إدريس عبد القادر رئيس وفد التفاوض الذي تحدَّث أمام البرلمان بعد الاعتداء على هجليج وقال إنهم سيقاتلون بيد وسيفاوضون بالأخرى نسي أنه قال قبل ذلك في أكثر من لقاء أذكر منها ذلك الذي أُجري في نادي النفط مع بعض الصحفيين وأوردته الصحف (الأهرام اليوم مثلاً بتاريخ 91/3/2102م) نسي أنه قال إن اتفاقية الحريات الأربع (ستصبح ملغية حال نشوب الحرب بين الدولتين من جديد)!! لكن يبدو أن الرجل (لحس) كلامه بعد هجوم هجليج الذي أعقب زيارة عدو السودان الأكبر باقان أموم للخرطوم واستقباله بالأحضان من قبل أولاد نيفاشا في مطار الخرطوم ثم الاحتفاء به وإقامة العشاء الفاخر الراقص على (شرفه)!! لم يتوقف الهجوم بعد هجليج وإنما انتقل إلى تلودي بعد ذلك ثم ها هو سلفا كير يستنفر قواته في الولايات الحدودية وبالرغم من ذلك وبالرغم من حديث نائب الرئيس الحاج آدم عن توقف المفاوضات بعد اعتداء هجليج وإلغاء اتفاق الحريات الأربع إلا أن إدريس (وزير الدولة!!) ألغى إعلان نائب الرئيس وبالتالي لم تُلغَ المفاوضات كما لم تُلغَ اتفاقية الحريات الأربع وها هو وفد التفاوض يغادر إلى أديس أبابا في نفس الوقت الذي يعتدي فيه الجيش الشعبي على الأراضي السودانية ويُمطر تلودي بوابل من القذائف ويقتل نساءها وأطفالها!! بربِّكم ما هو السر الباتع الذي يجعل الحكومة والمؤتمر الوطني ينكسر وينهزم ويستسلم بهذه الكيفية المهينة؟! إنها الهزيمة النفسية لا غير. قارنوا بين حالنا اليوم ونحن نقاتل داخل أرض الشمال ونقدِّم التنازلات تلو التنازلات للحركة والجيش المحتل وبين حالنا يوم جاءت الإنقاذ حين كانت القوات المسلحة تقاتل في جنوب السودان وليس في الشمال؟! هل نحن في عافية أكثر اليوم أم قبل يوم واحد من مجيء الإنقاذ؟! كبير أولاد نيفاشا إدريس عبد القادر قال في لقاء نادي النفط إن الاتفاقية محاولة لبناء الثقة بين الدولتين خاصة فيما يتعلق بالجوانب الأمنية!! بالله عليكم أية ثقة تلك التي تُبنى بين دولتين تشنُّ إحداهما الحرب على الأخرى قبل أن يجفّ مداد الاتفاق؟! لن أُذكِّر بوقف التفاوض بواسطة الرئيس البشير عندما قام قرنق باحتلال توريت والعودة إليه بعد أن حُرِّرت تلك المدينة الواقعة في أقصى الجنوب السوداني. قارنوا ذلك بما هو حادث اليوم وإدريس يصر على استمرار التفاوض بالرغم من أن الاعتداء هذه المرة كان في أرض السودان الشمالي بل إن الاعتداء لا يزال مستمراً حتى اليوم وحتى الغد!! (الظرفاء والعقلاء) من صحافيي الغفلة لا يزالون يواصلون عملية التخذيل لقواتهم المسلحة ولا يزالون يحذِّرون من الحرب بالرغم من أنها مفروضة علينا وتدور رحاها داخل أرضنا بل إن صحافيي الغفلة يهاجمون من يحرصون على تحرير أرضهم ويسمونهم بدعاة الحرب والكراهية!! يفعلون ذلك بالرغم من أنهم مسلمون وبالرغم من أن قرآن ربِّهم يذكِّرهم ويحضهم على قتال المعتدين (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ) وبالرغم من أن آيات سورة التوبة تزأر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ) وبالرغم من أن القرآن الكريم يأمر الرسول الكريم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ). أتعلمون قرائي الكرام لماذا سمَّينا أولاد نيفاشا ونسمِّي صحافيي الغفلة من الخوّارين بالمنبطحين؟! تمعّنوا بربِّكم في العبارة القرآنية (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ) ألا تعني (انبطحتم)؟! ألا يفسر سلوك أولاد نيفاشا وصحافيي الغفلة تلك الآية (لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)؟! هل تعني كلمة قاعدون شيئاً آخر غير (منبطحون)؟! لماذا بربكم يرفض أولاد نيفاشا أن يصدقوا أن الحركة الشعبية تعمل وفق إستراتيجية إقامة مشروع السودان الجديد التي كان باقان أكثر المتحدثين عنها بعد قرنق وأكثر من شرحوا حقيقة أن المشروع باقٍ وسينفَّذ سواء كان ذلك من خلال الوحدة أو من خلال الانفصال، وأنهم شرعوا في إنفاذه من خلال ما سموه بالخطة (ب) بعد الانفصال وأنهم سمَّوا جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وأبيي بالجنوب الجديد الذي سيكون منصّة الانطلاق لإقامة المشروع وأنهم ما احتفظوا باسم حركتهم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) وجيشهم (الجيش الشعبي لتحرير السودان) بعد الانفصال إلا لإقامة مشروع السودان الجديد الذي يرمزون إليه بعبارة (تحرير السودان) التي يحملها اسم حركتهم وأن الحريات الأربع جزء من مشروع السودان الجديد حيث تدخل أحصنة طروادة إلى السودان لتصبح قنابل موقوتة وخلايا نائمة أو صاحية تُستخدم عند اللزوم لمساندة المقاتلين في جبهات القتال الأخرى. تمعَّنوا بربِّكم في المادة 4/2 من اتفاقية الحريات الأربع: (لا يجوز حرمان الشخص الذي يتمتع بأيٍّ من الحريات التي يمنحها هذا الاتفاق من هذه الحرية بسبب تعديل أو إنهاء هذا الاتفاق)!! هذا يعني أن باقان راعي مشروع السودان الجديد بعد مصرع قرنق يريد أن يحمي من يُدخلهم إلى السودان من الجواسيس والمقاتلين والمجرمين من الترحيل إلى جنوب السودان إذا أُلغيت الاتفاقية لأي سبب من الأسباب!! بقي لي أن أسأل الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ما إذا كان يذكر تصريح نائب وزير الدولة البريطاني حين زار السودان قبل نحو عام وقال في مؤتمر صحفي عُقد في بيت السفير البريطاني ونُشر في جريدة (الصحافة): «إن علي عثمان وعده بالموافقة على منح الحريات الأربع للجنوبيين»؟! أيها الناس استيقظوا قبل فوات الأوان!!