كثيرة هي هموم المغترب السوداني.. وأكبرها وأهمها ذلك الهمّ الذي يرتبط بصورة مباشرة بالعودة النهائية والاستقرار، وكيفية توفير مصدر ثابت ليواجه به ظروف الحياة المعيشية تحت ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالسودان؛ وعندها يصبح خيار العودة أشدّ إيلامًا خاصة وأن الاغتراب كان بذات الأسباب التي تدفعه لعدم العودة الآن.. وعلى الرغم مما يظنه البعض أنها بوادر انفراج للأزمة الاقتصادية في السودان إلا أن المغترب ينظر إليها بمعيار ومقاييس مختلفة؛ فإلى الآن لا يوجد ما يُبشّر بحدوث مثل هذه هذا الحال، مما يجعله بين مطرقة الاغتراب وسندان العودة الطوعية في ظاهرها وإجبارية فيما تحمل من مضمون.. هنا يبرز الذي ما فتئ الناس يطرحونه ولم يجدوا له إجابة: أين الضمانات التي تجعل هؤلاء الغائبين لسنين عددًا سعياً لاستقرار أفضل ومستقبل زاهر؟ أين حقوقهم التي ينتظرونها تجاه ما يقدمون من خدمات لدعم الاقتصاد الوطني؟ هل أوجدت لهم الدولة آلية لاستثماراتهم تحت مظلة جهاز المغتربين وبإشرافها المباشر حفاظًا على حقوقهم؟ كثيرًا ما سمعنا عن مساعٍ لجعل عودة المغتربين أكثر يسراً وسهولة بعد وضع العديد من الحلول لجعلها تتوافق وعجلة التنمية التي تدور في البلاد لتكون إسهاماتهم واضحة وبينة فيها؛ ولكن الذي لم يُضمن في هذه الخارطة أن ما يدور في العالم الآن من حروب وكوارث بشرية سيجعل الأمر أكثر تعقيداً، فالعودة هنا تحكمها ظروف مختلفة تتطلب إيجاد حلول بديلة إن لم تكن هنالك بنود طوارئ يتم اللجوء إليها في مثل هذه الحالات، فعودة هؤلاء المغتربين الآن بعد أن غدرت الحروب وظروف الحياة أصبحت أشدّ إيلامًا لهم بعد أن فقدوا منبع الاستقرار الخارجي وتبدّل الأحوال من سيئ إلى أسوأ، وشكواهم من مرارة الحياة هناك وابتعادهم عن أهلهم وبلدهم ستصبح واقعاً بعد أن فقدوا كل ما كان يمثل لهم حجاباً وحاجزاً منيعاً مما ينتظرهم عند العودة.. وتبقى الأشياء تحت النظر إلى حين إشعار آخر..