سعادة اللواء «م» محمد العباس ما هو رأيك في اتفاقية الترتيبات الأمنية بين حكومة الجنوب وحكومة السودان التي تمت مؤخراً؟ اتفاقية الترتيبات الأمنية فيها كثير من الإيجابيات وكثير من النواحي التي تعيد تثبيت الوضع الأمني بين الدولتين، ومن أهم الأشياء أن ننظر إلى الأسس التي يتم على ضوئها التنفيذ، فالاتفاقيات الأمنية ليست كالاتفاقيات التجارية وتتوقف أساساً على تأثير الأمن القومي للدولة، مثال لذلك اتفاقية أوسلو في عام «1993» بين فلسطين وإسرائيل، والمطلوب منها بعد عشر سنوات أن يتم الاعتراف بالدولتين وأن تكون الضفة الغربية في التنفيذ ولم يتم حتى الآن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك نسبة لتأثير الأمن القومي لإسرائيل كما تراها الحكومة الإسرائيلية، ومثال آخر اتفاقية نيفاشا فهي تستوفي الأغراض الخاصة بتحقيق ما يُعرف بحق تقرير المصير إلا أن سرعة التنفيذ بواسطة حكومة السودان ساهمت في منح حكومة الجنوب كثيرًا من المزايا الإستراتيجية في الضغط على السودان لتنفيذ بنود الاتفاق حسب ما اتُّفق عليه وبالتالي استطاعت حكومة الجنوب الضغط على حكومة السودان بواسطة مجموعة الحكماء والمجموعة الدولية بأن يتم الضغط على السودان لتنفيذ البنود خاصة في ما يتعلق بوجود القوات المسلحة في جنوب السودان مما أعطى الحركة الشعبية مرونة هائلة وفائقة في أن يخلو الجنوب لها وأصبح حكراً كاملاً للحركة الشعبية، هذا ما جعل نتائج الاستفتاء والاتفاق على تنفيذ بنود الاتفاقية أن يتم بشفافية كاملة وأعطى الجنوب مزايا إستراتيجية دون مبرِّر، ويجب أن نتعلم الدرس من الاتفاقيات السابقة مع الجنوب ويتم الاتفاق على التنفيذ وفق آليات مشتركة تحقِّق الأهداف الإستراتيجية للدولتين، فإذا تسرعنا في التنفيذ دون اعتبار للأمن القومي السوداني سيحصل الجنوب على مزايا إستراتيجية جديدة في تنفيذ الاتفاق الحالي. في رأيك ما هي سلبيات هذا الاتفاق؟ من أكثر العيوب في هذا الاتفاق أنه عند عرض الاتفاق لم توضِّح الخرائط الحدود والمناطق المنزوعة السلاح والمنطقة العازلة بين الدولتين «الميل 14» وتأثيرها على الأرض، فالاتفاق بين القيادات السياسية لا بد أن يتم بخرائط وبالتالي يتضح إذا كانت هنالك خطورة في التنفيذ ليتم اكتشافها مبكراً ويكون ذلك في إطار التداول بين الدولتين في الوصول إلى صيغة بينهما. هل ثمة مخاطر أمنية وأية محاذير؟ أولاً يجب أن ننظر إلى كيف سوف يكون وضع الجيش الشعبي خلال التنفيذ وما بعد التنفيذ، ويجب أن لا ننسى بأي حال من الأحوال وبأي صورة من الصور تسليح الجيش الشعبي بالدبابات 72T وسلاح الطيران وتدريب النخب العسكرية للجيش الشعبي في دول الجوار أو دول أخرى فإذا لم نضع هذا في الاعتبار سوف ندخل في قضية ما يُعرف بالتنازلات فالقيادة السياسية واعية لهذه المعطيات لأن الاتفاقية تحتم عليها الاستعداد لاستخدام القوة المسلحة في إطار ما يُعرف بالترتيبات الأمنية والاتفاقية تجعلنا نستعد للحرب. هل ثمة ما يستدعي الاستعداد والتحوط للحرب؟ على حكومة السودان الاستعداد للحرب بناءً على المعلومات المتيسرة بتسليح الجيش الشعبي تسليحًا حديثًا خاصة أن القيادة السياسية في الجنوب تتحدث عن هجليج وأنها سوف تؤثر في المرحلة القادمة. إلى أي مدى حققت الاتفاقية تطلعات الشعب السوداني في الأمن والاستقرار؟ الاتفاقيات لا تحقق الأمن والاستقرار لكن كيفية التنفيذ هي التي تحدد وتساعد على تحقيق الأمن والاستقرار خاصة إذا كانت هنالك مصالح مشتركة بين الدولتين كما حدث بالنسبة للسودان وتشاد. إذا طلبا منك تحليلاً أمنياً عسكرياً لبنود هذه الاتفاقية بإيجاز ماذا تقول؟ الاتفاقية اتفاقية جيدة وتحقق الاستقرار في الوضع الأمني مع مراعاة الإعداد للقوات المسلحة لأي صراع فيه تجاوزات لأن هنالك قضايا يجب أن تكون واضحة بأن لا تكون هنالك تنازلات فيما يختص بقضية الأرض والجغرافيا. هناك مخاوف حول المنطقة العازلة فهل تنطوي على نوع من الوصايا الدولية؟ المنطقة العازلة إذا تم التنفيذ بدقة سوف تكون هي الحدود بين الدولتين كسياسة أمر واقع كما حدث بين الكوريتين والجزر الصينية واليابانية. أعطنا أمثلة لمناطق منزوعة السلاح وشكلت مخاطر تتعلق بالوصايا والتدخلات الدولية؟ في سيناء بين مصر وإسرائيل، ويجب النظر إلى أن النيل الأزرق وجنوب كردفان تمثل سلة غذاء للسودان والعالم العربي، ولهذا سوف تسعى الحركة الشعبية مع المجتمع الدولي والإقليمي للسيطرة عليها سياسياً لتحقيق أهداف إستراتيجية كبرى لقضية الغذاء «الطعام» للدولة، إن هذا هو المصدر الأساسي والقوي فيما يعرف بالغذاءالعالمي وسوف يعطي أي دولة أبعادًا قوية جداً. تأثير الاتفاق على قضية دارفور باعتبار أن جوبا كانت من أبرز الداعمين للجبهة الثورية؟ حكومة الجنوب سوف تقف مع حركات التمرد في دارفور وسوف تنظر إلى هذه المناطق بعين موحدة أنها سلة الغذاء وأنها اغنى مناطق السودان وأنها سوف تحقق ما يُعرف بالسودان الجديد. فهي مصادر قوة حقيقية في السيطرة على الغذاء إضافة إلى أنها المكوِّن الرئيس لما يُعرف بالسودان الجديد. في تقديرك لماذا أصبح السودان ميدانًا للصراع الدولي وساحة سباق عالمي؟ الصراع الدائر في السودان فيما يُعرف بالمناطق المهمَّشة باعتبار أن السودان صاحب الثروة الخرافية وأنه يحقق في حالة التفاوض دولة من الدرجة الأولى. فك الارتباط لقطاع الشمال إلى أي مدى يُسهم في حل أزمة وقضية المنطقتين؟ في حالة موافقة الحكومة في تفاوضها على أنها أهملت في التحديد الدقيق لتنفيذ الاتفاق وعدم فك الارتباط بين الحركة وقطاع الشمال تمنح حكومة الجنوب مزايا إستراتيجية في تحقيق السودان الجديد صاحب المصادر مما يجعل الجنوب دولة غنية من الدرجة الأولى.