تنظر محكمة جنايات الخرطوم واحدة من أخطر الجرائم الموجهة ضد الدولة. يواجه فيها أربعة متهمين بينهم موظفون بوزارة الخارجية والمجلس الوطني تهماً تتعلق بالخيانة العظمى والتجسس على البلاد وتسريب معلومات وتقارير استراتيجية لمخابرات دول أجنبية، وذلك بعد تكوينهم لشبكة تجسس تستخدم تقنيات اتصال حديثة لعمليات التجسس. وقد استمعت محكمة جنايات الخرطوم في جلستها السابقة برئاسة مولانا عبد المنعم سليم لخطبة إدعاء قدمها المستشار بوزارة العدل أسامة هارون السيد رئيس هيئة الإتهام كشف خلالها أنه وردت معلومات لجهاز الأمن والمخابرات إدارة مكافحة التجسس أن المتهم الثاني استطاع أن يتحصل على معلومات وتقارير استراتيجية ويبثها لرجال مخابرات أجنبية من وزارة الخارجية. واستطاع أن يجند المتهم الأول في الخارجية والمتهمة الثالثة في الخارجية والمتهم الرابع بالمجلس الوطني ليأسسوا شبكة إجرامية، وعن طريقه تحصل على تقارير استراتيجية يستخلص منها المعلومات ويرسلها لسفارة دولة جنوب أفريقيا، وترسل له مقابل ذلك (200- 250) ألف دولار، ويصرف منها على بقية الشبكة الإجرامية بالجنيه السوداني. واعتبر المستشار هارون أن هذه الجريمة تندرج تحت جرائم الخيانة العظمى مطالباً المحكمة أن توقع عقوبات تناسب مع الجريمة. كما استمعت المحكمة للمتحري مستشار بنيابة أمن الدولة خالد بله يعقوب وقال إن الشاكي ويتبع لجهاز الأمن أبلغ النيابة بأن المتهم قام بتجنيد المتهمين، وكونوا شبكة إجرامية أسهمت وتعاونت في تسريب معلومات تمس الأمن والدولة، وأن تسريب المعلومات كان عن طريق البريد الالكتروني وأحيانا لمندوب سفارة جنوب أفريقيا الذي يتصل عليه دائماً، وقال إنه استجوب المتهمين بعد القبض عليهم حيث أقر المتهم الأول بالتهم المنسوبة إليه، وأقرت المتهمة الثالثة بأنها سلمت المتهم الثاني تقارير نظير مبلغ مالي تتقاضاه أسبوعياً، إلى ذلك قدم المتحري حزمة من المستندات والمعروضات. واضاف لدى سماعه في جلسة الأمس أنه وحسب إفادة المبلّغ وشهود الاتهام وما جاء فيها تبين أن الأدلة كافية لتقديم المتهمين للمحاكمة، وذلك بموجب المواد (21)،(24)،(25)،(26)،(50)،(53)،(55)،(65)،(88) من القانون الجنائي لعام 1990 ذلك بالإضافة إلى المادة (153) من قانون النظام العام، بخصوص الأعمال الفاضحة على المتهم الثانى الذي عثر بهاتفه الجوال على صور وأفلام فاضحة. وأوضحت الإفادات بأن المتهمين الأربعة هم شبكة إجرامية تقوم بأدوار مختلفة، وأن المتهم الثانى هو صاحب عمل طوعي إعلامي قد جند للتخابر ضد الدولة من جهات أجنبية مقابل مبالغ مالية بالدولار، وهو بدوره يقوم يتجنيد أطراف فى جهات حساسة، فقام بتجنيد المتهم الأول والثالثة ويعملان بوزارة الخارجية، وقام بتجنيد المتهم الرابع الذى يعمل بالمجلس الوطنى أيضاً، حيث يقوم المتهمون بتسريب التقارير والمعلومات دون إذن مرؤوسيهم ويسلمونها للمتهم الثانى. وكشفت التحريات عن كيفة تعارف والتقاء المتهمين ببعضهم البعض، حيث قام الثاني بالاتصال على إدارة الإعلام بالخارجية للاستفسار عن إحدى الندوات، وهنا كانت بداية تعرفه على المتهم الأول، أما المتهمة الثانية فكانت متدربة مع الأول الذى من خلاله تعرفت على المتهم الثاني وقام بتدريبها، أما الرابع ويعمل بالمجلس الوطني فقد تعرف عليه في إحدى ورش العمل المفتوحة. إلى ذلك تمكن جهاز الأمن من اكتشاف الشبكة من خلال مركز (دانا كوم) بالخرطوم، ويديره المتهم الثانى وهو بدوره يدار بواسطة آخرين متخابرين، فيقدم لهم تقارير رسمية تتحدث عن جهات حكومية رسمية معظمها مؤسسات مهمة بالدولة.وبعد إبلاغ نيابة أمن الدولة قامت بالتفتيش وتم القبض على المتهم الأول فى طريقه للثاني بشارع البرلمان وهو يحمل مستند اتهام عبارة عن تقرير يتحدث عن إدارة الجنوب صادراً عن الخارجية، وتم القبض على المتهم الثاني بالقرب من مسجد بحري الكبير داخل عربة. والذى أفاد المجلس الوطني بأنه لا يملك الحق في الإدلاء بالمعلومات. أما المتهمة الثالثة فتم القبض عليها بالقرب من مركز عفراء التجاري فيما أُلقي القبض على المتهم الرابع بمنطقة الخرطوم شرق، وهو فى طريقه لمناسبة، وقد تبين من خلال التحري أنه لم يكن يخطر جهته بما يقوم به من تقديم للتقارير، بل وأحيانا يقوم بتقديمها بعد إصدارها وقد تم خلال التفتيش بعد القبض على المتهمين العثور على معدات وآلات للطباعة، كما تم العثور على تقارير جاء فى واحدة منها إخبار جهة أجنبية بشراء السودان لأسلحة وطائرات مقاتلة. ومستندات عسكرية إستراتيجية خطيرة تتعلق بأمن البلاد وسلامتها، وتقارير أخرى تتناول تسليح القوات ومعلومات أخرى تتناول كيفية إجهاض النظام القائم بالخرطوم والوسائل المساعدة على ذلك، ورفعت الجلسة ظهر أمس بعد طلب من هيئة الدفاع للإطلاع على هذه المستندات.