السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    وفد المعابر يقف على مواعين النقل النهري والميناء الجاف والجمارك بكوستي    الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة يكشف عن إحصائيات بلاغات المواطنين على منصة البلاغ الالكتروني والمدونة باقسام الشرطةالجنائية    وزيرا الداخلية والعدل: معالجة قضايا المنتظرين قيد التحرى والمنتظرين قيد المحاكمة    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الشان لا ترحم الأخطاء    والي الخرطوم يدشن أعمال إعادة تأهيل مقار واجهزة الإدارة العامة للدفاع المدني    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    مصالح الشعب السوداني.. يا لشقاء المصطلحات!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    دبابيس ودالشريف    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع البروفسير حسن مكي حول الراهن السياسي:
نشر في الانتباهة يوم 13 - 09 - 2012


حوار: فتحية موسى السيدتصوير: متوكل البجاوي
في هذا الحوار تحدَّث مدير جامعة إفريقيا العالمية الخبير في شؤون القرن الإفريقي البروفسير حسن مكي عن قضايا القرن الإفريقي في مرحلة ما بعد الراحل ملس زيناوي والسيناريوهات المُحتمَلة في منطقة القرن الإفريقي والملفات الخاصة التي ترتبط بمصالح أمريكا في المنطقة والبُعد الكنسي والديني وتأثيره على مجمل الأوضاع الداخلية في إثيوبيا خاصة أن خليفته هايلي مريام صلته بإثيوبيا ضعيفة وتأثيره الثقافي محدود إضافة إلى تبعيته للغرب، وقال إن زيناوي كان لا يقبل الإملاءات وله خطوط حمراء لا يسمح أن يتعدّاها الأمريكان على الرغم من أنه كان حليفًا لهم وشريكهم في الحرب على الإرهاب، وأكد البروف أن المفاجأة التاريخية هي بحث المشروع الأمريكي القائم على تمكين حزام الكنيسة البروتستانتية في كل من كينيا ورواندا، وبرحيله المفاجئ قد يجعل الأمريكان أكثر قبولاً لتأثير الأصولية البروتستانتية في المنطقة، وفي ذات السياق قال إن الصراع الديني في العالم صراع ملاحم تقوده الكنيسة التي تتزعم المشروع العولمي في مرجعياته وخلفياته التاريخية، وأبان أن المشروع السياسي للحركة الإسلامية يحتاج إلى هزّة شديدة ليصبح مفتوحًا لأنه جُمِّد على شخصيات معينة خلال العشرين سنة الأخيرة.. «الإنتباهة» حملت أوراقها التي تحمل تساؤلات عديدة وجلست إلى الخبير حسن مكي نسبة لإلمامه بطبيعة القرن الإفريقي، وخرجت منه بهذه الحصيلة:
بداية كيف تقرأ مالآت الربيع العربي والقرن الإفريقي بعد رحيل زيناوي على السودان؟
القرن الإفريقي ما بعد الراحل به سيناريوهات مُحتمَلة الحدوث لأن زيناوي كان يفهم طبيعة العالم وظروف الأمريكان، إلا أنه يعتقد أن هنالك خطوطًا حمراء لا يستطيع أن يقبل فيها وصاية من الأمريكان وهو حليف للغرب وشريك الأمريكان في الحرب على الإرهاب وهو الذي أعطاهم تسهيلات عسكرية في الصومال، وبالرغم من ذلك كان يرى الخطوط الحمراء لحدود الديمقراطية الغربية، لذلك نجد أن الانتخابات الأخيرة حسمت حركات المعارضة رغم الضغوط الغربية، كذلك الرئيس زيناوي له رؤية في مياه النيل وكان لا يقبل باتفاقية عام 59 بالنسبة للسودان ومصر، والنيل يجري في الأرض من جهة يذهب للسودان والآخر إلى مصر ولا بد لإثيوبيا أن يكون لها نصيب من مياه النيل، لذلك لجأ إلى مفوضية عنتبي لمياه النيل ودخلت فيها خمس من الدول الإفريقية كينيا والكنغو ويوغندا ورفضت مصر.. والسودان حقيقة رفض مجاملة لمصر، لكن حقائق الرئيس زيناوي نحو الاتجاه التاريخي الراسخ في أديس والذي يحكمه إما الامهرا أو التقراي وهؤلاء هم أساس مشروع دولة إثيوبيا التاريخية لا أعتقد أن تكون هناك اتجاهات شرق أوسطية أو بهم جزء من ثقافة البحر الأحمر.. لكن الآن المفاجأة التاريخية هي البحث والمشروع الأمريكي القائم على التمكين لحزام الكنيسة البروتستانتية فى كينيا وروندا ويوغندا، هذا الحزام دخل في مجال ليس مجاله.. الآن حكام إثيوبيا أصبحوا من البورتستانت، رئيس البرلمان ورئيس الوزراء، وهؤلاء جميعهم قوميات في الهامش، كان ملس زيناوي يريد أن يستصحبه في إطار مشروع الدولة الإثيوبية التاريخية، وزيناوي كان يريد أن يبدأ بالتغيير لكن مثل الجزء الأول من مؤسسي الحركة الثورية الإثيوبية..
هل تتوقع أن يأتي خليفة زيناوي مثل مانقستو ويتحالف مع دولة الجنوب؟
إذا أردنا التحدث عن هايلي مريام خليفة زيناوي فسنجد أن تأثيره الثقافي محدود وعلاقاته غير معروفة وهو نفسه صلته بإثيوبيا ضعيفة وهو جاء من أورربا الشمالية وتخرج في هندسة الكهرباء ووجد نفسه في هذا الموقع دون أن يُعدّ لذلك أو يكون جزءًا من تكوينه النفسي، وأعتقد أنه سيعتمد كثيرًا على الأمريكان وكذلك على التقراي، وفي تقديري في المرحلة القادمة سيزداد دور الأمن الإثيوبي إلى حد كبير في تشكيل الدولة.
برأيك الصراع الدائر في العالم الآن هل هو صراع حضاري أم صراع ديني؟
عندما نقول «صراع ديني» لا نعني به صراع متدينين لأن الدولة اليهودية الآن هي التي تقوم بالصراع في كل العالم، والكنيسة أيضًا عبارة عن ملاحم، فمثلاً الكنيسة البروتستانتية لهم طقوس غير موجودة عند اليهودية مثل قبولهم بأعياد الميلاد وبداية الإجازة يوم ، وإن جاز التعبير فإن الصراع الدائر هو صراع حضاري، والكنيسة ما عادت معبدًا لله بل معبد للشيطان وللملاحدة.. الكنيسة الآن تضم كل التناقضات العالمية طالما هذا المعبد أصبح يقبل بالأيقونات والكهنة والرسومات والجماليات والهيبة الروحية.. هذا هو مفهوم الكنيسة الآن..
إذاً ما هي المقارنة بين العمل الإسلامى في السودان ودول الربيع العربي؟
العمل الإسلامي له إشكالات مختلفة في السودان.. ودول الربيع العربي قبيلة واحدة.. تونس قبيلة واحدة ومعظمهم مسلمون والحيِّز الجغرافي محدود جدًا.. المغرب كذلك مجموعات إسلامية وحضارة إسلامية.. مصر أيضًا قبيلة واحدة قوامها الأقباط وهم ناطقون بالعربية ويعيشون تحت الحضارة الإسلامية.. وكذلك ليبيا، لكن السودان يختلف تمامًا، فهو بلد مترامي الأطراف وتكوينه حديث وعمره لا يقل عن «150» عامًا، وهناك مجموعات لم تدخل التاريخ، كما أن هناك قبائل بدارفور مشتركة مع تشاد.. والنيل الأزرق أيضًا لديها قبائل مشتركة مع الأنقسنا والبرون.. وشرق السودان له اشتراك مع إريتريا كالبجة والبشاريين والعبابدة.. ومجموعات تحت التأسيس الحضاري، لكن به نخبة إسلامية متقدِّمة ومتمكِّنة، هذه النخبة تواجه المؤامرات الدولية السرية، وأصبحت كثير من المشروعات غير معلنة.. مثلا نجد في مصر تقريرًا عن قناة السويس يكون علنيًا أو مثل ماحدث لطائرة بشركة الطيران المدني التقرير سيكون موجودًا بالصحف.. أما في السودان مثلاً اذا كان هناك تقرير عن مصنع السكر فقط يظل محصورًا في الجهة الحكومية.. الطائرات تسقط نجد التحقيق شبه سري، الحديث عن الفساد خالٍ تمامًا من الشفافية.
«مقاطعة»: فشل تجربة الحكم الإسلامي في السودان بسبب التغيير أم أن السبب يعود إلى فشل الفكرة نفسها؟ وهل يمكن تعميم الفشل من عدة تجارب؟
لا أعتقد ان تجربة نظام الحكم الإسلامي في السودان فشلت، بل في بعض المجالات قدَّم نجاحات كبيرة جدًا، فمثلاً استكمال تعريب السودان في دارفور والنيل الأزرق حتى في جنوب السودان.. الآن يمكنك أن تركب عربتك وتسير إلى القاهرة أو أديس أبابا نتيجة لثورة الطرق.. المنطقة الوحيدة التي بها إخفاق هي دارفور لأن مجال البنى التحتية لم يكتمل في شارع الإنقاذ الغربي، ومن ناحية التنمية لم يتم الوفاء بالمطلوبات مثل حفر الآبار الكافية، ونجد في دارفور إخفاقًا كبيرًا جدًا، ونجد في الشمالية نهضة للطرق والجسور ونهضة للمشروعات الزراعية.. هناك إخفاق في مشروع الجزيرة والنقل النهري والبحري كما أن هناك نجاحات كبيرة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية مع زين والهاتف السيار.. وثورة التعليم العالي كانت لها مردودات إيجابية، وفي اعتقادي أن المشروع السياسي للحركة الإسلامية يحتاج إلى هِزّة شديدة حتى يُصبح مشروعًا مفتوحًا لأن المشروع جُمِّد على شخصيات معينة خلال العشرين سنة الأخيرة، ومطلوب هِزّة لتفتيح وتجديد الطاقات لاستقبال الشباب والنظام السياسي يجب أن يضم كل السودانيين لإخراج الشفافية وخبرات متجانسة.
لكن لماذا نرى أن الدولة الإسلامية فكرة مستحيلة مع أنها طُبِّقت في زمن الخلافة الأموية؟
أعتقد أن الدولة الإسلامية دولة مدنية، وطبيعة الدولة مركزية قابضة أم تكون دولة لا مركزية وبدستور أو مدنية تعتمد على آراء واجتهادات، وأنا مع الطرح الثاني الدولة المفتوحة اللامركزية، وأن الميزانية المالية لدولة تعبِّر عن هيئة لا مركزية، والاهتمام بخلق الوظائف وبالشرائح الضعيفة من المجتمع لكن المشكلات الأمنية جعلت الأولوية للأمن، فبدون أمن لا يوجد تعليم ولا صحة ولا غيرها.. يجب أن تكون هناك موازنات، هل إذا تم تعديل جوهري في العلاقات الخارجية أو الخطاب السياسي هل سنصل إلى صيغة توافقية توقف الحرب والصرف واستنزاف الصرف الأمني حتى يعود ذلك إلى الصحة والتعليم والتنمية عامة.
ما هو تعليقك حول انعقاد المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية في السودان؟
عدم فهمنا لطبيعة المجتمع السوداني الذي قلنا إنه لا تنقصه الشعارات، وهناك فرق بين المتديِّن صاحب الثقافة الدينية قد يكون شخصًا مثقفًا دينيًا لكنه «غير»، وليس كل واعظ وقادر على الخطاب الديني قادرًا على القيادة وتأسيس مشروع.. وأحيانًا قدّمنا الولاء على الكفاءة والمقدرة، وطبعًا التدابير السرية والكتمانية سلبت كثيرًا من الطاقات وجعلت العقل الإسلامي يتجه في كثير من الأحيان إلى مقارعة الآخر والجهاد والاستشهاد لكن السودان عليه عدوان على رئيس الدولة من الجنائية.
الوضع الاقتصادي الذي يمر به السودان أفرز حركة احتجاجات من المواطنين.. من أي زاوية ترى ذلك؟
الوضع الاقتصادي في غاية التعقيد والصعوبة، سعت الحكومة إلى أهم مصدرين هما الضرائب على السلع الأساسية والدولار الجمركي، والتقشف الذي لا بد منه كخطوة أولى، لكن التقشف خصوصًا على الجامعات والخدمات الصحية يجب أن يراعي هذه القطاعات، والتقشف لا بد أن يكون بحكمة حتى لا يأتي بمردودات سالبة مثل الاحتجاجات والإضرابات مما يؤدي إلى مزيد من هز البنية الاقتصادية والسياسية.
رأيك في الاتفاق الإطاري حول عبور النفط؟ ومفاوضة الحكومة لقطاع الشمال؟
رئيس الدولة قالها واضحة إن الأولوية لا بد أن تكون للقضية الأمنية، وحسب التجارب التاريخية الرؤية صحيحة، ومن ناحية نظرية لا بد أن تكون كذلك، ولكن تسوية ملف البترول إذا كان سيؤدي إلى تعجيل تسوية الملف الأمني لا بأس به لأن الأمور تتكامل ولا تتناسخ.. وهناك أخطاء كبيرة سياسية.. والحكومة لها رؤية لأنها من قبل فاوضت مناوي وحركات دارفور ولا بأس إذا كان ذلك يؤدي إلى السلام رغم الجراحات والشهداء.
هل من تعليق على سقوط طائرة تلودي وضحاياها؟
هذا يحتاج إلى مراجعة دقيقة وشفافية ومراجعة النفس ولا نستسلم للإهمال وعدم الاعتبارية، ومن المؤكد أن هناك خللاً واضحًا، ولا أعتقد أنه مسؤولية مدير الطيران المدني الحالي أو السابق بقدر ما هو صدع كبير وخلل واضح ومسؤولية الدولة بأكملها، ومسألة الطيران مثل مشروع الجزيرة، مثل النقل النهري والبحري، وكذلك العلاقات الخارجية مثل كثير من المشروعات العملاقة التي تحتاج إلى رؤية عميقة.
ما هو تعقيبك على ظاهرة الاستقالات الأخيرة التي انتهجها بعض المسؤولين والوزراء؟
ياريت يكون في استقالات في الأصل.. البعض قال لا يوجد أي نوع منها، ياريت توجد مراجعات وتأنيب ضمير والاعتراف بالخطأ إن وُجد، فذلك خطوة إلى الأمام.
بداية كيف تقرأ مالآت الربيع العربي والقرن الإفريقي بعد رحيل زيناوي على السودان؟
القرن الإفريقي ما بعد الراحل به سيناريوهات مُحتمَلة الحدوث لأن زيناوي كان يفهم طبيعة العالم وظروف الأمريكان، إلا أنه يعتقد أن هنالك خطوطًا حمراء لا يستطيع أن يقبل فيها وصاية من الأمريكان وهو حليف للغرب وشريك الأمريكان في الحرب على الإرهاب وهو الذي أعطاهم تسهيلات عسكرية في الصومال، وبالرغم من ذلك كان يرى الخطوط الحمراء لحدود الديمقراطية الغربية، لذلك نجد أن الانتخابات الأخيرة حسمت حركات المعارضة رغم الضغوط الغربية، كذلك الرئيس زيناوي له رؤية في مياه النيل وكان لا يقبل باتفاقية عام 59 بالنسبة للسودان ومصر، والنيل يجري في الأرض من جهة يذهب للسودان والآخر إلى مصر ولا بد لإثيوبيا أن يكون لها نصيب من مياه النيل، لذلك لجأ إلى مفوضية عنتبي لمياه النيل ودخلت فيها خمس من الدول الإفريقية كينيا والكنغو ويوغندا ورفضت مصر.. والسودان حقيقة رفض مجاملة لمصر، لكن حقائق الرئيس زيناوي نحو الاتجاه التاريخي الراسخ في أديس والذي يحكمه إما الامهرا أو التقراي وهؤلاء هم أساس مشروع دولة إثيوبيا التاريخية لا أعتقد أن تكون هناك اتجاهات شرق أوسطية أو بهم جزء من ثقافة البحر الأحمر.. لكن الآن المفاجأة التاريخية هي البحث والمشروع الأمريكي القائم على التمكين لحزام الكنيسة البروتستانتية فى كينيا وروندا ويوغندا، هذا الحزام دخل في مجال ليس مجاله.. الآن حكام إثيوبيا أصبحوا من البورتستانت، رئيس البرلمان ورئيس الوزراء، وهؤلاء جميعهم قوميات في الهامش، كان ملس زيناوي يريد أن يستصحبه في إطار مشروع الدولة الإثيوبية التاريخية، وزيناوي كان يريد أن يبدأ بالتغيير لكن مثل الجزء الأول من مؤسسي الحركة الثورية الإثيوبية..
هل تتوقع أن يأتي خليفة زيناوي مثل مانقستو ويتحالف مع دولة الجنوب؟
إذا أردنا التحدث عن هايلي مريام خليفة زيناوي فسنجد أن تأثيره الثقافي محدود وعلاقاته غير معروفة وهو نفسه صلته بإثيوبيا ضعيفة وهو جاء من أورربا الشمالية وتخرج في هندسة الكهرباء ووجد نفسه في هذا الموقع دون أن يُعدّ لذلك أو يكون جزءًا من تكوينه النفسي، وأعتقد أنه سيعتمد كثيرًا على الأمريكان وكذلك على التقراي، وفي تقديري في المرحلة القادمة سيزداد دور الأمن الإثيوبي إلى حد كبير في تشكيل الدولة.
برأيك الصراع الدائر في العالم الآن هل هو صراع حضاري أم صراع ديني؟
عندما نقول «صراع ديني» لا نعني به صراع متدينين لأن الدولة اليهودية الآن هي التي تقوم بالصراع في كل العالم، والكنيسة أيضًا عبارة عن ملاحم، فمثلاً الكنيسة البروتستانتية لهم طقوس غير موجودة عند اليهودية مثل قبولهم بأعياد الميلاد وبداية الإجازة يوم ، وإن جاز التعبير فإن الصراع الدائر هو صراع حضاري، والكنيسة ما عادت معبدًا لله بل معبد للشيطان وللملاحدة.. الكنيسة الآن تضم كل التناقضات العالمية طالما هذا المعبد أصبح يقبل بالأيقونات والكهنة والرسومات والجماليات والهيبة الروحية.. هذا هو مفهوم الكنيسة الآن..
إذاً ما هي المقارنة بين العمل الإسلامى في السودان ودول الربيع العربي؟
العمل الإسلامي له إشكالات مختلفة في السودان.. ودول الربيع العربي قبيلة واحدة.. تونس قبيلة واحدة ومعظمهم مسلمون والحيِّز الجغرافي محدود جدًا.. المغرب كذلك مجموعات إسلامية وحضارة إسلامية.. مصر أيضًا قبيلة واحدة قوامها الأقباط وهم ناطقون بالعربية ويعيشون تحت الحضارة الإسلامية.. وكذلك ليبيا، لكن السودان يختلف تمامًا، فهو بلد مترامي الأطراف وتكوينه حديث وعمره لا يقل عن «150» عامًا، وهناك مجموعات لم تدخل التاريخ، كما أن هناك قبائل بدارفور مشتركة مع تشاد.. والنيل الأزرق أيضًا لديها قبائل مشتركة مع الأنقسنا والبرون.. وشرق السودان له اشتراك مع إريتريا كالبجة والبشاريين والعبابدة.. ومجموعات تحت التأسيس الحضاري، لكن به نخبة إسلامية متقدِّمة ومتمكِّنة، هذه النخبة تواجه المؤامرات الدولية السرية، وأصبحت كثير من المشروعات غير معلنة.. مثلا نجد في مصر تقريرًا عن قناة السويس يكون علنيًا أو مثل ماحدث لطائرة بشركة الطيران المدني التقرير سيكون موجودًا بالصحف.. أما في السودان مثلاً اذا كان هناك تقرير عن مصنع السكر فقط يظل محصورًا في الجهة الحكومية.. الطائرات تسقط نجد التحقيق شبه سري، الحديث عن الفساد خالٍ تمامًا من الشفافية.
«مقاطعة»: فشل تجربة الحكم الإسلامي في السودان بسبب التغيير أم أن السبب يعود إلى فشل الفكرة نفسها؟ وهل يمكن تعميم الفشل من عدة تجارب؟
لا أعتقد ان تجربة نظام الحكم الإسلامي في السودان فشلت، بل في بعض المجالات قدَّم نجاحات كبيرة جدًا، فمثلاً استكمال تعريب السودان في دارفور والنيل الأزرق حتى في جنوب السودان.. الآن يمكنك أن تركب عربتك وتسير إلى القاهرة أو أديس أبابا نتيجة لثورة الطرق.. المنطقة الوحيدة التي بها إخفاق هي دارفور لأن مجال البنى التحتية لم يكتمل في شارع الإنقاذ الغربي، ومن ناحية التنمية لم يتم الوفاء بالمطلوبات مثل حفر الآبار الكافية، ونجد في دارفور إخفاقًا كبيرًا جدًا، ونجد في الشمالية نهضة للطرق والجسور ونهضة للمشروعات الزراعية.. هناك إخفاق في مشروع الجزيرة والنقل النهري والبحري كما أن هناك نجاحات كبيرة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية مع زين والهاتف السيار.. وثورة التعليم العالي كانت لها مردودات إيجابية، وفي اعتقادي أن المشروع السياسي للحركة الإسلامية يحتاج إلى هِزّة شديدة حتى يُصبح مشروعًا مفتوحًا لأن المشروع جُمِّد على شخصيات معينة خلال العشرين سنة الأخيرة، ومطلوب هِزّة لتفتيح وتجديد الطاقات لاستقبال الشباب والنظام السياسي يجب أن يضم كل السودانيين لإخراج الشفافية وخبرات متجانسة.
لكن لماذا نرى أن الدولة الإسلامية فكرة مستحيلة مع أنها طُبِّقت في زمن الخلافة الأموية؟
أعتقد أن الدولة الإسلامية دولة مدنية، وطبيعة الدولة مركزية قابضة أم تكون دولة لا مركزية وبدستور أو مدنية تعتمد على آراء واجتهادات، وأنا مع الطرح الثاني الدولة المفتوحة اللامركزية، وأن الميزانية المالية لدولة تعبِّر عن هيئة لا مركزية، والاهتمام بخلق الوظائف وبالشرائح الضعيفة من المجتمع لكن المشكلات الأمنية جعلت الأولوية للأمن، فبدون أمن لا يوجد تعليم ولا صحة ولا غيرها.. يجب أن تكون هناك موازنات، هل إذا تم تعديل جوهري في العلاقات الخارجية أو الخطاب السياسي هل سنصل إلى صيغة توافقية توقف الحرب والصرف واستنزاف الصرف الأمني حتى يعود ذلك إلى الصحة والتعليم والتنمية عامة.
ما هو تعليقك حول انعقاد المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية في السودان؟
عدم فهمنا لطبيعة المجتمع السوداني الذي قلنا إنه لا تنقصه الشعارات، وهناك فرق بين المتديِّن صاحب الثقافة الدينية قد يكون شخصًا مثقفًا دينيًا لكنه «غير»، وليس كل واعظ وقادر على الخطاب الديني قادرًا على القيادة وتأسيس مشروع.. وأحيانًا قدّمنا الولاء على الكفاءة والمقدرة، وطبعًا التدابير السرية والكتمانية سلبت كثيرًا من الطاقات وجعلت العقل الإسلامي يتجه في كثير من الأحيان إلى مقارعة الآخر والجهاد والاستشهاد لكن السودان عليه عدوان على رئيس الدولة من الجنائية.
الوضع الاقتصادي الذي يمر به السودان أفرز حركة احتجاجات من المواطنين.. من أي زاوية ترى ذلك؟
الوضع الاقتصادي في غاية التعقيد والصعوبة، سعت الحكومة إلى أهم مصدرين هما الضرائب على السلع الأساسية والدولار الجمركي، والتقشف الذي لا بد منه كخطوة أولى، لكن التقشف خصوصًا على الجامعات والخدمات الصحية يجب أن يراعي هذه القطاعات، والتقشف لا بد أن يكون بحكمة حتى لا يأتي بمردودات سالبة مثل الاحتجاجات والإضرابات مما يؤدي إلى مزيد من هز البنية الاقتصادية والسياسية.
رأيك في الاتفاق الإطاري حول عبور النفط؟ ومفاوضة الحكومة لقطاع الشمال؟
رئيس الدولة قالها واضحة إن الأولوية لا بد أن تكون للقضية الأمنية، وحسب التجارب التاريخية الرؤية صحيحة، ومن ناحية نظرية لا بد أن تكون كذلك، ولكن تسوية ملف البترول إذا كان سيؤدي إلى تعجيل تسوية الملف الأمني لا بأس به لأن الأمور تتكامل ولا تتناسخ.. وهناك أخطاء كبيرة سياسية.. والحكومة لها رؤية لأنها من قبل فاوضت مناوي وحركات دارفور ولا بأس إذا كان ذلك يؤدي إلى السلام رغم الجراحات والشهداء.
هل من تعليق على سقوط طائرة تلودي وضحاياها؟
هذا يحتاج إلى مراجعة دقيقة وشفافية ومراجعة النفس ولا نستسلم للإهمال وعدم الاعتبارية، ومن المؤكد أن هناك خللاً واضحًا، ولا أعتقد أنه مسؤولية مدير الطيران المدني الحالي أو السابق بقدر ما هو صدع كبير وخلل واضح ومسؤولية الدولة بأكملها، ومسألة الطيران مثل مشروع الجزيرة، مثل النقل النهري والبحري، وكذلك العلاقات الخارجية مثل كثير من المشروعات العملاقة التي تحتاج إلى رؤية عميقة.
ما هو تعقيبك على ظاهرة الاستقالات الأخيرة التي انتهجها بعض المسؤولين والوزراء؟
ياريت يكون في استقالات في الأصل.. البعض قال لا يوجد أي نوع منها، ياريت توجد مراجعات وتأنيب ضمير والاعتراف بالخطأ إن وُجد، فذلك خطوة إلى الأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.