توقفت كثيرًا عند العبقرية التي اعطت مركز دراسات الهجرة والسكان المولود الشرعي لجهاز المغتربين.. توقفت عند طبيعة ومغزى حراكه الجديد الذي تخطى فكرته ومقاصده المرتكزة على الدراسات والتخطيط والتقصي والمسح والاحصاء الى ادوار جديدة تقربه كثيرًا الى المسرح التنفيذي او بالأحرى الاقتراب من منظومة الحراك العام والنشاط السياسي الذي يشكل طابع مؤسسات الحكومة.. فالمركز هذا بدأ في عقد اللقاءات الخاصة مع بعض الجهات الرسمية والكيانات الشبابية وبالتحديد مع منسوبين للاتحاد الوطني للشباب السوداني. وحيثيات اللقاء او فكرته حسبما جاء في الموقع الالكتروني لجهاز المغتربين تقول ان هذا اللقاء المشترك ناقش امكانية البحث عن مشروعات للتمويل الأصغر يمكن ان تحقق الفائدة المرجوة لهؤلاء الشباب.. وكنت اتساءل هل يمكن لأي كيانات اوتنظيمات اخرى على مستوى السودان تتباين فكريًا وسياسيًا ان تجد مثل ما وجد شباب الاتحاد الوطني؟. ولكن يبدو ان هذه الخطوة تقرب المسافة كثيرًا بين المركز والعمل السياسي التنفيذي وتبعده في ذات الوقت عن مهمته الأساسية المبنية على التقصي والدراسات والمسوحات الميدانية لاستخلاص النتائج والتجارب لكم هائل من السودانيين الذين انتشروا في بلاد الله الواسعة كلٌّ يبتغي تحقيق ما اراد من اهداف ونتائج.. ولذلك كان بالامكان أن يكون هذا اللقاء طبيعيًا ومطلوبًا لو انه تم مع الخبراء والكفاءات من السودانيين الذين حفظت لهم الغربة تجاربهم ووثقتها بلاد المهجر في تاريخها وتجاربها. لا اعتقد ان شباب السودان واتحاداتهم وكياناتهم المختلفة والمتباينة فكريًا وسياسيًا ستحظى بمثل هذه الفرصة الثمينة التي يسعى لتحقيقها الآن الاتحاد الوطني للشباب السوداني من مشروعات التمويل الاصغر.. والقضية هي ليست في من يستحق او من لا يستحق وانما في المهام وطبيعة الاشياء التي يتحرك بمقتضاها مركز دراسات الهجرة والسكان.. كنا وما زلنا نعول كثيرًا على ان يأتي هذا المركز بخلاصة تجارب السودانيين ومشروعاتهم ومنطلقاتهم التنموية والفكرية والسياسية.. وتحديد خارطة ومسارات واضحة المعالم وشفّافة المقصد ووضعها امام الحكومة لتبني عليها خططها وإستراتيجياتها ومشروعاتها ومن ثم قراراتها حتى لا تتكئ الحكومة على مرجعية هشة ليست مبنية على منطق علمي او تجربة فاشلة.. فالهجرة عالم قائم بذاته والسودانيون هم اكثر شعوب الله المنتشرين في بقاع الدنيا يحتاجون لمن يعتبر بتجاربهم ويحتاجون كذلك لمن يعطيهم الحق والاعتراف بانهم جزء من هذا الوطن لهم من الحقوق والواجبات بمثل ما للآخرين حق وواجب.. المنطق يقول لابد لمركز الهجرة والسكان ان يلعب ذات الدور الذي تنتظره منه الدولة.. فقط لا شيء غير الدراسات ونقل التجارب ووضع الخطط العلمية والأفكار الهادفة «0912647861».