل الأزرق . ولا أستثني من ذلك النفاق السياسي الذي تمارسه كل من فرنسا وبريطانيا، حيث زار وزير خارجية الأخيرة في الأسبوع الماضي السودان وتحدث في شأن دارفور ، وزعمه بأنه سيقوم بتوحيد الحركات المتمردة ودعوتها للحوار في بريطانيا ، وكذلك ما كانت تسعى له فرنسا من ما طرحته من مبادرة للتوسط بين السودان وتشاد ودعوة الحركات المتمردة للحوار في فرنسا . فرنسا وبريطانيا مع أمريكا هما اللتان رفضتا دعوة الصين لمجلس الأمن للطلب من أوكامبو بعدم إصدار مثل هذا القرار . وليس بعيداً من ذلك ما تسرب لتوحيد الحركات المتمردة ودمجها في حركة واحدة يكون رئيسها خليل ونائبه عبد الواحد وأمينها مناوي . هذه الأحداث المترابطة لا تخفى على المتابع للشأن السوداني ارتباطها مع بعضها البعض لتحقيق هدف واضح محدد هو ذهاب هذا النظام ، الذي فشلت الولايات المتحدة بكافة السبل لإسقاطه ، سواءاً كان عن طريق القوة المباشرة باستخدام الحركات المتمردة في الجنوب وفي دارفور وفي الشرق أو عن طريق استخدام جيرانه أو عن طريق العقوبات والحصار الاقتصادي . وسوف لن تكون هذه الورقة الأخيرة أو الكرت الأخير فإذا لم تنجح فسوف تحاول طرق أخرى . ثامناً : يظهر هذا لاستخدام السياسي لمخالفة ما يقوم به أوكامبو لقواعد القانون الدولي الذي هو يفترض أن يكون أحد حماته وذلك للأسباب الآتية : 1. ان المواثيق والأعراف والاتفاقات الدولية توفر حصانة لرؤساء الدول طالما كانوا هم في السلطة . وان الاحتجاج بأن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يعترف بهذه الحصانة ، وأن الحصانة لا تقف من العقوبة إذا ارتكب رئيس دولة جرائم تقع داخل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ، فإن هذا الاحتجاج مردود فإن نظام المحكمة الجنائية الدولية لا يطبق على الدول التي لم تصادق عليه والسودان غير مصادق . 2. ان سابقة اعتقال سلوبدان ميلوفيتش رئيس يوغسلافيا السابقة تمثل إحدى سوابق الخروج على القانون الدولي ولأهداف سياسية تماماً خاصة حيث تم اعتقاله بتدبير من C.I.A واختطافه بواسطة دولة أخرى خرقت كل المواد في القانون الدولي التي تحمي سيادة الدول وحماية رؤسائها . 3. هناك حكم صدر من محكمة العدل الدولية في العام 2003م يمنع تسليم المسئولين في مناصبهم بمناسبة طلب بلجيكا تسليم وزير خارجية الكونغو . 4. أصدرت محكمة العدل الدولية في العام 2007م حكماً والذي أكد أن هناك إبادة جماعية تمت في البوسنة ، ولكن رفضت المحكمة توجيه أي اتهام لصربيا وللأمم المتحدة وأنها تتمتع وفق المادة (105) من ميثاق الأمم المتحدة بالحصانة في البلاد التي تعمل بها . 5. ان بلجيكا ورغم أنها تأخذ بنظام الاختصاص القضائي العالمي رفضت القبض على شارون عندما تقدم الفلسطينيين بدعوى ضده بارتكاب جرائم ضد الإنسانية قي العام 1992م ثم عدلت قانونها الإجرائي حيث يمنع القانون القبض على أي مسئول في السلطة . مما سبق يتضح بصورة واضحة الاستخدام السياسي للمحكمة الجنائية الدولية وفي هذه المرة بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية ، كأحدي الأدوات أو الوسائل لإسقاط النظام في السودان ، وربما يكون من إحدى الأهداف المحاولة لإيجاد توتر بين المجتمع الدولي والحكومة السودانية ، ومن ثم يمكن أن تقوم بأمر آخر لتحقيق أهدافها لذلك ينبغي الانتباه للآتي : 1. الالتزام الكامل بما تم توقيعه من اتفاقات والتزامات مع المجتمع الدولي سواءاً كان مع القوات الهجين أو المنظمات الدولية أو منظمات المجتمع الدولي وعدم التفكير بأي صورة من الصور بالانسحاب من الأمم المتحدة أو إصدار قرار التوقيف ، لأن هذا واحد من الأهداف الذي يرمي إليها هذا التسريب في تقديري . 2. يمثل الاتحاد الإفريقي أهم مناطق الحركة بالنسبة للحكومة السودانية وذلك لحساسية الأفارقة بصورة مجملة تجاه قضايا السيادة والتدخل في الشئون الداخلية لذلك كانت ردة فعلهم حتى من غير أن يتم الاتصال بهم رافضة لهذا التسريب . وليس بعيد عن هذا وقوفهم ضد محاولة الولايات المتحدة قرار ضد زمبابوي . 3. الدول العربية هي مكان عمل كذلك ، ولكن الدول العربية كل أنظمتها تحت العباءة الأمريكية لذلك يبقى الجهد في هذا النطاق من باب العمل السياسي ولا أتوقع منهم موقف قوي . 4. منظمة المؤتمر الإسلامي تبقي مجالاً مهماً للعمل الدبلوماسي والسياسي وذلك لما تمثله إيران وماليزيا واندونيسيا من ثقل ومن المتوقع أن يصدر منها موقف قوي . 5. الاتحاد الأوربي وعلى رغم مما تمارسه بريطانيا وفرنسا من نفاق سياسي مع السودان ولما لهما من تأثير ووزن في داخل الاتحاد الأوربي ، إلا أن ما رشح من مؤسسات الاتحاد الأوربي فهو رافض لهذا التصعيد من أوكامبوا كما يعتقده من أن حل أزمة دارفور لايتم إلا عن طريق الحل السياسي ، فهو يرى أن هذا التسريب يعيق الحل السياسي . على الرغم من أن موقف الاتحاد الأوربي متنازع بين تأيده المبدئي للمحكمة الجنائية الدولية ، حيث كان من الداعين الأساسيين لإنشائها ، وبين اعتماده للحل السياسي لقضية دارفور ، لذلك أعتقد أن يبذل مجهود دبلوماسي محدود في هذا النطاق . 6. أمريكا اللاتينية وما يعتريها من تيار رافض للهيمنة الأمريكية لذلك في تقديري تكون مجالاً مناسباً للعمل الدبلوماسي النشط . 7. إذا تم ضمان موقف الاتحاد الإفريقي والمؤتمر الإسلامي وأمريكا الجنوبية وبعضاً من الدول العربية والأوربية فأعتقد أن العمل الدبلوماسي الكبير يكون في الجمعية العامة تحت مظلة قانون الاتحاد من أجل السلام . 8. أخيراً لا أعتقد أن قرار أوكامبوا إذا صدر من المحكمة بتوقيف الرئيس البشير ذو شأن خطير قانوناً ، على الرغم من تأثيره السياسي الكبير وعلى السودان ، ولكن تكمن الخطورة إذا صدر بقرار من مجلس الأمن ، ولكن لا أعتقد جازماً أن مجلس الأمن لن يستطيع أن يصدر قرار في هذا الوقت في ظل الوهن السياسي الدولي الذي تعانيه الولايات المتحدة في داخل مجلس الأمن ، إذ سقط مشروعها الذي قدمته أول من أمس ضد زمبابوي بفعل الفيتو المزدوج من روسيا والصين . ولذلك تبقى الصين وروسيا محل الجهد الدبلوماسي والسياسي للحكومة السودانية . يبقى في تقديري أن هناك مكاسب سياسية كبيرة سيحققها السودان من هذا التسريب وحتى من القرار إذا صدر ، لأن كثير من القوى ستدرك تماماً أن مشكلة دارفور تم استخدامها لأغراض أخرى غير محلها ، وذلك لأن هناك كثير من الانتهاكات التي تمت في الأراضي المحتلة وفي العراق وفي أفغانستان وفي الصومال ولكن لم يجرؤ أوكامبوا مجرد أن يهمس بحق بوش أو أولمرت أو رامسفيلد أو باراك أو غيرهم من المسئولين الأمريكان أو المسئولين الإسرائيليين . وآمل فيما سقته من تحليل أن يكذب ظننا في النتائج والممارسة وآمل أن تكون ممارسة المجتمع الدولي وتعاطيه مع ملف دارفور يعيد لنا بعض الرجاء والأمل في أن يوجد مكان في العالم تتم فيه الممارسة للعدالة بعيداً عن السياسة وغطرسة القوة . ستظل المحكمة الجنائية الدولية أداة من الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة لإنفاذ سياستها وأهدافها وأداة لتأليب كل (المتمردين) والخارجين عن بيت الطاعة الأمريكي . كل هذا لا ينفي التعاطي بموضوعية وحكمة والتعاون مع هذا الأمر على أقل تقدير لمحاولة تجنب الذرائع التي سوف تستغلها الولايات المتحدة إضافة الى أن التعاون مع المجتمع الدولي إذا كان منصف وذكر هذا التعاون سيقوي موقف السودان مع الدول الأخرى في مجلس الأمن والتي ربما تحتاج لمثل هذا التعاون لتتخذ موقف ايجابي تجاه السودان خاصة وأن هذه الدول لها مصالح مع السودان وتريد حماية مصالحها هذه الدول هي الصين وفرنسا وروسيا .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.