في العام «2010م» قادت العديد من الأقلام الصحفية المعروفة هجومًا كاسحًا على «الإنتباهة» ودعت لإغلاقها بحجة أنها تقوم بأدوار سالبة في تقوية التيارات الانفصالية وتعارض الاتجاهات الرامية لدعم الوحدة حتى توجت تلك الحملة بقرار سياسي وأمني في السادس من يوليو من ذات العام قضى بتعليق صدورها إلى أجل غير مسمى، وكان الهدف الواضح من ذلك القرار هو إسكات الأصوات التي سُمِّيت بالانفصالية لتهيئة الأجواء للأصوات الوحدوية لدعم الوحدة بالرغم من أن كل الصحف السودانية كانت داعمة للوحدة وقد هيأت تلك الحملات الأجواء أمام إصدار قرار إيقافها من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني لمدة ثلاثة أشهر عادت بعدها الصحيفة للصدور بانتشار واسع وسط القراء وزيادة كبيرة في مبيعاتها ووصل عدد المطبوع منها إلى أكثر من مائة وعشرة آلاف نسخة واقتربت نسبة التوزيع من «100%» وازدادت إعلاناتها وصارت تتداول في أيدي الجميع ممن يتفقون معها ومن يختلفون وافتقدها قراؤها في المكتبات كل تلك المدة، ومثَّل إغلاقها اختبارًا حقيقيًا لمدى تمسك من ينتمون إلى هذه المهنة بمبادئ حرية التعبير خاصة أولئك الذين ظلوا يتوشحون بشعارات على شاكلة «الحرية لنا ولسوانا» وقد نسوا وقتها أن الحرية حق لا يتجزأ كما مثلت اختبارًا جديدًا للسلطات التي رأت أنها أرست مبادئ حرية التعبير والرأي وضمنتها في دستورها وقوانينها. عادت «الإنتباهة» بعد ذلك للصدور بعد أن أعلنت الحركة الشعبية انحيازها لمؤيديها من الجنوبيين وكشفت عن انحيازها المباشر لخيار الانفصال ودعمها له بشدة ومضى الجنوب شاقًا طريقه نحو «الاستقلال» وتوقع الكثيرون أن تتلاشى الصحيفة وتذهب مع الريح بعد أن تحقق هدفها ولكنها استمرت وبذات قوة الدفع التي انطلقت بها وحافظت على صدارتها في حين غابت العديد من رصيفاتها لظروف مختلفة منها من لم تقوَ على الصمود أمام ارتفاع تكاليف ومدخلات صناعة الصحافة ومنها من طالها سيف الإيقاف وشربت من ذات الكأس التي شربت منها «الإنتباهة». وفي تعدٍ سافر لحرية الصحافة عادت من جديد تلك الأصوات وعاد الهجوم على الصحيفة بذات النهج ومن ذات الأقلام لم يكن الهجوم هذه المرة محصورًا على بعض الأقلام الصحفية فقد قاده عددٌ من السياسيين ممن دعمتهم الصحيفة في كثير من المواقف وفي مقدمتهم والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر الذي هاجم الصحيفة أثناء مداولات مجلس الوزراء حول اتفاق أديس أبابا الأخير ورغم أن الخضر لم يسمِّها ولكنه أشار إليها بوضوح عندما قال «إن الصحيفة الأوسع انتشاراً وتوزيعاً هي الوحيدة من بين الصحف التي تتخذ خطًا سالبًا في ما يتعلق بقضايا الجنوب»، ووصف الصحيفة بأنها تخريبية ودعا لردعها وإيقافها، الأمر الذي أثار جدلاً واسعًا ورفضه عددٌ من الصحفيين في مقدمتهم رئيس مجلس إدارة المجهر الهندي عز الدين الذي كتب في زاويته المقروءة «شهادتي لله» قائلاً: «أي صحفي مبتدئ ومحترم لا بد أن يقف بكل قوة وصلابة ضد أي محاولات لإيقاف أي صحيفة تحت أي مبرر، مهما كان، أو فرض أي إجراءات استثنائية ضدها، مثل تلك التي لم يستحِ بعض الولاة أن يطالبوا بها داخل اجتماع مجلس الوزراء الأخير، بهدف تكميم الصحافة وكسر أقلام الصحفيين»، وأضاف: «نحن ضد إيقاف صحيفة الإنتباهة ولو ليوم واحد»، وعلى ذات درب الهندي مضى الكاتب المعروف يوسف عبد المنان في زاويته «خارج النص» بذات الصحيفة إلى أن الخضر كان يترصد «الإنتباهة» في تعدٍ صريح للقانون وجهر بالسوء في أكبر مؤسسة تنفيذية بالبلاد وهي مجلس الوزراء وأكد عبد المنان وقوفه مع حق «الإنتباهة» في الحياة وحقها في التعبير عن رؤيتها لقضية سياسية وأشار إلى أنه لا ينبغي إهدار قدسية المبادئ حرصًا على مكانة الأشخاص وأفعالهم. القيادي بمنبر السلام العادل المدير الإداري السابق ل«الإنتباهة» العميد «م» ساتي سوركتي عندما سألته عن سر الهجوم على الصحيفة أشار إلى أن الهجمة في توقيتها وتجلياتها تتفق مع مرادات المشروع العدواني الصهيوني في هذه المرحلة لأن مرادات هذا المشروع حسب وصفه تتطلب إسكات كل الألسن الكاشفة والعقول المبينة لبلاوى هذا المشروع ولأن الوجدان السوداني والعقل الجمعي للسودانيين يتبين تمامًا شبهات هذه العلاقة المعادية من جانب الحركة الشعبية وحكومة الجنوب التي يديرها مستشارون صهاينة وأمريكان لذلك هذا العقل يجد نفسه متسقًا مع ما يُنشر في «الإنتباهة» ويعبِّر عن هواجسه ومراداته ولهذا صارت «الإنتباهة» هي الأكثر مبيعًا وقراءة لأبناء هذا الوطن المكلوم. لكن في النهاية ستبقى «الإنتباهة» صامتة في وجه العواصف ومرمى النبال وستكون كما النخل لا يموت إلا واقفاً.