صحفي وكاتب سوداني سمعت قبل فترة عن «مصحف التوافقات» وما فيه من إعجاز يظهر من خلال النظر لصفحاته، ولكني لم أرَ ذلك المصحف، ولم أستمع لشرح وافٍ حول أسلوبه وطريقة إعجازه إلا عندما زرت معرض الخرطوم الدولي في دورته الثامنة «أكتوبر 2012م»، ففي جناح دار السنابل الذهبية التي تتولى نشر مصحف التوافقات التقيتُ بعدد من الشباب الأتراك، وهم يتحدثون بلغة عربية فصيحة وبأدب جم لرواد المعرض عن مصحف التوافقات. فماهي قصة مصحف التوافقات؟ وما الإعجاز الذي يمثله؟ ومن الذي أمر بكتابته وتابع طباعته ونشره في العالم؟ كل تلك الأسئلة استطعت أن أحصل على إجاباتها من خلال شرح الشباب الأتراك. أول من لفت الانتباه إلى الإعجاز في ترتيب المصحف الشريف ليس في صفحاته فحسب بل في حروفه أيضًا هو الإمام بديع الزمان سعيد النورسي العالم التركي المجدد الشهير «1877م 1960م»، ومن أجل إظهار ذلك التوافق لإنسان هذا العصر الذي انحدر عقله إلى عيونه، والذي يشكك في كل شيء ويشتبه منه بسبب مصيبة الفلسفة المادية، أعطى لكل واحد من عشرة من طلابه العلماء البارزين ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم من أجل تحقيق أمله في كتابة المصحف التوافقي، وأوصاهم أثناء القيام بهذا العمل أن يتخذوا مقياسًا لهم المصحف الذي كتبه الخطاط حافظ عثمان؛ ذلك المصحف الذي تبدأ كل صفحة فيه بآية وتنتهي بآية. وكل واحد من هؤلاء الطلاب إما حافظ للقرآن الكريم وإما أستاذ وإما معلم في الخط العربي. وسلموا لأستاذهم بديع الزمان الأجزاء التي كتبوها، والإمام بديع الزمان يبيّن النتيجة بعد تدقيق طويل كالآتي: إن التوافق هو في أسلوب تلميذه أحمد خسرو أفندي وهو من أقرب طلابه إليه. وملخص التوافق أن لفظ الجلالة تكرر في المصحف الشريف ألفين وثمانمائة وست مرات، وكل مرة من هذا التكرار تتوافق بشكل بديع في هذا المصحف مع غيرها من ألفاظ الجلالة الأخرى، فإما تأتي تحت بعضها البعض في صفحة واحدة، وإما تأتي وجهًا لوجه في صفحات متقابلة، وإما في ظهر بعضها البعض في صفحات أخرى. ودلالة الإعجاز في المصحف التوافقي أن القرآن المعجز البيان له إعجاز متوجِّه إلى كل طبقات البشر، وإلى كل عصر وزمان، فكل إنسان يستطيع أن يشاهد معجزات مختلفة حسب نظرته ومهنته ومسلكه وعلمه في هذا الكتاب منبع المعجزات، وإن القرآن معجز بلفظه كما أنه معجز بمعناه، وأن القرآن له وجه إعجاز متوجه إلى الطبقة الباصرة، أي أولئك الأشخاص الذين ينظرون بعيونهم فقط، ولا يوجهون عقولهم وأفكارهم وقلوبهم إلى حقائق القرآن التي هي كالبحر المحيط، فإذا رأى واحد من هذه الطبقة نقش خطه وأسلوب كتابته سيقول إن هذا ليس من بنات أفكار البشر، وهم يقولون هذا فعلاً وله شواهد كثيرة. --- المصدر شبكة المشكاة الإسلامية http://meshkat.net