مجددًا بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية تمارس لعبتها المفضلة مع السودان وهي تستخدم أكثر الكروت ضغطًا عليه وهي تلوح في كل فينة والأخرى بمساهمات في حل ديون السودان الخارجية البالغة «40» مليار دولار لا سيما أن أمريكا لها نصيباً فيها «2.400» مليار دولار على السودان في وقت يدور فيه الحديث عن إمكانية مناقشة ديون السودان الخارجية ضمن الملف الاقتصادي في المفاوضات مع دولة جنوب السودان للنظر في إمكانية تحمل الدولة الوليدة حصة منها باعتبارها كانت جزءًا من السودان حتى العام الماضي ويبدو أن أمريكا اتخذت وقتًا مناسبًا لكي تضمن نجاح مخططها وبالتالي استمرار صلاحية كرتها وهي تشترط على حكومة السودان عندما أعلنت رصد «250» مليون دولار في ميزانية العام القادم كدفعة أولى للمساهمة في حل ديون السودان الخارجية تمهيدًا لرفعها أمام الكونغرس للتصديق عليها تنفيذاً لما تبقى من بنود اتفاقية السلام الشامل وتحسين الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي ودارفور اشتراطات دفعت بها حكومة أوباما للسودان في وقت ينتظر فيه طرفا المباحثات في أديس أبابا اتفاقًا نهائيًا يشمل كافة القضايا التي تدور حولها الخلافات وسط مخاض عسير الأمر الذي اعتبره الحزب الحاكم تدخلاً في شؤون السودان الداخلية من جانبه واصفًا ربط إعفاء الديون بالمشكلات الداخلية بالشرط التعجيزي، داعيًا المجتمع الدولي إلى عدم ربط مشكلات السودان الداخلية في دارفور بمعالجة ديونه ولعل ما جادت به قريحة الحكومة الأمريكية ليس بالأخير فهي عمدت في أوائل العام الحالي إلى بث الطمأنينة والحبوب المسكنة لتخفيف صداع حكومة السودان على خلفية هاجس الديون الخارجية فليس بعيدًا عن الآذان ما دار بين وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود عبد الرسول مع مساعدة وزير الخزانة الأمريكية ماريسا لاقو حول تخصيص ميزانية في موازنة العام «2013» تبلغ «2.7» مليار دولار كمساهمة أمريكية في حل ديونها على السودان والتي تحمل نفس الشروط الحالية في وقت رفضت فيه الحكومة آنذاك ربط ديون السودان بالقضايا التي تمت معالجتها والتي تتمثل في اتفاقية الدوحة وهذا فيما يختص بدارفور ورأت فيها وجهًا غير عادل باعتبار أنها قامت بإنفاذ بنود اتفاقية السلام الشامل تنفيذًا كاملاً السؤال الذي يطرح نفسه في حال إعفاء ديون واشنطن على الخرطوم التي تراها الحكومة أنها أضحت مسألة وقت هل تكون الفرصة مواتية لتطبيع العلاقات بين الخرطوموواشنطن حال نفذت حكومة المؤتمر الوطني اشتراطات واشنطون وبالتالي أتاحت فرصة أكبر تولد أملاً لحكومة المؤتمر الوطني بإمكانية تسوية أزمة ديون السودان الخارجية مع بقية الدول الدائنة في ظل العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على السودان منذ «1997» التي أثرت سلبًا على التنمية والاستفادة من العروض الخارجية. الخبير الإستراتيجي لواء عباس إبراهيم شاشوق يرى أن المنحة المعلنة لا تخرج من دائرة الفرقعة الإعلامية الغرض منها تأكيد أمريكا عزمها على مساعدة السودان، وأبان أن المبالغ المعلنة تصدق من جهة واحدة وهي الكنغرس الأمريكية التي تتمتع بعداء واضح للسودان بجانب عدم سماحه بالتصديق بمثل هذه المبالغ إضافة إلى أن الرئيس الأمريكي ليس لديه الصلاحيات للتصديق إلا في حالة الطوارئ مما يصعب عملية التصديق، وأضاف لدى حديثه ل (الإنتباهة) أمس أن أمريكا أرادت استخدام أسلوب العصا والجزرة، بمعنى منحهم دوافع ترغيبية لتحريك حكومة السودان لطاولة المفاوضات في ظل غياب الضمانات للحكومة إلا أن تجربة السودان مع أمريكا كفيلة جدًا لإثبات نواياها الحقيقية لا سيما وعودهم المتكررة بإخراج السودان من قائمة الإرهاب ورفع الحصار ولم يتحقق حتى الآن طيلة الفترة الماضية مما يؤكد عدم مصداقيتها وبالتالي تحقيق أهدافها بإسقاط النظام، وقال: إن هذا يتضح جليًا من خلال دعم الحركات المسلحة المتمردة وإيوائها ونشر الأكاذيب عن السودان مما يسند اتجاه جدية أمريكا في منح المبلغ المذكور، ودعا شاشوق الحكومة لعدم التفاؤل بمثل هذه الأماني، وقال: إن أمريكا والغرب يعملون على إسقاط نظام السودان، لافتًا إلى أن الخريطة التي قدمت في المفاوضات بدعم من أمريكا كان الهدف منها توسيع دائرة الحرب. وتبقى على الحزب الحاكم أن يعي الدرس جيدًا ويعمل بالمثل القائل «إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين» خاصة أنه تلقى «لسعات» كثيرة من سيدة العالم وعليه أن يتدبر أمره بنفسه.