ليت الحكومة والمؤتمر الوطني والمفاوضين ومعاونيهم من كُتاب الغفلة يعلمون أن الكبكبة والانبراشة ومسيرات التأييد واستعجال إجازة الاتفاقيات وغير ذلك من مظاهر الفرح المصنوع تقدِّم رسالة خاطئة إلى الطرف الآخر بأن السودان حقق على حسابه مكاسب كبرى وأن الجنوب انخدع وخرج من ذلك الاتفاق صفر اليدين. ليتهم يعلمون أن المعارضة الكبيرة للاتفاقيات في الجنوب والتي بلغت درجة التظاهر والملاسنات الحادة بين القيادات الجنوبية تحتاج منا ولو تكتيكياً إلى وزنة تتيح قدراً من الململة وعدم الرضا بل والرفض في الشمال حتى ولو من باب التمثيل وعلى الذين يضيقون ذرعاً بمعارضتنا (الحقيقية) لبعض أوجه القصور في الاتفاق من أهل الحكم أن يعلموا أنهم يحتاجون إلى تغيير تلك الرسالة الخاطئة التي طبعوها في ذهن دولة الجنوب أنهم هم الكاسب الأكبر وأن الجنوب لم يجنِ غير الحصرم كما عليهم أن يسرِّحوا من سمّاهم الرزيقي بالجوقة الموسيقية من كُتاب الغفلة وأن يوفروا تلك الأموال إلى ما هو أجدى وأنفع. أحد كتاب الغفلة ممن يعيشون في أزمة مالية خانقة تبرِّر اندفاعه غير المحدود وهو يخوض معركته ضدنا ظل يروِّج لمقولة أن اتفاقية الحريات الأربع تُتخذ منصة انطلاق لإجهاض الاتفاق جملة وتفصيلاً ونسي أكثر الصارخين وأعلاهم صوتاً وتأييداً بلا تحفُّظ لكل شولة وفاصلة في الاتفاقيات وكأنها قرآن منزل من رب العزة سبحانه.. نسي هذا المسكين أنه لا يحتاج إلى كل هذه (الاندعارة) مهما ارتفع ثمنها لأن الاتفاقيات أُودعت لدى البرلمان ولا يُخشى عليها من معارضتنا فهي في أيدٍ أمينة ولن تُعدّل فيها شولة تماماً كما حدث في اتفاقية نيفاشا وغيرها من الاتفاقيات فمتى كان برلماننا يهش أو ينش أو يعدل أو يقول رأياً مختلفاً عن السلطة التنفيذية؟! إذن فإن اتفاقية الحريات الأربع ستمر بل إنها نُفِّذت قبل أن تُجاز من البرلمان من خلال اعتقال المعارضة الجنوبية وفتح الحدود ولا عزاء لمن طالبوا باستفتاء الشعب حولها فتلك مرحلة نرجو أن نبلغها بعد قرن أو قرنين من الزمان!! فقد استُفتي الشعب السويسري حول رأيه في إقامة جسر على بحيرة جنيف ولما رفض الشعب المولع بالحفاظ على البيئة (أُلغي المشروع)! في نفس الوقت الذي كان فيه أكبر الثوار ضد حكومة الحركة الشعبية يتعرض منزله في الخرطوم للحصار وأنصاره للاعتقال بعد وابل من الرصاص كان عرمان يعلن من مدينة جوبا في مؤتمر صحفي أن الاتفاق فاشل لأنه لم يضع معالجة لقطاع الشمال وبالطبع لم يتعرض الرجل للمساءلة لأن حكومة الجنوب لا تضع بيضها كله في سلة واحدة ولا تحرق كل مراكبها أو ترمي كروتها في سلة المهملات. دينق ألور وأولاد أبيي وهم من أهم ركائز الحركة الشعبية يعلنون عن رفضهم للاتفاق لأنه لم يحكم بتبعية المنطقة لجنوب السودان.. حاكم شمال بحر الغزال يعقد مؤتمراً صحفياً يعلن معارضته للاتفاق حول 14 ميل ويؤلب سكان ولايته ضده ويتظاهر الآلاف في أويل معترضين على الاتفاق.. كل المعترضين يُبدون مواقف متطرفة أكثر من حكومتهم ويعتبرونها (منبطحة).. كُتابهم جميعاً بقيادة نيال بول الذي لطالما كتبنا عنه عندما كان يرأس تحرير صحيفة (سيتزن) أيام وحدة الدماء والدموع.. نيال بول الذي قال فيما قال قديماً إنه يكره اللغة العربية لأنها لغة المستعمِر.. كتابهم بقيادة نيال بول يكتبون كما يشاءون ويحرِّضون ضد الشمال أما هنا في السودان فإن الأمر مختلف تماماً فكتاب الغفلة يطبلون وما من أحد من المسؤولين في الحزب أو الحكومة بمقدوره أن يقول (بِغِم)!! باقان يعمل من وراء ستار لدعم عملائه في قطاع الشمال والجبهة الثورية وها هي كادوقلي تتعرض للقصف من الجيش الشعبي لحظة انطلاق المؤتمر الذي يُقيمه والي جنوب كردفان والذي يُفترض أنه بدأ صباح أمس!! سيكون التحدي الأكبر أمام سلفا كير هو التغلب على قطاع الشمال والجبهة الثورية وأولاد قرنق ومن بينهم أولاد أبيي ويساندهم باقان ذلك الشيطان الرجيم الذي لن ينسى مشروعه الاستعماري حتى وإن بدا في زي حمامة السلام خلال توقيع الاتفاقيات الأخيرة ولذلك ننصح الحكومة والبرلمان ألا يستعجلا إنفاذ وإجازة الاتفاق ففتح الحدود واعتقال القائد جيمس قاي وإجازة الاتفاق من البرلمان كان ينبغي أن تتزامن مع خطوات مماثلة في الجنوب ذلك أن عرمان لا يزال يصول ويجول ويعقد المؤتمرات الصحفية ويُدلي بالتصريحات من داخل مدينة جوبا وكفانا ما جرَّته علينا الهرولة التي جعلتنا نسحب قواتنا المسلحة من الجنوب في وقت لم تنسحب فيه الفرقتان التاسعة والعاشرة من جنوب كردفان والنيل الأزرق الأمر الذي ندفع ثمنه اليوم احتلالاً لأرضنا وانتقاصاً لسيادتنا الوطنية.. كذلك فإن استعجال إجراء الاستفتاء قبل الحصول على المستحقات من أمريكا ومن جنوب السودان رفعاً للعقوبات وترسيماً للحدود وإخراجاً لقوات الجيش الشعبي وفكاً للارتباط بين دولة الجنوب وعملائها فيما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال كل ذلك كان خطأً فادحاً بل أخطاء تهدد أمننا القومي حتى الآن!! على السفير مطرف الذي مُنح تفويضاً من الرئيس أن يقلل من درجة انبطاحه ويباشر عمله بشيء من الاتزان وعدم الانبهال عملاً بسياسة الخطوة خطوة.. أي خطوة من هنا وخطوة من هناك أو العكس بلا إفراط ولا تفريط. أما البرلمان والحريات الأربع فما كُتب كافٍ تماماً لإقناعه بأخطارها الجمّة خاصة الفقرة 4/2 وما أدراك ما الفقرة 4/2؟! بيننا وبين والي الخرطوم أزفُّ إلى القراء وإلى مواطني الخرطوم أن سحابة الصيف التي خيَّمت على علاقة (الإنتباهة) بوالي الخرطوم.. عبد الرحمن الخضر قد انقشعت حيث عُقد لقاء ودي جمعنا والوالي. وكان اللقاء شفافاً وصريحاً أبديتُ فيه عدم رضائي عمّا قاله الوالي عن (الإنتباهة). أقول موضحاً أن اللقاء تم في مكان محايد وذلك عين العدل حين ينشب خلاف بين جهتين ويسعى أهل الخير لرأب الصدع بينهما وعلى أهل الصحافة أن يكونوا أكثر حرصاً على كرامة الصحافة من حرصهم على مصالح أخرى ذلك أن قبيلة الصحفيين هي التي ينبغي أن تحرص على جعل المهنة سلطة حقيقية رابعة موازية للسلطات الثلاث الأخرى وألا يستكثروا عليها أن تجلس على قدم المساواة مع أهل السلطة التنفيذية عندما يقتضي المقام ذلك أما عندما يبحث الصحفي عن المعلومة أو الخبر فلا ضير من أن يطرق باب المسؤول بل والمواطن العادي. أقول ذلك بين يدي حديث أدلى به أحد رؤساء التحرير عصر أمس في لقاء نادي النفط مع والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر. الشكر لدكتور عمار حامد سليمان معتمد شرق النيل ود. نضال عبد العزيز ود. معز حسن بخيت الذين تولوا الوساطة ورعوها حتى آتت أُكلها. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.