تباينت الآراء لعدد من الخبراء الاقتصاديين ما بين مؤيدٍ ومعارض للاتفاقية الموقَّعة بين دولتي السودان وجنوب في أديس أبابا بعد سبع جولات من المباحاث، وتشمل التوقيع على بروتكول التعاون بين البلدين لحل كل القضايا الخلافية، وأبرزها الترتيبات الأمنية، وأحوال المواطنين في البلدين، والملف الاقتصادي، بما فيه النفط الذي له تأثير كبير على الوضع الاقتصادي في البلدين، ويعتبر المصدر الرئيسي لدولة الجنوب باعتبارها دولة وليدة.. قبل أن يجف مداد الاتفاق (الإنتباهة) أجرت استطلاعًا وسط عدد من المهتمين بالشأن الاقتصادي لمعرفة مدى إمكانية دوام تلك الاتفاقية ومساهمتها في الاقتصاد خاصة النفط والتجارة، وتقييم إلى أي مدى يمكن أن يلتزم الجنوب بتنفيذ بنودها.. وما هي المكاسب التي تعود على الشمال.. وغيرها من الأسئلة.. ضبابية المصداقية جاء حديث بروفيسور عصام عبد الوهاب بوب مشككًا في الاتفاقية وابتدر حديثه ل (الإنتباهة) أمس قائلاً: إن الاتفاقية تأتي بصورة ضبابية أولاً في مصداقيتها وإمكانية ديمومتها أو بمعنى أصح قابلية تنفيذ الاتفاقية بصورة حقيقية ذلك لأن رؤساء الدولتين اجتمعا واتفقا على أمور كانت الوفود وما زالت مجتمعة لمناقشة الأمور حولها، وقال إن الاتفاقية تأتي مفروضة علينا من جهات خارجية، مشيرًا أن الحلول التي تم وضعها لم تكتب اتفاق الطرفين وإنما كانت عملية تعميمية واستفتاءً في الغالب لصالح أغراض سياسية للولايات المتحدةالأمريكية، وتوقع أن تكون هنالك أطراف من الدولتين غير راضية على ما تم الاتفاق عليه، وأكد أن الاتفاقية ستواجه مشكلات حقيقية في التنفيذ أولها ما تم الاتفاق عليه في الأسعار وترحيل البترول ومن الواضح أن هذه الأسعار مطالبة الشماليين وما عرضه الجنوب وأنها (نزلت برشوت) في الغالب فرضه جانب خارجي، مضيفًا أن الاتفاقية لم تتطرَّق للمسائل الحقيقية منها أسباب النزاع بين البلدين وأهمها الحدود، وتساءل: أين الجانب الأمني الذي تحدث عنه مسؤولو الشمال؟ وهل تحقق؟، وقال إن فرض منطقة عازلة يعني أنه ليس هنالك اتفاق وإنما هنالك فرض مقترحات دولية والتي وصفها بالأقراص المسكنة ولفت إلى أن وجود مناطق عازلة وعدم وجود اتفاق على إنهاء العدائيات وتحد الأطراف المقاتلة في جنوب السودان والحركة الشعبية في شمال السودان وفك الحظر على إرسال مساعدات لجنوب كردفان والنيل الأزرق يؤكد استمرار التوتر وأسباب الحرب ما بين الشمال والجنوب ما زالت موجودة بقوة وأشار إلى أن التبادل التجاري إذا تم سيكون في حدود بسيطة، مبينًا أن تلك الاتفاقيات وحسب ما قرأته في ملامح وجوه المسؤولين في السودان وأقوال الجنوبيين بأن الاتفاقية لن تستمر كثيرًا حتى قبل أن يجف مداد الحبر الذي وقعت به. استقرار اقتصادي فيما خالفه الرأي الخبير الاقتصادي حسين القوني وقال إن الاتفاقية التي تمت بين البلدين سيكون لها أثر إيجابي على الدولتين خاصة في مجال التبادل التجاري باعتبار أن الجنوب يستقبل جميع منتجات السودان الصناعية والزراعية والنفط والأصول والديون الخارجية، إضافة لدورها الكبير في معالجة مشكلة الغلاء الطاحن وارتفاع الدولار وانخفاض العملة الوطنية، وأضاف القوني أن المحصلة النهائية لتلك الاتفاقية ستؤدي إلى استقرار سياسي وأمني واجتماعي من شأنه إعادة التبادل التجاري واستئناف ضخ النفط، وقال نعول أن تساهم في استقرار الدولتين وتصحيح مسارهما، وقال: فيما يتعلق بالاتفاقية لا أتوقع أن تكون هنالك نتائج اقتصادية عاجلة ولكنها قد تأخذ بعض الوقت. تدخل خارجي من ناحية أخرى يقول الخبير الاقتصادي محمد الجاك إن الملفات التي تم الاتفاق حولها لا تمثل المعالجة الشاملة التي نص عليها القرار (2046) من مجلس الأمن، مبينًا أنها اتفاقيات جزئية بالأخص الملف الأمني فالخلاف حول منطقة أبيي يشكل محورًا أساسيًا، مشيرًا أن الاتفاقيات الاقتصادية والبترول تم الاتفاق عليها مسبقًا ولا تحتاج إلى قمة رئاسية، مضيفًا أن الاتفاق حول البترول ذو أهمية على اقتصاد البلدين، مشيرًا لوجود جهات أثرت بصورة واضحة باعتبار أن لها مصلحة في الوصول لاتفاق سواء كان خارجيًا أو داخليًا، موضحًا أن التعامل مع القضايا العالقة تم بصورة انتقائية والتي قد يكون لها ارتباط بالجانب الاقتصادي، وقال: بصورة عامة أعتقد أن تلك الاتفاقيات ستمثل جزءًا من حل المشكلات بين البلدين، مبينًا أن الجانب الإيجابي الوحيد في الاتفاقية التوصل لتأجيل أي قرار عقوبة صادر عن مجلس الأمن. ينبغي تطبيقها على أرض الواقع أضاف الخبير محمد الناير أن توصل الإرادة السياسية للدولتين يعتبر عنصرًا محركًا للوصول لهذه القضايا، وينبغي تطبيقه على أرض الواقع والسيطرة على كل مستويات الحكم بين البلدين خاصة المحليات والولايات الحدودية لضمان عدم حدوث خروقات أمنية جديدة، وقال بالنسبة للنفط فهو لمصلحة البلدين والنفط يعتمد عليه كمورد أساسي، أما الشمال فإن العائدات تفوق (2,5) مليار دولار وتعتبر إضافة للإيرادات الخاصة بالميزانية وبالتالي المساهمة في استقرار سعر الصرف بجانب آخر يشكل إيرادات الموازنة مما يقلل معدل العجز في الميزانية للعام (2013م)، وقال الناير: بالنسبة للحريات الأربع في التملك وحرية التنقل والعمل والإقامة فهي تصب في مصلحة مواطني دولة الحنوب أكثر من الشمال، موضحًا أنه سيتم إبقاء عدد من الجنوبيين بالشمال وفقًا لهذه الاتفاقية. وإشار إلى ارتفاع تجارة الحدود بين البلدين خاصة أن الجنوب يعتمد على ما يزيد عن (150) سلعة من الشمال، من شأنها تحقق عائدات صادر تزيد من حصيلة النقد الأجنبي ويسهم العائد المتوقع من النفط في استقرار سعر الصرف وتخفيض معدل التضخم وحسب ما أوضحته وزارة التجارة أكد معتصم مكاوي مدير إدارة الصادر أن التبادل التجاري يتم في كل السلع مع دولة الجنوب ما عدا السلع المدعومة، مشيرًا أن الأرقام التي تورد عن حجم التبادل غير دقيقة.