اجتمع الاثنان نصر الحاج علي وعبد الرحمن علي طه داخل بوتقة الأوائل من علماء التربية والتعليم بالسودان فكانا سيرة في مسيرة ناصعة الصفحات والصفات داخل سيرتهما ما جمع بينهما فكان تطابقاً فريداً في الصفات والمهنة بل السعي لتجويد العمل التربوي، فالاثنان نحتا بإصرار في صخر الإصرار والعمل التربوي المضني بل منارة من منارات العمل العام حتى أصبحا حيث بزوغ أول حكومة وطنية من رجالات التربية والتعليم. فعبد الرحمن علي طه وبخلفيته التربوية أصبح أول وزير لوزارة المعارف (التربية والتعليم) أما نصر الحاج علي فقد تمت تسميته كأول مدير لجامعة الخرطوم (كلية الخرطوم الجامعية حينها) فمن ضمن رهقهما في سوح العلم والتربية وصبرهما على العمل بأصقاع نائية بالبلاد منذ نهاية العشرينيات حتى بداية سنوات الخمسين. فعبد الرحمن علي طه ظل مهموماً بمنهج يجمع ما بين البساطة والتلقائية بل والإيجاز في إيصال المعلومة لتلاميذ المدارس الأولية.. وهو المنهج الذي عُرف فيما بعد بمنهج الجغرافيا المحلية، والذي عَرف فيه التلاميذ وفي تلك السن المبكرة عددًا من المعلومات التي هي في غاية الأهمية زائداً معرفتهم بالسودان معنى ومضموناً، فسافر التلاميذ إلى القولد حيث الصديق عبد الرحيم وعطبرة التي التقى فيها عبد الحميد سائق القطار التلاميذ.. أما الجفيل وريرة فكانتا من الزيارات التي أراد عبد الرحمن طه أن تكونا بمثابة الفتح في معرفة السودان المتعدد المناخات والأنشطة البشرية. أما في جانب عمل الأستاذ نصر الحاج علي فقد كلل حياته بالعمل على تطوير أداء جامعة الخرطوم في الشقين الأكاديمي والإداري. وفي هذا فقد قام بتوقيع اتفاقية توأمة أكاديمية مع جامعة لندن وذلك في العام 1957م. ظل الاثنان في حلّهما وترحالهما يعملان لخير البلاد والعباد في أشرف المهن وأنبلها مهنة التعليم ورهقها فلم يتسرب الإحباط والملل لنفسيهما بل زادت الأيام عوديهما صلابة. فلا عجب أن يكون عبد الرحمن طه حيث عمله كوزير للمعارف طارداً نفسه من مكتبه (مكتب الوزير) ساعياً بين المدارس وإدارات التعليم منقباً عن أداء المعلمين دالفًا نحو فصول الدرس سائلاً التلاميذ عن جزئيات معرفية داخل المنهج الأكاديمي مطمئناً إلى سير العمل التربوي والتعليم بنفسه. في سياق مشابه لعبد الرحمن يظل نصر الحاج علي إحدى أعظم الشخصيات التي عملت في مجال تأهيل وتدريب المعلمين بمعهد التربية بخت الرضا. وفي هذا يتبادر للذهن تلك السنوات المضيئة في تاريخ التعليم في السودان في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. حيث عمل نصر الحاج علي في تأهيل وتدريب المعلمين في كليتي المعلمين الوسطى والتأهيلية. لسطوع اسميهما في عالم التربية والتعليم إرث من عوالم العلم والتواضع ومحبة العمل وفوق كل هذا محبة السودان الذي أنجبهما وجعلهما أسماءً خُلفت لخير البلاد والعباد.