عمنا الشيخ فاروق أبو عيسى السياسي العجوز والوزير النافذ في حكومة النميري الشمولية.. والشيوعي المشهور ومؤيد التمرد على أيام قرنق وباقان وعرمان ومشار.. هذا الرجل الذي يوصف بأنه رئيس الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني، أعلن أول الأمس أن ما تتخذه الحكومة وما يطالب به الشعب (كل الشعب) لرد العدوان بأنه (تجريمي وقبيح) ويدعو لتعظيم الحرب والصدام. وبالطبع فإن عمنا فاروق بهذا يريدنا أن نركن ونستكين بحيث أن من لطمنا على خدنا الأيمن ندير له خدنا الأيسر ليلطمنا عليه كذلك، ومن شتم أبو أهلنا نرخي له رؤوسنا لكي يتبوّل عليها.. ويريدنا أن نكون مثل ذلك الزول دخل في (شكلة) مع شخص آخر.. والتف حولهم الناس يشجعونهم ويحرشونهم للمزيد من الدواس.. والشكلة التي بدأت بالشتائم والسباب انتهت بأن الخصم الآخر ضرب الرجل (بونية) قوية وقع على إثرها أرضاً.. ولم يتحرك الرجل ولم يهب واقفاً.. وكان مشجعوه يلحون عليه أن يتماسك ويقاوم وهو يأبى أن يقف ليواصل القتال.. وعندما يسأله مؤيدوه لماذا لا يقف؟ ولماذا يظل راقداً؟ كان يقول لهم: (راقد لي فوق رأي).. وانتظروا طويلاً إلى أن انتهت المشكلة وانفضّ الجمع، وسأل المؤيدون صاحبهم عن رأيه الذي كان (راقد فوقو)، فقال لهم: إن رأيه هو انه لو قام فسوف يضربه الخصم مرة أخرى). وعمنا أبو عيسى يريدنا أن نظل راقدين (فوق رأي) أو من (دون رأي).. المهم أن نظل راقدين ومنبطحين وأن يظل (أهله) من الدينكا والحركة الشعبية وحركات التمرد يضربون ظهورنا ويلهبون أجسادنا ويستبيحون المدن والقرى الحدودية ويحيون الخلايا النائمة، ونحن ساكتون راقدون نتلقى الضربة تلو الأخرى ونولول مثل النسوان.. ومع كل ذلك نسمح لفاروق أبو عيسى أن يترأس شيئاً يسميه (قوى الإجماع الوطني المعارض) وينفض ويجتمع ويقوم ويقعد ويعلن في بجاحة يحسد عليها عن تكوين لجنة يسميها (لجنة منع الحرب).. وبالطبع المقصود من هذه اللجنة أن تمنعنا وتخذلنا نحن في الشمال من حرب المليشيات الجنوبية، وأن تمنعنا من الدفاع عن أنفسنا ونسائنا وأطفالنا، وأن تمنعنا من الدفاع عن الأرض وعن العِرض وعن المال والولد، وتمنعنا من الدفاع عن الضرع والزرع.. ثم إن هذا التجمع الخائر الذي يقوده فاروق أبو عيسى يصف قانون رد العدوان بأنه (تجريمي وقبيح)، ويقول إن من وضعوه كانوا في حالة (نزوة) و(غضب)... والغضب معروف، ولكن يا عم أبو عيسى ما هي (النزوة؟!) كل ما هناك يا شيخنا أبو عيسى أن أرضنا قد سلبت وآبار بترولنا قد احترقت وأهل القرى تم تشريدهم بنسائهم وأطفالهم وشيوخهم ولو تركنا الجنوبيين الذين تنتظرونهم بفارغ الصبر حتى يصلوا إلى الخرطوم لكنت أنت ومن معك في عداد (الملحوسين) لأنهم عندما يصلوا الخرطوم لن يفرقوا ما بين العرب والزرقة وما بين الدنقلاوي والبرقاوي وما بين الرباطابي والرزيقابي فكلهم مندكورو وكلهم جلابي وكلهم أضان حمراء.. وتأسيساً على ذلك نهيب بكل أهلنا وأولادنا أن يهبوا للذود عن أرضهم وعِرضهم وأن لا يستمعوا إلى والعملاء، وأن يثقوا أن برنامج الحكومة الآن قد اتفق مع برنامج الشعب، وأن هناك شعاراً للطوارئ ومنع التهريب، والدفاع عن الأرض والعِرض يصل إلى درجة shoot to kill وليس أمامنا في ظل المعطيات الماثلة غير ثلاثة احتمالات: إما أن ترق منهم دماء، أو ترق منا الدماء، أو ترق كل الدماء. نقلا عن صحيفة الرائد1/5/2012