دائمًا ما كان يتم تخويفي وتهديدي عندما أرفض الإنصياع لما طلب مني بسوط العنج الذي ارتبط في مخيلتي بملكيته للعم دراج الشرطي بمدينة المناقل، وهو يمتطي حصانه ليلاً أثناء احتفالات الدورة المدرسية آنذاك وحفلات الزواج التي كانت تستمر لوقتٍ متأخر من الليل، يشق الممرات ويفرِّق الشلليات التي تسعى لإحداث الفوضى وإثارة الرعب بين الإحتفالات، للعم دراج حكاوى كثيرة نسمعها عنه وعن مطاردته للصوص.. فكان ضمن شرطة السواري الليلية التي تحفظ النظام وتحقِّق الاستقرار بالمنطقة.. كنا نسمع صوت حوافر حصانه ليلاً ما يؤكد أن هنالك لصوصًا قد تم ضبطهم وهو يجوب المدينة (شارع شارع وزقاق زقاق).. وبالرغم من أنني أصبت بالملل والاستياء حينما كُلِّفت بهذه المادة ليس تقليلاً من شأنها، وإنما لتعودي على الأخبار والتقارير غير أنني أُقرّ بفهمي الخاطئ لها وعكس ما وجدتها تمامًا، فهنالك الكثيرون من الفرسان أمثال العم دراج يستحقون وقفة لما بذلوه في استتباب الأمن وحفظه في شتى أنحاء السودان.. ولمعرفة التفاصيل الدقيقة لشرطة السواري بولاية الخرطوم تم توجيهنا لإدارة بسط الأمن الشامل بالسواري وهناك تمّ تزويدنا بكامل المعلومات، حيث التقينا عقيد شرطة عبد الرحمن سيد أحمد مدير إدارة بسط الأمن الشامل والسوراي، الذي أكَّد لنا أن شرطة السواري تعتبر إحدى الإدارات التي تعمل في العمل المنعي الجنائي، وتختص بمكافحة الجريمة قبل وقوعها، وتأمين الأسواق والأحياء والمهرجانات الرياضية، وتأمين أي موقع يمكن أن يبرز منه أي خلل أمني.. وأوضح أن الفرق بين شرطة السواري وبسط الأمن الشامل أن شرطة السواري من الدوريات المتحركة عكس الأمن الشامل الذي يعدّ من النقاط الثابتة.. يرجع إنشاء شرطة (السواري) إلى عهد الأتراك عام (2581م)، حيث أنشئ أول أسطبل في مدينتي نيالا والأبيض، وآخر بالخرطوم شمال الإستاد تم نقله فيما بعد إلى (إستاد الملازمين). تلعب السواري دورًا كبيرًا جدًا في المنظومة الأمنية، ويُعتمد عليها اعتمادًا كبيرًا في حفظ الأمن وسلامة المواطنين وتأمين ممتلكاتهم.. أكَّد عقيد شرطة عبد الرحمن سيد أحمد خلال حديثه ل (الإنتباهة) أن عمل السواري يبدأ ليلاً بعد منتصف الليل وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، ويسمى الرجال الذين يعملون بالسواري بالفرسان، ويتم تدريبهم على العمل ليدركون كيفية التعامل مع الفرس الذي يمتطونه؛ لأن الفرس يحتاج نوعية معيَّنة من التعامل ترتبط بالإلفة والتعامل الخاص في الشد والركوب.. يشترط أن يكون بدورية السواري اثنان من الفرسان مزوَّدان بالبطاريات والكلابيش والطبنجة، وكذلك تساعد الإضاءة في كثير من عمل السواري وضبط المجرمين بسهولة.. كثيرًا ما يكون عمل السواري في الأزقة والأحياء والشوارع المظلمة والساحات الواسعة والأماكن المهجورة والخيران التي تتم وفقًا لمتابعة المجرمين، ودائمًا ما يتم ضبط معتادي الجرائم وفتح البلاغات في الأقسام المعنية، ويقع العاتق الأكبر لعملية تشغيل السواري على شرطة المحليات وفقًا للخارطة القومية حسب المحليات، ويتم تشغيل عمل السواري بناءً على توجيهات قسم الجنايات ووفقاً للخطة الموضوعة.. تخضع أية دفعة من السواري بعد التخرُّج لتدريب خاص لعملية إعداد الشد والركوب وعملية المطاردات بغرض المحافظة على سلامة الفرس والفارس، كثيرًا ما يحدث حادث حركة تنتج عنه إصابة كسر أو إصابة دماغية تصيب الأفراد والخيول معًا، لذلك نحن حريصون كل الحرص على أن يتعامل مع الفرس شخصٌ خضع للتدريب الكامل، خاصة أن عددًا من الخيول تمتاز بالقوة والمبادرة. من الجرائم التي ضبطتها شرطة السواري خلال فترة عملها ضبطت شرطة الحلفايا مجرمين كانوا بواسطة (ونش) يحملون كيبول (سوداتل) قيمته (300) ألف جنيه وتم تقديم المجرمين للمحاكمة، كما تم ضبط بوكس محمل بفلنكات السكة الحديد بمنطقة الدروشاب، وضبط بوكس به عدد من شاشات البلازما والموبايلات والريسيفرات بواسطة معتادي الإجرام، كما تم ضبط مبلغ (35) ألف جنيه وموبايلات قيِّمة سرقت من إحدى الشخصيات المهمة. أقسام شرطة السواري شرطة السواري مقسَّمة وموزَّعة على حسب محليات ولاية الخرطوم وتوجد إسطبلات في كل محلية، ويتم تخصيص غرفة لكل فرس تسمى بالبوكس مساحتها (3*4) أمتار مؤمَّنة ومشيَّدة بالمواد الثابتة مغلقة من الخارج بالحواجز المتينة تمنع الفرس من الخروج، يتم إمداد الفرس بالمياه وعلف البرسيم والذرة و(حجر اللحوس)، كوّنت لجنة من كبار البياطرة قامت بدراسة وحدَّدت نوعية الغذاء للفرس. توزيع الإسطبلات تختلف الإسطبلات من محلية لأخرى ويوجد (40) بوكسًا على حسب عدد الخيول، وفي محلية الخرطوم توجد ثلاثة إسطبلات في السوق الشعبي وأركويت واللاماب، الجدير بالذكر أنه يتم استجلاب الخيول من ولاية جنوب دارفور بواسطة مورد متخصص في هذا العمل، ويتم استلام الخيول بمواصفات معيَّنة بحيث تكون كاملة الصحة خالية من الأمراض عبر لجنة خصصت لها، لا بد أن يكون عمر الفرس من (3 7) أعوام بحيث يضمن بقاؤه لأطول فترة زمنية في الخدمة.. في الفترة الأخيرة تم استرداد عدد من إناث الخيول. تطوُّر شرطة السواري خدمة السواري تتجه للتطوُّر في المخصصات السكانية ونوعية الجرائم وتطوُّرها، فقد حدث تطوُّر في بناء إسطبلات جديدة للخيول واستجلابها، وتعيين أطباء متخصصين، واستيراد سروج كاملة بملحقاتها بواسطة شركات التوريد. المخاطر التي تواجه فرسان السواري كثير ما يتعرَّض فرسان السواري لحوادث الحركة والإصابات، كإصابة الفارس في رجله وقطع لأوتار الساق التي بموجبها يصير الفارس (ملجَّنًا) وغير قادر على أداء المهمة، غير أن (الصديري العاكس والركاب) قلّل من حوادث الحركة خاصة أن الركاب يعينه على الحماية. ملفات خاصة لكل فرس أو فرسة ملف خاص يحمل معلومات تفصيلية كاملة كالاسم والعمر والخصائص والحالة الصحية وكل متعلقاته ولكل فرس اسم خاص يُعرف به ومن أشهر الأسماء البركان الهدير الشهاب زواهر ...