تعد تجارة الأقمشة من المهن التي عرفها الإنسان منذ القدم وامتهنها غير أن كثيرًا من تجارها لهم قصصهم التي يروونها بخصوصها.. «تقاسيم » جلست إلى تاجر الأقمشة الحاج سليمان عبد الباقي العوض الذي روى حكايته معها وقال إنه من مواليد الجزيرة ريفي المسلمية، عمل بتجارة المواشي في عام 1967م، كان بين ولايات دارفور، ومن بعدها جاء إلى تجارة الأقمشة في عام 1969م، وقال إنه ورث التجارة من جده وأعمامه وقال إنه في غضون «7» أعوام كان يعمل في بقالة في الحي منذ عهد نميري وهو من أوائل الذين امتلكوا دكانًا في السوق العربي في مخازن خزامي سابقًا ولم يكن يوجد آنذاك تجار قماش، وأشار إلى أنه في السابق كان التجار أمناء وقال إنهم كانوا يستوردون الأقمشة من تجار الجملة من سوق أمدرمان وكانت أنواعها ذات لون عادي أو سادة والتيل المصري وكانت الملايات سادة ومطرّزة قبل التشجير وأيضًا من أنواع الأقمشة «تو باي تو» والبوبلين المصري والنايلون وأن أغلب بضاعتهم تأتي من الصين واليابان وإسبانيا وكانوا في السابق يقومون بجلب البضاعة من سوق أمدرمان حاليًا، وأضاف أنه في عهد الرئيس عبود جاءت الجلاليب السكروتة والدمورية والنترون، وقال إن التجارة تنتعش في موسم الأعياد ورمضان، وأشار إلى أنه في السابق كان الإقبال على الشراء كثيفًا ومزدحمًا أما حاليًا فقد ضعفت القوة الشرائية ويعزو الأمر إلى انتقال موقف المواصلات بحيث كان الزبائن يزدحمون في قلب السوق وأكد أنه في السابق لم تكن هناك سرقات للمحلات التجارية بقدر ما كانت في هذه الأيام. وعن الأسماء يقول إنها تأتي من الموردين وهم الذين يختارونها على سبيل المثال توب البان جديد بالنسبة للنساء وسمير أحمد قاسم، وأضاف أن معظم زبائنه من المشاهير أمثال الفنان كمال ترباس الذي كان يشتري منه ثوبًا قرابة «40» مترًا و«9» أمتار للعمة، وأيضًا رجل الأعمال بابكر ود الجبل، وأكد أن السوق اختلف عن سابقة بسبب افتتاح بعض المحلات في الشوارع الرئيسة في الأحياء مثل شارع الستين وشارع الثورة بالوادي، وقال إن أكثر أنواع الأقمشة طلبًا حسب الأعمار، ومن ذلك أن كثيرًا من الشباب يفضلون الأقمشة المخططة والكاروهات، والكبار يفضلون الأقمشة السادة، وقال إن كثيرًا من الأسر تفضل شراء الملابس المدرسية الجاهزة نسبة للظروف المعيشية الصعبة وقال إنهم يقضون سبعة أيام دون أن يأتي أحد للشراء في الوقت الذي يدفعون فيه للضرئب والنفايات وأصبحت المحلات شبة أثرية. -- لما تعمل يوم كمساري «الوضع بكون كيف»؟! كتب: عبد الرحمن صالح أن تمتهن عمل غيرك وأن تقوم بأدوار أناس آخرين أشبه بمسرحية غير واقعية، شيء في غاية الصعوبة أن تحاول تجسيد أو القيام بأعمال غيرك، وهذا ما حدث لي أول أمس حيث أخذني الفضول كي أحل محل كمساري الحافلة التي كانت تقلنا من بحري إلى الجريف شرق، وبعد معاناة شديدة و«تحانيس» أقنعت الكمساري بأن اخلص له حق «الفردة» كي أتعرف عن قرب على أسرار هذه المهنة ومدى المعاناة التي يجدها الكمساري لا سيما وأنه في نظر العديد من الناس إنسان غير متعلم وجاهل وغريب الأطوار وغيرها من الصفات غير الحميدة المتهم بها.. وفي هذه «الفردة» نسرد لك عزيزي القارئ بعضًا من المعاناة التي وجدتها من قِبل الركاب وأولها نظرة احتقاريةه رمقني بها رجل ستيني، وأعقبها يا كمساري ما خلاص الحافلة اتملت تاني إلا تشيل الناس فوق راسنا. وأضاف والله انتو ما بتخافوا الله فينا يعني الواحد ما يركب حافلة معاكم، انت يازول جايبنك من وين ما تنادي السواق وتخلينا نطلع.. وبعدها صمت الرجل وتعالت أصوات الركاب منهم من يشتم ومنهم من يتنهر ويهمهم بصوت عالٍ. تحركت الحافلة من المحطة تجاه الطريق العام وبدأت «أخلص في الفردة» ومن المقاعد الأمامية أخرجت امرأة كبيرة مبلغًا من فئة العشرين جنيهًا وعندما سلمتني لها قالت بغضب يا كمساري أرح جيب الباقي عارفاك حتنسيني ليهو أصلوا انتو ما بتخافوا الله وطوالي بتنسوني الباقي، رددت عليها بلطف جدًا يا حاجة إن شاء الله ما بننسيك ليهو وأخذت تطنطن بكلمات ولكنها اقتنعت بأنني سوف أرجع لها الباقي.. وفي الكنبة الأخيرة ناولني مجموعة من الطلاب نصف القيمة وقالوا إنهم طلاب وحينما طلبت منهم إبراز بطاقة الترحيل رد عليّ أحدهم يا كمساري أنت أعمى ما بتشوف نحن اللبس اللابسنو دا ما لبس مدرسة.. وأضاف أحدهم باستهتار ياخي خليهو دا كمساري ساي ما قرأ ولا بعرف لبس المدرسة من لبس الروضة. وبعد معاناة طويلة استطعت جمع حق الفردة وفي الطريق سمعت همهمات وأصواتًا جانبية من قبل الركاب تقول إن الكمساري دا شكلوا جديد في الشغلة وبتعلم يا دوب، وآخر يقول هو لو ما قادر الشغل بتسلبط ليه.. وبعد كل هذا بحمد الله وصلت الحافلة إلى آخر محطة وبعد نزول كل الركاب أعطيت الكمساري حق الفردة وعرَّفته هو والسائق بهُويتي الحقيقية فظهرت الدهشة علي وجوههم وأول ما نطق به السائق «الخلاك تعمل كدا شنو يا أستاذ؟!» وأضاف الكمساري عليك الله أكتب وشوف نحن بنعاني قدر شنو مع الركاب.