تقول الطرفة إن أخونا (الصعايدي) في جنوب مصر كان قد اتُّهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وتم عرضه على النيابة واستكمل كل الإجراءات والحيثيات اللازمة لعرضه على المحكمة... واستطاع أهله أن يُحضروا له أشطر المحامين في مصر وأميزهم في القانون الجنائي.. واتفق المحامي مع المتهم أن يعمل فيها مجنون.. ولا يرد على أسئلة القاضي أو النيابة إلا بطريقة واحدة وهي كلمات في شكل موسيقا متقطعة لا تزيد على قوله (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ). واستمع المتهم للنصيحة ووافق على أدائها ثم إنه اتفق مع المحامي أن يدفع له عشرة ملايين جنيه إذا خرج بحكم البراءة. وفعلاً بدأت المحكمة وسأل القاضي عن اسم المتهم فقال (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ) وسأله عن عمره ومكان عمله فقال (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ) وسأله عن الأسباب التي دعته إلى قتل الضحية فرد قائلاً (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ) وعند ذلك اقتنع القاضي أن هذا الزول مجنون وأصدر قراراً بالإفراج عنه نظراً لظروف حالته النفسية والعقلية. وبالطبع فإن الأهل فرحوا بالإفراج عنه وزغردت النسوان وفرح المحامي ببراءة المتهم وتوجه نحوه مباركًا البراءة وطلب منه أن يدفع له مبلغ الأتعاب الذي اتفق عليه وهو عشرة ملايين ولكن المتهم رد على المحامي قائلاً: (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ) وهو يتمايل طرباً. والجنوبيون ظلوا يقولون لنا (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ) منذ الاستقلال في 1956م وظلوا (يعملوا فيها مجانين) منذ أحداث توريت التي قتلوا فيها كل الشماليين بدم بارد وأعادوا الكرّة في أحداث الهالك قرنق فيما عُرف بيوم الإثنين الأسود. وفي كل مرة كنا نعتقد خطأ أنهم (مساكين) وأنهم (المظلومين) وشربنا منهم مقلباً اسمه الوحدة (الجاذبة) فقمنا بالصرف على أكلهم وشربهم وعلى بناء الطرق والجسور وهم راقدون على ظهورهم على حسابنا وأخرجنا لهم البترول رغم كل التعنت والحصار الأمريكي وحصلنا على عدة البترول كل صامولة من بلد.. وعلمناهم في مدارسنا وجامعاتنا وأسسنا لهم المدارس والمعامل. ثم خُدعنا مثلنا مثل (أي عوير) بأن التصويت لتقرير المصير ربما يُفضي إلى الوحدة الجاذبة التي لم تكن غير خيالٍ بالٍ في عقول بعضنا.. وكانت مرحلة التصويت عندهم إيذاناً بالانفصال.. بل إنهم سموه الاستقلال، وفوجئنا بأن نتيجة الاستفتاء (99.9%) وفي ذلك اليوم رقصوا ومدوا لنا ألسنتهم وقالوا (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ) وباي باي للعروبة وباي باي للإسلام ووسخ المندكورو وفوق كل ذلك لم يشكرونا على هذا الانفصال السلس بل قالوا إنه الاستقلال المستحق عنوة واقتداراً.. وفي كل مرة يذهب وفد من وفودنا يرجع وفي أذنيه تطن نغمة (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ). ثم إنهم أغلقوا خط البترول الناقل على أمل أن يجعل ذلك دولة السودان تنهار وحكومتها تسقط خلال أسبوعين ولما لم يسقط النظام بدأت (الجقلبة) وضرب (الكوراك) و(الجرسة) وعندها علموا أن الفول بالزيت والعدس بالدكوة وموية الفول بالجبنة والصلصة بالرز والشعيرية بالسمن والفتة بالبوش تحتاج إلى علاقات مع السودان أقلها الإقامة والتملك والحركة والتنقل وهنا جاء الوقت الذي يجب أن يقول فيه الشمال وحكومته (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ).. واليوم يُتوقع أن يجتمع المشير البشير مع رئيس دولة الدينكا... وسيجد أنه يضع على رأسه «برنيطة» أمريكية كان قد أهداها له (أوباما) وسيجد أن سلفا كير يريد أن يحقق لأهله توفير مائة وثلاث وسبعين سلعة كان يحصل عليها مجاناً عندما كانت البلاد موحدة ولكنه بعد الانفصال (انزرّ زرَة الكلب في الطاحونة)... وبعد أن كان يعتقد بأن احتلال هجليج وتعكير أمن جنوب كردفان وجنوب دارفور والنيل الأزرق سيجعل السودان بلداً محطماً وجد الآن أنه لا بد من أن يجلس مع الرئيس بعد ان اشتكى لطوب الأرض واستنجد بالأمريكان والبريطان والألمان.. ولكنه من المؤكد أنه يحمل في عقله الباطن نشيد (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ)... ومع امنياتنا للرئيس البشير بالتوفيق نؤكد له أن أهله في السودان يريدون انفصالاً (سلساً) يجعل المفاصلة بيننا وبين الجنوبيين واضحة ونهائية وحاسمة... فنحن لا مانع لدينا من التعامل المبني على الاحترام والأمان... ولكننا نرفض أي تعاون يقوم على العداء ودعم قطاع الشمال وحركات التمرد... ونرفض وجود الخلايا النائمة بيننا... ونرفض بقايا الجنوبيين بالسودان... ونرفض محاولات عملاء الجنوبيين والأمريكان التي تنادي بالجنسية المزدوجة مثلما يحاول منصور خالد.. كسرة: لا بد أن نذكر السيد الرئيس وهو يجتمع برئيس دولة الدينكا بأن هؤلاء الناس لا توجد في لغتهم أي تعابير مقابلة لكلمة «شكراً» ... ولهذا فمن غير المتوقع أن يقول سلفا كير شكراً حتى لو «ألحسته العسل المصفى»... وهذه حقيقة علمية أكدها البروفسيور الأمريكي الذي أقام بين الدينكا وأوردها للصحف الدكتور سنادة وبعض محققي علم الانثربولوجيا... وحتى لو قام السودان بمنحهم أربعين حرية بدلاً من أربعة وأعطاهم مائة وأربعين منطقة متنازع عليها بدلاً من أربع عشرة فلن يقولوا شكراً.. بل سيقولون (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ)... ونسأل السيد والي الخرطوم متى سيتم حصر الجنوبيين وجمعهم في مكان واحد استعداداً لترحيلهم قبل أن يقولو لكم (تَرَرَمْ.. تَرَرَرَمْ تَرَرَمْ)... --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني (مع تحديد إسم الكاتب ) عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ---- دكتور ارجو شاكرا ان لا تتوقف عن تكرار ...... اربعة ملايين حنوبي يحتاجون الى.................حتى يظل الامر حاضرا في اذهان الجميع جعفر برسي/المحامي .