التخريب.. العبث.. التعصب.. الشحن.. الإعلام السالب.. التشجيع المثالي.. الروح الرياضية.. الأسلوب الدخيل.. التحريض.. الشغب، كل هذه المصطلحات والمفردات ظللنا نسمعها ونرددها ونكتبها في إعلامنا الرياضي المقروء والمشاهد والمسموع، كلما اقتربت مباراة طرفاها الهلال والمريخ.. أو المريخ والهلال «سيان» دون غيرهما من مباريات الديربيات في منافساتنا الأخرى.. كالميرغني والتاكا في كسلا، أو حي العرب والهلال في بورتسودان، أو الأهلي والاتحاد في ود مدني، ظل ذلك طوال السنوات الماضية ونحن نسمع في وسطنا الرياضي هذه المفردات والمصطلحات دون أن تختفي المسببات بل تطورت إلى الأسوأ دون أن نثبت أننا ننشد الإصلاح والارتقاء بأذواق جماهيرنا كي تصل لمستوى التشجيع الراقي والمثالي في ملاعبنا، ودون حتى إيضاح لحقيقة واحدة أو الاقتراب منها وملامستها بوضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بأسمائها، لنضع الحلول الناجعة وبتر الأسباب من جذورها كي لا تستفحل وتصل بنا إلى ما لا تحمد عقباه، وحسناً فعل الزميل الأستاذ كمال حامد، الذي جسد معاني التشجيع في الزمن الجميل عندما أورد في زاويته المقروءة «انتباهة رياضية» في عدد الصحيفة يوم الخميس الماضي، وعدَّد من الأمثلة الواقعية التي كانت تحكم علاقات المشجعين بين قطبي الكرة السودانية من أعلى قمة إدارية إلى أدنى مستوى فكري وعلمي من المشجع البسيط. إن مشكلة العنف في التشجيع، من ألفاظ بذيئة وهتافات مسيئة وتخريب للمنشآت التي هي ملك لشباب هذا الوطن مهما اختلفت توجهاته وعقيدته وانتماؤه الرياضي، لأمر مؤسف.. ومؤسف للغاية.. ومحزن.. بل ربما يصل بنا لدرجة «الهمجية» وقلة الوعي وعدم التحضر!! بعض الجماهير وإن كانت قلة إلا أن تصرفاتها غير المسئولة تؤثر سلباً على الذوق العام، إن دأب هذه القلة على زرع وتفاقم الإشكالات في ملاعب كرتنا.. والتي تأخذنا بها إلى دائرة التساؤلات دون أن نجد من يسمع أو ينصت لصوت الحق والعقل والامتثال له وممارسة التشجيع العقلاني في ملاعبنا وخارجها.. فكلما اجتهدنا لمسايرة ركب التطور واللحاق بمن لحقوا بنا وسبقونا، أعادتنا تلك الفئة من هؤلاء إلى الوراء ظناً منهم أن التقدم لن يتحقق أو يستقيم إلا بالتعصب الأعمى والتصرف بلا وعي والتمترس في خندق ألا للأمام، ومبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان».. كيف لنا أن نتطور ونرتقي بكرتنا ونحن نعاني إدارياً من مشكلات «هايفة» تنخر في تكوينات مجالس إدارات أنديتنا.. كيف نريد أن نقنع هذه الجماهير المتفلتة وقيادات الأندية تتصارع فيما بينها تارة وما بين إدارات الأندية الأخرى والاتحادات المنظمة لمنافساتها ومسابقاتها وبطولاتها «وكأني بهم يقتدون بالحراك السياسي السوداني»، ومناكفات القادة ومحاحكاتهم السياسية.. أي رياضة ننشد لها التطور.. وأي جماهير نريد لها التشجيع المثالي والتواضع عند النصر والابتسامة عند الهزيمة ؟.. ونحن لم نستطع ترميم مثل تلك الأخطاء والتصرفات اللا رياضية التي لا تليق بنا كشعب مارس الرياضة والتنافس منذ قرن من الزمان مضى. أكتب هذا المقال قبل أن نتعرف على رأي أو قرار لجنة التحقيق التي شكلت، بعض الاتهام الصريح الذي احتواه بيان مجلس إدارة نادي المريخ.. وحتى صدور قرار لجنة التحقيق ولن نستبقه ولكننا ندعو وبشدة إلى وضع الضوابط الحاسمة والصارمة التي تكفل ضبط الملاعب مهما كلف ذلك من إجراء سيما وأن هناك قمة رياضية منتظرة بين المريخ والهلال في بطولة الكونفدرالية الإفريقية وفي ذات الملعب، ملعب نادي المريخ...