ربما لم يعد مفاجئاً أن يسمع الناس خبراً بالقاء القبض على أسلحة فى طريقها الى الخرطوم، وذلك لتعدد المرات التى اعلن عنها، اذ ان الشهرين الاخيرين حفلا بالعديد من العمليات التي افشلتها الشرطة فى المعابر الجنوبية لولاية الخرطوم خاصة عبر النيل الابيض والجزيرة، كان آخرها امس الاول عندما احبطت السلطات الامنية عملية تهريب اسلحة بود مدنى كانت فى طريقها نحو الخرطوم. ففى منتصف سبتمبر الماضى تمكنت شرطة مكافحة التهريب بولاية النيل الابيض من القبض على عربة دفار محملة ب «37» قطعة سلاح و «24630» قطعة ذخيرة بكوبرى كوستى فى طريقها للخرطوم. وبعدها بأيام معدودة تمكنت شعبة الاستخبارات العسكرية في الفرقة «18» مشاة بولاية النيل الأبيض من القبض على شاحنة صغيرة «دفار» محملة ب«69» قطعة سلاح «كلاشنكوف» و «1000» قطعة ذخيرة بكوبري كوستي متجهة للخرطوم، وكانت تلك هى المرة الثالثة التى يتم فيها القبض على اسلحة متجهة الى الخرطوم، إذ أن المرة الاولى كانت عندما اعلنت إدارة مكافحة المخدرات بولاية النيل الأبيض ضبط وتوقيف شاحنة «دفار» محملة بالأسلحة والذخائر في طريقها للخرطوم بكوبري كوستي قادمة من ولاية جنوب كردفان من منطقة الضلمة. وكشفت إدارة مكافحة التهريب أن الشحنة المضبوطة حاول المتهمون التمويه عليها بشحن «30» من الخراف على ظهر «الدفار»، وتم إخفاء السلاح في أسفل العربة، وكان مخبأً داخل مربعات من الحديد وسط «رمل»، وتمت تغطية المربعات بلوح من الصاج تم لحامه. وأخفيت بداخله «34» قطعة كلاش و «2630» طلقة و «13» خزنة و«2.5» قناديل حشيش، غير أن هذه العملية نفسها كانت قد سبقتها عملية أخرى بتاريخ 18 سبتمبر 2011م وتم فيها ضبط أسلحة خبئت داخل عربة «تانكر». وبما أن الأسلحة في مجملها كانت متوجهة إلى الخرطوم، فلم يستبعد مصدر أمني تحدث للصحيفة أن تكون هناك عمليات قد نجحت بالفعل في الدخول الى الخرطوم، لافتاً إلى أنهم يضعون مقابل كل شحنة يتم ضبطها ثلاثاً على الاقل نجحت فى الإفلات، ويستدل على ذلك بما أعلنته من قبل شرطة محلية جبل الأولياء من أنها تمكنت من ضبط كميات من الأسلحة والذخائر، وذلك عبر تتبع معلومات وردت من أحد السكان هناك عبر الاتصال بشرطة النجدة تفيد بوجود منزل به سلاح. ويشير ذات المصدر إلى عملية الدهم التي نفذت على منزل نائب رئيس دولة جنوب السودان بالخرطوم د. رياك مشار الذى اسفرت عن ضبط أنواع مختلفة من الأسلحة، ورجّح بأن تكون الأسلحة التي تأتي من جنوب كردفان عبر ولاية النيل الأبيض ربما تكون الأسلحة الخفيفة للفرقة العاشرة للجيش الشعبي المتمركزة في جنوب كردفان، مشيرًا إلى أنها ربما لجأت لتوزيعها في الشمال احترازًا لإجراءات فك الارتباط التي ربما لجأت إليها حكومة جنوب السودان تنفيذًا لاتفاقيات أديس أبابا مستدلاً على ذلك بمحاولات تسريب العملة التي تمت إبان فترة الانفصال خلال فترة تبديل العملة التي تمت في الخرطوم. وربما يؤكد ذلك أن الأجهزة الأمنية تسعى دائماً لكبح جماح الجريمة، ويعطى الانطباع بأنها تقوم بواجبها على الوجه الأكمل، اذ ان ضبط الاسلحة المتكرر بكوستى جعل والى ولاية النيل الابيض يوسف الشنبلى يشيد بالدور الذى ظلت تقوم به الشرطة فى حماية امن المواطنين، ويؤكد ان الاجهزة الامنية ستكون فى حالة يقظة وسداً منيعاً امام المتربصين والخائنين، لكنه اشار الى نقطة مهمة عندما قال إن تهريب السلاح بهذه الكميات مؤشر واضح على نية زعزعة الامن والاستقرار. وتؤكد القوات المسلحة انها تتابع الامر بدقة، اذ ان العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمى باسم الجيش قال فى حديثة معى ان اى اخلال بالامن يجعلهم دوماً فى حالة تأهب، ويعجلهم يتابعونها بكل الاهتمام، مؤكداً انهم لا ينظرون اليها على أنها اسلحة يحملها مهربون، بقدر ما ينظرون الى الامر من كل جوانبه، بحثاً عن الاسباب والدوافع التى تجعل الاسلحة تتحرك هكذا، مشيراً الى انها ربما لا تستهدف الخرطوم نظراً لأن الاسلحة تضبط بعيداً عن العاصمة، ربما يستفاد منها فى مناطق خارج الخرطوم، موضحاً أنهم يضعون فى الاعتبار أن هناك شحنات أخرى ربما فلتت من الرقابة، لهذا فهم دائماً ما يبحثون كل ملابسات جريمة الاسلحة عبر الاشخاص المضبوطين، لمعرفة التحركات السابقة واللاحقة لهم كونهم معتادي إجرام، وأكد أن هذه التحركات تجعل القوات المسلحة تعمل بكل قوتها لتأمين المدن التى تشمل بجانب الخرطوم ايضا مدينة كوستى نفسها، فضلاً عن القضارف وكسلا وبورتسودان، وكل المدن التى تدور حولها مثل هذه التحركات. ولكن ربما ينظر رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان محمد الحسن الأمين للأمر من منظور مختلف، فهو يرى في حديثه لي أن الخرطوم ليست المحطة المقصودة بهذه الأسلحة وأنها محطة عبور لا غير لأنشطة يقوم بها مهربو الأسلحة لتقصد مناطق أخرى خارج البلاد بعد أن أحكمت السيطرة على المخارج الأخرى، ويقول إن الملاحقة الجوية والضربات التي حدثت لتجار الأسلحة خاصة بالبحر الأحمر ربما هي التي جعلتهم يغيرون الاستراتيجية لفتح معابر أخرى عبر المدن، قاطعاً بأن السلاح المضبوط لم يكن يستهدف الخرطوم بأي حال من الأحوال، ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية تتابع الملف بكل آلياتها لإحكام السيطرة عليه، لهذا تكررت عمليات الضبط خلال الفترة الماضية.