قد لا يعرف البعض أن لا علاقة ل «سعد اليمني» الذي أُطلق اسم السوق عليه بالموقع الحالي للسوق الذي يقع في منتصف منطقة ديوم بحري، كما أنه لم يفتح أصلاً باسمه، فكل ما كان يربطه بتاريخ هذا السوق العريق هو «المحطة » التي كانت تقع أمام منزله المقشور بالطوب الأحمر الذي كان نادرًا في تلك الفترة من الخمسينيات حتى إن تلك المحطة كانت بعيدة عن الموقع الحالي اللسوق، إلا أن التاريخ خلد سعد اليمني صاحب محل «الفول» ومنزله المقشور أو مسقط رأسه باليمن أو فوله المقشور حيث تتعدد الروايات في أصل كلمة قشرة وبغض النظر عن كل ذلك فإن السوق الذي حمل اسم سعد فشرة صار اليوم من أشهر وأبرز المعالم في العاصمة. اللافت للنظر بل ويحمل علامة استفهام كبيرة أن كل العاملين بهذا السوق من الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم ما بين الثلاثين والأربعين من العمر بينما تشكل النساء تقريبًا النسبة الكلية للمتسوقين فيه، امرأة وحيدة هي التي تباشر البيع داخل السوق وسط مئات من الرجال الأستاذة أو كما يطلق عليها الجميع هنا.. مدام عواطف عبد الرحمن قالت إن الجميع يحترمها هنا ولم تجد مضايقة من وقوفها بالسوق وهي تؤمن بأن «بائعة أفضل من بائع» خاصة أن سوق كسعد قشرة أغلبية مرتاديه من النساء، وترى أنها ليست غريبة على السوق حيث إنها كانت تسافر في السابق قبل أن تفتح هذا المحل إلى دبي وبعض الدول الأخرى لمد السوق بالبضائع ولكن الأحوال تغيرت مع الانفتاح في السنوات الأخيرة حتى البضائع النادرة لم تعد حصرية عليه وصارت أسعاره كسائر الأسواق الأخرى إلا ما ندر، وتواصل مدام عواطف أن مشكلة هذا السوق في سمعته أنه أغلى أسواق العاصمة الأمر الذي أثر في حركة البيع فيه إضافة إلى أنها رفعت مستوى الإيجارات والجبايات لينعكس من ثم على مستوى التجارة داخله ورفع أسعاره قليلاً عن الأسواق الأخرى، وختمت حديثها بأنه عكس ما يُشاع فإن النساء أكثر قدرة على البيع من الرجال والدليل على ذلك نجاحهنّ في العمل بالكافتريات والمحال التجارية الكبرى كما أن أغلب دول العالم تستخدم البنات في العمل إلا بالسودان، والسوق أصابه الركود في الفترة الأخيرة وهو أمر طبيعي في ظل هذه الظروف الاقتصادية العالمية، ورغم ذلك الحمد لله فإن الأمور تمضي والدليل على ذلك أن السوق يتوسع يومًا بعد يوم، أما أحمد أدم «واحد من قدامى تجار السوق» فقد أكد الأمر، مصيفًا أن احتلال الرجال لتجارة السوق يرجع إلى أن العمل به حار ولا يتحمل الغياب والنساء لا يتحملن البقاء من الصباح حتى المساء يوميًا دون إجازات فهمنّ كثيرات المجاملة من أعراس لوفيات بجانب ارتباطهنّ بالأسرة والأولاد. ولفت أيضًا من خلال حديثه انتباهنا إلى أن السوق يفتح ملايين المنازل إضافة للمحال التجارية، هناك أسواق أخرى مرتبطة به كالكافتريات والباعة المتجولين من بارد وشاي وخلافه والأرزاق كلها على الله. سعد قشرة هذا السوق الصغير الأنيق تتمثل جمالياته في طريقة عرض البضائع فيه إضافة لتفرده بوجود بضائع غير موجودة بالأسواق الأخرى، هذا وذاك إلى جانب النظافة الواضحة في كل شبر داخله والتي تجعلك تحس بمتعة التسوق الجميلة.