عذراً عزيزي القارئ ..لا أحب الكتابة في مثل الموضوع الذي سأخوض فيه في هذا المقال، لكني اجد نفسي مجبوراً، وأظن أيضاً أنك ستجد لي العذر في ما سأكتب.. وعدم خوضي في مثل هذه الأمور يعود لإحساسي بأن القلم الذي أخط به يشاركني فيه القارئ الذي أخاطبه، وقبل ذلك فأنا محاسب على ما أكتب «مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» توطئة: الشاعر الحطيئة لم يسلم أحدُ من لسانه وهجائه، حتى قيل أنه هجا نفسه وهجا أمه وزوجته، وكانت أغلب الناس تهابه وتهبه المنح والعطايا خوفاً من لسانه. ووصفه الأصمعي: بأنه كان جشعاً سؤولاً ملحاحاً دنيىء النفس كثير الشرَ قليل الخير بخيلاً قبيح المنظر رث الهيئة فاسد الدين بذيئاً هجاءً إلى درجة أنه هجا نفسه بقوله: أبت شفتاي اليوم إلاّ تكلُّما... بشر فما أدري لمن أنا قائله أرى لي اليوم وجهاً قبح الله شكله.. فقبح من وجه وقبح حامله وبداية الحكاية: كنت أشاهد برنامجاً يحلل الصحف اليومية على احدى قنوات «الحكومة»، قبل أكثر من عشرين يوماً على ما أذكر، وضيف البرنامج رجل يُدعى محمد لطيف، ومن هندامه «بدلة أفرنجي» وطريقة جلسته «ومطمطة» شفتيه.. وتقعره في الكلام، قلت إن هذا الرجل سيتحفنا اليوم، وإنه محلل سياسي من النوع «أبو كديس»، وفجأة توقف بي الزمان والمكان!! وتذكرت قول الشيخ «فرح ود تكتوك» كل يا كمي قبال فمي، مع تعديل المثل ليصير قل يا كمي قبال فمي.. وسبب دهشتي أن السيد لطيف الذي عرفت في ما بعد أنه يلقب «بالصهر الرئاسي» حينما طلبت منه مقدمة البرنامج تحليل خبر ورد على صدر صفحات «الإنتباهة» عن نهر القاش وفيضانه.. اجاب الرجل قائلاً: أصلاً الطيب مصطفى وصحيفته يحبان التهويل.. وصرت أبحث عمن هو محمد لطيف المحلل السياسي الذي لا يعرف «أو لا يريد». إن بالصحف قسماً مهماً جداً هو قسم الأخبار، وهنالك اسرة تحرير مسؤولة عن الأخبار، وليس رئيس مجلس إدارة الصحيفة.. ورجعت لأرشيف «السوداني» ووجدت البعرة التي تدل على البعير، ومن مجموع سبع مقالات عجاف خلال شهر تبدأ بتاريخ 27/9 وتنتهي يوم 8/10/2012 خمس من تلك المقالات تتناول المنبر و «الإنتباهة» وأهلها، أما الأخريات فإنه يدافع فيها عن الاتفاق مع الجنوبيين، ورحت أتساءل هل هذا الرجل كان رئيس تحرير الهالكة «أجراس الحرية»؟ وفي إحدى تلك المقالات «عذراً لن أكتب عنوان المقال احتراماً لمشاعر البعض» شن هجوماً على الطيب مصطفى، ثم في مقال آخر على محيي الدين تيتاوي، وآخر على الباز، ثم الصادق الرزيقي، وأخيراً وليس آخرهم إبراهيم الرشيد وبابكر عبد السلام. وأظن أنني لو واصلت البحث لوجدت هذا الرجل يهجو نفسه في مقال، وظني أنه قد فعل. ومحمد لطيف هذا «يستاهل» مني الشكر الجزيل لأنه «والله» يعيد لنا الثقة في أنفسنا بأن نواصل الكتابة لأننا حين نقرأ للأستاذ حسين خوجلي والراحل سيد أحمد خليفة وأحمد البلال والهندي عز الدين وضياء الدين بلال ويوسف عبد المنان وغيرهم من صحافيي بلادي الأفذاذ، حين نقرأ لهؤلاء يلملم قلمنا اطراف ثيابه ويعتدل في جلسته.. أما أمثال محمد لطيف فإن قلمنا «يحدر» طاقيتو ويقدل وسط الدارة ويشيل سوط عنج كمان.. وأمثال محمد لطيف يجعل قلمنا والعياذ بالله يصاب بالغرور ويظن أنه يستطيع أن يخرق الارض ويبلغ الجبال طولاً . ومحمد لطيف بمنطق «الناقصين عن التمام» يتهم المنبر بالعنصرية دون سند أو دليل «بس لأنو الصهر الرئاسي». والغريب انه عنصري جداً في ما يتعلق بأبناء دارفور، والدليل على ذلك هجومه على الصحافي الأديب الصادق الرزيقي، واتهامه له بأنه «جابوه وختوه على «الإنتباهة» تمومة جرتق» والعبارة بين القوسين سابقاً لمحمد لطيف.. والله لو لا أن اسم الصادق يحمل الرزيقي لما عرفت أنه من دارفور او دار جعل، لكن ماذا نفعل مع مثل محمد لطيف هذا وأمثاله من الذين يثيرون الفتن.. أما في ما يتعلق بهجومه على سعادة الفريق إبراهيم الرشيد.. فإن جميع من تعاملوا مع سعادة الفريق يعرفون معدن هذا الرجل وصلابته وقوة شخصيته وكريم نفسه.. وهذه الصفات تبلورت من خلال المؤسسة العسكرية التي منحته رتبة «فريق ركن» رقم أنف شانئيه.. المؤسسة التي حاول التمسح «والتملس» بها وهو يهاجم أحد «جنرالاتها» الكبار.. ولأنه لا شأن لك يا محمد لطيف بأمور المحاربين إلا في ما يتعلق «بالمتمردين» لا تعلم أن درجة فريق بالقوات المسلحة رتبة نادرة لا يتحصل عليها الكثير من أبناء القوات المسلحة، ولا تنال إلا بشرف لا تعرف عنه الكثير، لأنه لولا هذا الرجل وأمثاله لكانت الحركة الشعبية التي تدافع عنها تحكم الآن الخرطوم.. أمر آخر.. فأنا بصفتي أحد افراد الشعب السوداني أرى أن ما تم أيام الانتفاضة على مايو وما سميته «بكنس آثار مايو» أرى أن ذلك الأمر مخطط كبير جداً لهدم المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية السودانية، وذلك المخطط مازلنا نعاني من آثاره حتى الآن. وعليه فإنني أطالب الجهات المسؤولة بفتح تحقيق في هذا الأمر وملاحقة كل من أرادوا كنس الشريعة الإسلامية حينها، ومن كتبوا عن ذلك، لأنهم ساعدوا في هذا الأمر.. وحتى الأستاذ محيي الدين تيتاوي طاله طرف قلم محمد لطيف، لمجرد أنه أي تيتاوي طالب الحكومة بضرورة نشر نصوص الاتفاق من أجل تعريف المجتمع السوداني به لتفادي عدم الفهم أو الجهل، أليس من واجبات نقيب الصحافيين أن يطالب الصحافة بتعريف الشعب السوداني بالاتفاق، مع العلم أن الأستاذ تيتاوي لم يرفض الاتفاق أو يوافق عليه، لكن ماذا يفعل الناس مع المدلسين أصحاب الفكر الهدام الذي تزرعه أمريكا داخل «أمخاخهم». وليعلم جميع صحافيي الغفلة والصحافيون الكابوي أنهم لا يستطيعون أن يغيروا عقيدة اهل المنبر، لأنهم ليسوا تحت وصاية أحد، ولم يقبضوا مالاً ملوثاً أو غير ملوث، ولن تنحني جباههم إلا للذي خلقهم. وأرجو من اتحاد الصحافيين تعيين طبيب نفساني لعمل كشف دوري «لبعض» الصحافيين والكتاب، مهمته الكشف المبكر عن مرض «الانفصام الصحفي الرئاسي» وعلاج المصابين به.. ونسأل الله العافية منه. هذا المقال كُتب قبل أن يقوم المدعو محمد لطيف بالكتابة عن سعادة الفريق «الركن» إبراهيم الرشيد.. والحق الجزء المتعلق بالمقال.