السباق المحموم الذي يدخله جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج في ماراثون حل قضايا المغتربين العالقة تجعل الكثير من التساؤلات تقفز سريعاً على مائدة مؤتمر قضايا المغتربين الذي ستبدأ فعالياته اليوم بمشاركة وزارة الخارجية وديوان الزكاة تعاوناً مع جهاز المغتربين، وتتركز هذه التساؤلات المبهمة دوماً ولا تجد إجابات شافية حول جبل الجليد الذي يتكون من قضايا ومشكلات المغتربين والتي يكون الجهاز معنياً بالنظر فيها بعيداً عنها ولفترة طويلة مما أفقد هذه الفئة في إيجاد حلول لها بصورة جذرية ونهائية، ومما يسترعي الانتباه اكثر إقرار الامين العام للجهاز بافتقاد الاخير للاجهزة الخاصة بحماية المغتربين وملاحقة قضاياهم مما يعرضهم للنهب والسلب وارجاعه اسباب ذلك الى ابتعاد الدولة عن معالجة هذه القضايا، كيف ذلك وهؤلاء المغتربون يعتبرون بل وتؤكد كل المؤشرات والدلائل اضافة الى آراء ذوي الاختصاص أن اصحاب النصيب الأكبر في ايرادات العملة الصعبة يعود اليهم رفعاً للشأن الاقتصادي في البلد ولكن عند النظر للامر بعين المراقب نجد ان كل مقومات إتمام هذه "الصفقة" ان صح التعبير غير مكتملة الجوانب، فما يعانيه المغترب السوداني في الخارج يقعده عن القيام بأي بادرة ايجابية نحو بلده على الرغم مما يحمله من حب لهذا الوطن الحبيب الطيب، فأين مراكز الدولة ومؤسساتها من هؤلاء وما يعانيه الكثير منهم من شظف العيش وقسوة الغربة دون العقبات التي والعراقيل التي تضعها لهم وهم في بلدهم ناهيك عن بلد اجنبي؟؟وعندما تصبح الامور اكثر تعقيداً تصدح الافئدة بالفشل في حل القضايا والتعلل بمؤسسات الدولة التي ان كانت وُضعت منذ البداية تحت النظر لما آلت الامور الى ما هي عليه الآن، وبغض النظر عمّا سيخرج به مؤتمر قضايا زكاة المغتربين من توصيات تصب في مصلحة المغتربين إلا ان المعضلة تكمن بعد ذلك في آلية تنفيذ هذه التوصيات على ارض الواقع حماية لكرامة وانسانية هؤلاء المهاجرين قسراً دون إرادتهم اولاً ومن ثم اموالهم، اذن هذه الآلية لا بد ان تضمن الحقوق الإنسانية لمن غدرت بهم الحياة دون سابق انذار بالفصل من العمل او وفاة رب الاسرة، فيترك وراءه اسرة ضعيفة لا تقوى على مجابهة ظروف الحياة القاسية والتي تتكالب عليها اوضاع الغربة والخوف من العودة التي لا وجود لسقف واضح يحمي حقوقها وانسانيتها، ومن هنا يأتي تشابك قضايا المغتربين ما بين الاعسار وشبح العودة النهائية وان كان الاستقرار في بلد الاغتراب رغم تكاتف الجهود بين المغتربين الا ان ذلك لا يعني الابتعاد عنهم وتناسي حقوقهم.. زكاة المغتربين لغير المغتربين تصبح امراً اكثر دقة وحساسية في ذات الوقت للمغتربين انفسهم وعلاجها لا بد ان يكتمل بصورة مميزة رفعاً للشأن الانساني الذي كرمه رب العالمَين قبل العالِمين ببواطن الأمور.