يتوهم البعض أن أهل «الإنتباهة» دعاة حرب وناقرو طبول لها، وهذا غير صحيح.. فأهل «الإنتباهة» قالوا نريد «سلاماً عادلاً» لكل الأطراف.. والجنوبيون طلبوا وألحوا وأصرُّوا إلحاحاً أن ينفصلوا.. ولم يكونوا في يوم من الأيام جزءاً من نسيج المجتمع أو لحمته.. وكون أن بعض الملايين منهم هربوا من الحرب التي أشعلها بنو جلدتهم واتخذوا من الشمال ملاذاً لا يجعلهم جزءاً من نسيج المجتمع المتماسك، فقد فعل ذلك معهم الإريتريون والإثيوبيون وكل من لجأ إلى ديار السودان.. وظل مثيرو الفتنة في الجنوب «خميرة عكننة» و«شوكة حوت» و«حصاية في العين» و«شطة في الأنف» لكل الحكومات العسكرية والمدنية ولم تخرج مطالبهم عن الدعوة للانفصال وفي أفضل حالاتها طلب الحكم الذاتي.. وكانت الإنقاذ من أشجع الحكومات التي مرت على السودان منذ أن ضم الاستعمار هذا الجنوب تعسفاً إلى السودان.. فأعطت الجنوبيين حق الاستفتاء إن شاءوا انفصلوا وإن شاءوا اتحدوا.. وحاولت إغراءهم بالوحدة الجاذبة و«نقطت» العسل في أفوههم وقالت لهم خذوا كل البترول فقط أبقوا معنا.. ولكن غلبت عليهم شقوتهم «وهذه تحتاج إلى ترجمة بلغة عربي جوبا» وصوتوا كلهم وبنسبة 99.9% لصالح الانفصال، بل قالوا إنه «الاستقلال والله» .. ورقصوا و«ترسوا» و«هللوا» ولم يكبّروا.. وهللّوا هنا معناها قالوا «هالا لويا».. وزغرد باقان أموم وقال بالحرف الواحد: «باي باي لوسخ الخرطوم، باي باي للمندكورو، باي باي للعروبة، باي باي للإسلام».. وقال «لن نترك دارفور ولن نترك جنوب كردفان ولا النيل الأزرق». وهنا جاءت دعوة «ناس المنبر».. وناس «الإنتباهة» وناس السودان كلهم مسترشدين بالإرث التاريخي والقناعات الدينية والثقافة السودانية، وقالوا «عليكم يسهل وعلينا يمهل»، وقالوا «قطر عجيب يودي ما يجيب»، وقالوا«المشتهي الحنيطير يطير» ونحنا كتبنا في «الإنتباهة» وفي غيرها وقلنا إننا نريد سلاماً عادلاً دون ابتزاز ودون انتقاص ودون ضغوط دولية أو محلية من المعارضة، وقلنا لحكومتنا اذهبي وفاوضي هؤلاء القوم، ولكن تأكدي أنهم فعلاً قد انفصلوا واستقلوا تماماً. وأنهم لن يعودوا لنا مرة أخرى، وأنهم سوف يبتعدون بكل مشكلاتهم ومؤامراتهم وأمراضهم المستوطنة.. وتأكدي يا حكومتنا أنهم لن يدعموا المتمردين والحركات المسلحة ولن يكونوا خلايا نائمة تقلق راحة الحكومة والمواطنين.. وقلنا لحكومتنا إننا لا نرغب في إعطاء الحركة الشعبية وجيشها أية حرية للتنقل والتملك والحركة والمواطنة، بعد أن قالوا باي باي لوسخ الخرطوم وباي باي للإسلام وباي باي للعروبة.. وهذا في ما أظن أنه موقف أهل «الإنتباهة» وكتابها وسيظل كذلك.. فأهل «الإنتباهة» ليسوا بالضرورة من المعارضين للحكومة بل ربما كانوا في اعتقاد البعض من الفصائل «المحسوبة عليها» و«المنافحة» عنها و«المؤيدة» لها و«الحادبة عليها» و«الحريصة» عليها، وهم أهل «النصح» و«القربى»، وأهل «الإنتباهة» لا تخيفهم الحكومة وهي ليست بحاجة لاسترضائهم لمؤازرتها، فهم معها ومع الحق والسلام العادل أين ما ذهب. وفي معرفتي لمعظم أهل «الإنتباهة» وأنا منهم، لديهم «حساسية» و«أرتكاريا» و«أكزيما» و«فوبيا» من حاجة اسمها قطاع الشمال، وإذا أردت أن يغلي الدم في عروقنا وتنفقع «مرارتنا» و«تضرب سلوكنا» فاذكر شيئاً اسمه قطاع الشمال.. أو قل لنا «عرمان وعقار والحلو» وأربط ذلك بحكومة الجنوب ودولته حتى تسمع منا ما لا يسرك. ونحن ننتظر من حكومتنا أولاً ألاّ تعترف بشيء اسمه قطاع الشمال.. وأن ترفض التفاوض مع عرمان وعقار.. وأن تتأكد أن حكومة السودان الجنوبي قد فكت الارتباط معهم و «فكتهم عكس الهواء» وطلقتهم «طلاق التلاتة» طلاقاً بائناًَ بينونة كبرى لا رجعة فيه.. حتى لو تزوج قطاع الشمال بمحلل آخر، وحتى لو كان ذلك المحلل أوباما ذات نفسه ودخل بهم دخولاً نافياً للجهالة. هذه يا جماعة مشكلتنا بكل الوضوح والشفافية مع الحريات وقطاع الشمال، وما عدا ذلك نعتقد أنه ترتيبات إدارية نؤيد الحكومة في ما تراه مناسباً لحل مشكلاته مثل الحدود والاقتصاد والبنوك وهلم جرا، ولكن المواطنة لا وألف لا، والحريات الأربع لا وألف لا، وقطاع الشمال لا ومليون لا. { كسرة: قالت الصحف يوم أمس إن الأمن قد ألقى القبض على جيمس قاي في أم درمان القريبة دي، ووجد معه أسلحة كثيرة وقرانوف وقنابل ومعدات اتصال.. وجيمس قاي من اسمه «جنوبي» وخلايا صاحية جداً جداً .. أها يا جماعة بعد ده كلو نحن دعاة حرب ونحن غلطانين.. وبعد ده كلو انتو عايزين الحريات الأربع للجماعة ديل عشان يعملو كده.. ده كلام شنو يا جماعة؟! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.