تمثل الزراعة العمود الفقري لاقتصاد الولاية الشمالية، كما أن إصلاح شأن الزراعة يظل المطلب الأول والرئيسي لدى سكان الولاية؛ لأنها تمثل مهنة الغالبية العظمى منهم، وبالشمالية توجد أكثر من خمسة مشروعات كبيرة تروى من نهر النيل، غير أن معظم هذه المشروعات تعاني من مشكلات كبيرة في سبيل استقرار التشغيل والتمويل ثم الإنتاج، وبمحلية البرقيق يعتبر مشروع الدفوفة من المشروعات الكبيرة التي عول عليها مواطن الشمالية بصفة عامة ومواطن البرقيق بصفة خاصة على دفع الحركة الاقتصادية إلى الأمام، غير أن المشكلات التي أحاطت بالمشروع منذ إنشائه لم تبارح مكانها كما كان مخططًا لها، الأمر الذي جعل العديد من المزارعين يستبشرون بتسلم شركة الشامل للمشروع فيما بعد صرفًا وإدارة وتمويلاً، غير أن العديد من القضايا لا تزال موضع خلاف بالمشروع بعد تسلم الشركة خاصة فيما يتعلق بامتلاك الأراضي وعدم الفلاحة للأرض من قِبل الملاك، إضافة إلى مشكلات أخرى جعلت المشروع غير قادر على تحقيق حلم المزارعين في الوقت الراهن، بينما تُبذل مساعٍ من قِبل الجهات الرسمية من أجل حل هذه المشكلات حتى ينطلق المشروع نحو منصات الإنتاج. ويرى عددٌ من المراقبين أن الزراعة بالشمالية تحتاج إلى وقفة صلبة من قِبل القيادات العليا للدولة في ظل فقدان الحكومة لعائدات ضخمة من البترول وذلك بحكم ما تتمتع به من مقومات زراعية كبيرة، مشيرين في ذلك إلى أنه ما لم تتم كهربة جميع المشروعات الزراعية وبالسرعة المطلوبة وعبر الطرق الميسرة فإن أمر الزراعة بالشمالية سيكون محفوفًا بالمكاره خاصة أن عددًا كبيرًا من رؤساء المشروعات الزراعية تعثروا في مواسم متوالية ولم يتمكَّنوا من سداد الأموال إلا بشق الأنفس.. بينما يرى معتمد البرقيق مبارك محمد شمت أن محلية البرقيق تعتبر محلية زراعية في المقام الأول بحكم ما تمتلك من أراضٍ زراعية خصبة وواسعة، مشيرًا في ذلك إلى أن أكبر المشروعات بالمحلية هو مشروع (الدفوفة) بمساحة (21) ألف فدان بينما المستغلة منه حوالى «خمسة آلاف» فدان، واصفًا المشكلات التي يعاني منها المشروع ب (العويصة)، غير أنه أكد سعي المحلية مع وزارة الزراعة وشركة الشامل لحل هذه المشكلات التي تعتبر أكبرها هي مشكلة المضاربة في أراضي المشروع، مفسرًا ذلك بقوله (إن هناك عددًا من المواطنين يقومون بشراء الأراضي غير أنهم لا يستغلونها زراعيًا بينما ينتظرون ارتفاع أسعارها ليقوموا ببيعها)، بينما أقرَّ معتمد البرقيق بوجود قانون ينزع الأرض التي لم تستغل زراعيًا خلال فترة محدَّدة، موضحًا أن أرض المشروع ستشهد خلال الفترة القادمة «تقنينًا» للأراضي وتطبيقًا للقانون، وأشار إلى أن تأخر تطبيق القانون هو بسبب إعطاء الفرصة لأصحاب الأراضي لزراعتها علاوة على أن المشروع أنشئ لصالح مواطن المحلية في المقام الأول ولزيادة دخل الفرد، وأضاف (الجانب المهم لدينا حاليًا هو تطبيق القانون)، مشيرًا إلى أن هناك معوقات بمشروع الدفوفة متعلقة بعملية الري ويتمثل ذلك في بعد المساحات المزروعة عن بعضها بسبب عدم زراعة عدد كبير من المزارعين لأراضيهم وهذا من شأنه أن يزيد من تكلفة الري والتشغيل والتمويل، بينما تفاءل معتمد البرقيق بالانطلاقة القوية للموسم الشتوي وذلك بعد عملية البدء في تركيب (3) طلمبات لمشروع البرقيق للعمل بالطاقة الكهربائية وهي تمثل (50%) من كهربة المشروع بتكلفة مشاركة ما بين شركة الشامل التي تدير مشروع البرقيق ووزارة الزراعة الولائية وسيتم تشغيله في العشرين من شهر سبتمبر الجاري، معتبرًا أن ذلك سيحقق دفعة قوية لمزارعي المحلية، بينما أرجع معتمد البرقيق تأخر كهربة المشروعات الزراعية إلى أسباب تتعلق بارتفاع الأسعار على كافة الأصعدة، مشيرًا إلى أن متوسط تكلفة توصيل المشروع الزراعي الصغير حاليًا لا يقل عن (18) ألف جنيه مقارنة مع «7» آلاف جنيه في السابق، وأقرَّ معتمد البرقيق بأن أكبر مشكلة تؤرق المحلية هي مشكلة إيصال الكهرباء السكنية إلى المناطق التي تقع شرقًا من المحلية التي بها أعمدة كهرباء، غير أنها لم تصلها خدمة الكهرباء منذ حوالى ثلاث سنوات، بسبب النقص في بعض معينات العمل من شاكلة (المحولات أعمدة الضغط العالي الأسلاك)، وأشاد معتمد البرقيق باستقرار تقديم الخدمة الطبية بمستشفيات المحلية الثلاثة، واستبشر بافتتاح وحدة العناية المكثفة بمستشفى البرقيق، إضافة إلى إنشاء وحدة لعلاج أمراض الأطفال حديثي الولاية وذلك بدعم من الخيرين من أبناء المحلية، موضحًا أن المحلية ستعتمد على برامج مهمة لتمثل ركيزة اقتصادية، مشيرًا إلى أن الهم الأكبر لدى المحلية حاليًا هو تنفيذ المخطط الهيكلي السكني، الذي من شأنه أن يمنح فرصة كبيرة لأبناء المحلية بدول المهجر وغيرهم من أبناء المحلية لإنشاء مساكن على طراز حديث. عمومًا يبقى أمر كهربة المشروعات الزراعية مطلبًا رئيسًا ينتظره مزارع الشمالية على أحرّ من الجمر، غير أن الملابسات التي صاحبت هذا المشروع ما زالت محلك سر.