{ كتبت في عجالة عن الراحل العظيم الأستاذ فتحي خليل يرحمه الله.. ولاحظت أن ما كتبته إضافة لما كتبه آخرون لم يعبر بالقدر الكافي عن هذه الشخصية العظيمة التي فقدناها في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى أمثاله من الذين يضرب بهم المثل في الإخلاص والأمانة والزهد والاهتمام بالناس ومطالبهم وحقوقهم، ولهذا لم أجد يدي تطاوعني إلا على نقل ما بداخلي حول هذا الرحيل الكبير المحزن. { فتحي خليل فقد كبير لمهنة القانون ولزملائه المحامين، وأحسبهم الآن الأكثر حزناً على فراقه رغم أن أعماله الجليلة تعيش بينهم، والكيان الكبير لنقابتهم واتحادهم نشهد له، إضافة لما وفره لهم من حقوق في مجال المهنة أو حتى في المجال العام.. ومهنة القانون تفقده فقد أعطاها الجزء الأكبر من حياته.. وحتى معاملاته مع الناس وعمله التنفيذي في الولاية الشمالية كان منطلقاً من شخصيته القانونية الحقانية. { بالأمس قدم التلفزيون جانباً من حياته وبعض خطبه.. ولا أظن أن معد البرنامج أو مخرجه أو باحثه بذل عناءً كبيراً في اختيار العبارات، فقد كانت كل كلماته الاهتمام بالناس والإخلاص في العمل والحفاظ على المال العام، وحتى أنه أشرك الأهالي والمجلس التشريعي في مهمته بالوقوف على أي »جنيه كيف دخل الخزانة وكيف خرج« وهو التعبد الذي يستخدمه كثيراً. { لهذا كان مشهد تشييعه معلماً بارزاً من معالم تشييع العظماء في بلادنا، وكان الكل يبكي ويدعو له.. وكل يعزي الآخر، فقد كان فتحي خليل للجميع.. ونسأل الله أن يعطيه بقدر ما قدم.. ونسأل أنفسنا أن نكثر من الدعاء له بالرحمة.. رغم أن له من الأعمال والصدقات والعلم النافع والولد الصالح الداعي الكثير. نقطة.. نقطة { خلال التشييع وجدت أن دمعات الرجال العزيزة تقفز من عيني المحامي الكبير الأستاذ غازي سليمان.. وكان الأكثر تأثراً، وقال كلمة الحق بأن فتحي فقد كبير للوطن والمهنة، رغم أنهما كانا على طرفي مجموعتين في انتخابات نقابة المحامين.. ولكن كلمة الحق تعلو دائماً. { ذكرت أمس أنه وبحكم الجوار ومعرفة السنين، طلبت من الراحل أن يتولى نيابة عني رفع دعوى على مجلس الصحافة والمطبوعات بسبب قراره الظالم بإيقاف صحيفة «الجريدة» الرياضية.. وقبل المهمة وأعاد لنا الحق.. رغم أن الدعوى والقضية من تلكم التي لا تقع ضمن أعماله ولكنه لا يرفض طلباً. { مرة في أحد الأعوام حين كنا نعد فريقنا القومي لنهائيات كأس العالم وفي جلسة جمعتني به والبروفيسور إبراهيم غندور، طلبت منهما حافزاً باسم نقابة المحامين واتحاد العمال للمنتخب.. وبكل طيبة نفس أعلنا حافزاً ضخماً.. وظل يسأل عن حال المنتخب. { رحم الله فتحي خليل بقدر ما قدم.. والعزاء من بعده لشعب السودان.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».