إلتقى وزير الخارجية السيد/ علي كرتي بنظيرته الأمريكية هيلاري كلنتون، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وعلى ذكر (الأممالمتحدة) يشار إلى أن وزيرة الخا رجية الأمريكية كانت قد أصدرت أوامرها بالتجسّس على الأمم التحدة في السودان، كما أمرت السيدة (كلنتون) كذلك مسؤولين أمريكيين بالتجسّس على قادة الأممالمتحدة، بمن فيهم الأمين العام السيد/ بان كي مون. جاء في تقارير الأخبار التي نقلت لقاء كرتي كلنتون، أن الخرطوموواشنطن اتفقتا على فتح الإتصالات على كافة المستويات بين البلدين. كما طلب وزير الخارجية السّوداني من نظيرته الأمريكية رفع اسم السّودان من قائمة الإرهاب وإلغاء الحظر الإقتصادي. يُذكر أن وزيرة الخارجية الأمريكية قد زارت (جوبا) في أغسطس 2012م، حيث التقت بالسيد/ سلفا كير ميارديت، وذلك في سلسلة اللقاء الأمريكية رفيعة المستوى بقيادات الحركة الشعبية وحكومة جنوب السودان. حيث كان السيد/ سلفا كير قد التقى بنائب الرئيس الأمريكي (جوزيف بايدن) في 9/ يونيو 2010م بالعاصمة الكينية نيروبي، وذلك في إطار الترتيب الأمريكي لفصل الجنوب. وكان قد سبق لقاء (سلفاكير- بايدن) إعلان المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان (ناستيوس) في محاضرة بجامعة (جورج تاون) بأن أمريكا ترتب لانفصال جنوب السودان في استفتاء يناير 2011م. كما سبق لقاء (سلفاكير بايدن) وإعلان (ناستيوس)، إعلان الجنرال (غريشن) المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للسودان، بأن استفتاء 2011م سيسفر عن طلاق سلمي بين جنوب السودان وشمال السودان. كما التقى السيد/ سلفاكير بالرئيس أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك في العام الماضي. عندما زارت وزيرة الخارجية السيدة/ هيلاري كلنتون (جوبا) في أغسطس الماضي كانت تلك الزيارة في أعقاب تجديد واشنطن وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك للعام التاسع عشر على التوالي. كما تضع واشنطن السودان على قائمة الحظر الإقتصادي منذ نوفمبر 1997م وإلى اليوم، للعام الرابع عشر على التوالي. وضع السودان في قائمتي الإرهاب والحظر الاقتصادي، تمّ خلال عهد الرئيس بيل كلنتون. وبعد أربع سنوات في منصب وزيرة الخارجية، ليس هناك ما يفيد بعد أن السيدة هيلاري كلنتون قد خرجت عن جلباب زوجها. تلك الفترة التي شهدت الترتيبات الأمريكية لفصل جنوب السودان، شهدت كذلك تصعيداً متزايداً في أروقة الكونجرس، من حيث اهتمامها بالشأن السوداني. حيث كان الكونجرس يعقد أحياناً جلستين خاصتين بالسودان خلال شهر واحد فقط. في إطار الترتيبات الأمريكية لفصل جنوب السودان، وفي سياق اهتمام الكونجرس الإستثنائي بالسودان، اجتمع رئيس الموساد (مائير داقان) في 13/مارس 2010م بممثلي الكونجرس الأمريكي، حيث تباحث في شأن (المقاتلين السودانيين ضد القوات الأمريكية في العراق). حيث أفاد أنهم سيرجعون لتكوين تنظيمات مسلّحة تهدد الإستقرار في المنطقة، أي تكوين تنظيمات مسلحة معادية لأمريكا وتهدد المصالح الأمريكية، كما تهدد إسرائيل في نهاية المطاف، على حدّ عبارة (مائير داقان). وفي ذلك السِّياق علَّق (داقان) أمام ممثلي الكونجرس بأن السودان ليس معدَّاً جيِّداً وبالصورة الكافية لمواجهة التحدي الداخلي الذي سيشكله المجاهدون العائدون. وأضاف (داقان) أن مزيج تدريبهم العسكري و غياب الحكومة القوية الراغبة والقادرة على مواجهتهم، سيكون له عواقب مدمِّرة على إسرائيل. وذلك عن طريق الفوضي التي سيثيرونها، على حدّ عبارته. في إطار السياسة الأمريكية العدائية ضد السودان، في إطار جبل العدائيات الأمريكية ضد السودان، هل يأتي لقاء (كرتي - هيلاري) والإتفاق على فتح الإتصالات بين البلدين على كافة المستويات، هل يأتي بمثابة اختراق حقيقي أم أن اللقاء مجرّد (تمرين علاقات عامة)، لا أكثر ولا أقل. (تمرين علاقات عامَّة) لا يسمن ولايغني من جوع. يُشار إلى أن خلال مفاوضات نيفاشا، وخلال عملية ترتيبات فصل جنوب السودان، وعدت واشنطنالخرطوم بتطبيع العلاقات الثنائية ورفع السودان من قائمتي الإرهاب والحظر الإقتصادي وإعفاء الديون وتدفُّق الإستثمارات الأمريكية إلى السودان. هل السودان راح ضحية خديعة أمريكية كبرى، بفصل الجنوب؟. حيث تمّ توقيع سلام نيفاشا في يناير 2005م. وتمَّ إعلان انفصال دولة جنوب السودان في 9/يوليو 2011م، ولم يحصد السودان غير العدم، لم يحصد السودان من الوعود الأمريكيّة غير الهشيم، ولم يقبض غير الرّيح. وذلك رغم أنّ دولة الجنوب الإنفصالية قامت بمساحة (640) ألف كيلومتر. وهي تساوي (26%) من مساحة السودان، والتي كانت تبلغ (2.5) مليون كلم2. قامت دولة الجنوب حيث تقع (90%) من أراضي جنوب السودان في حوض النيل. بقية السودان تساوي (20%) من الحوض. كما أن كل مشاريع زيادة إيراد مياه النيل تقع في جنوب السودان. جملة تلك الزيادات (20) مليار متر مكعب. أيضاً يُشار إلى أن حوض النيل يعتبر من أكبر الأحواض الجوفية في العالم. لم يحصد السودان من الوعود الأمريكية غير العدم، بل لم يحصد غير (الإنفصال واستدامة الحرب الأهلية). حيث انفصل إلى جزئين، ولم يكسب السلام، وما تزال الحرب الأهلية قائمة. ذلك سيناريو الكونغو أعيد إنتاجه بنجاح في السودان!. لم يحصد السودان غير العدم من الوعود الامريكية، رغم انفصال الجنوب الغنيّ بالنفط في جنوبه على الحدود مع شمال أوغندا، حيث تستثمر الشركات البريطانية والغنّي بالنفط في شماله على الحدود مع السودان. حيث يبلغ نصيب جنوب السودان من إنتاج صناعة النفط السودانية (70%). السودان أهدى الجنوب مع الإنفصال صناعة (نفط جاهزة)، أثبتت التجربة وواقع الإنفصال أنها قد أصبحت وبالاً أمنياً واقتصادياً على السودان. كلّ تلك الفواتير الفادحة ألا تكفي في نظر واشنطن ثمناً لتطبيع العلاقات الثنائية بين الخرطوموواشنطن. إذا كان كل ذلك لايكفي، فذلك يعني بالتأكيد أنّ واشنطن تمزح وتهزأ بالخرطوم، وغير جادة في أى علاقات ثنائية ذات جدوى. السيدة هيلاري كلنتون والرئيس أوباما في البيت الابيض يعلمان أن السودان قدَّم (26%) من مساحته الغنية بالنفط والماء و(21%) من السّكان. لكن لم ينل أمريكياً أو دولياً شيئاً من استحقاقات تلك التضحيات. بل لا تزال السّياط الأمريكية على طريقة ال(Lynching) تلهب ظهره حتى الموت، وهو معلّق في شجرة البؤس التي صنعتها أمريكا خصيصاً للسودان!. نظرة السيدة هيلاري كلنتون التي أبرزتها الصورة وهي تصافح السيد/علي كرتي، هل هي بداية لعهد جديد في علاقات البلدين، أم هي مجرد إيماءة (علاقات عامة) والسلام، أم هي نظرة ضياع تترقب صدور مذكرات (مونيكا). يرى البعض أن مذكرات (مونيكا) المرتقبة، ستهدم (هيلاري كلنتون) عائلياً، كما ستهدم مستقبلها السياسي.