المريخ يكرم القائم بالأعمال و شخصيات ومؤسسات موريتانية تقديرًا لحسن الضيافة    مجلس إدارة جديد لنادي الرابطة كوستي    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    برمجة دوري ربك بعد الفصل في الشكاوي    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تخطف الأضواء بإطلالة مميزة مع والدتها    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    رئيس مجلس السيادة يلتقي السفير الفلسطيني بمناسبة إنتهاء فترة عمله بالسودان    "مصر وسوريا".. إدارة ترامب تدرس إضافة 36 دولة إلى قائمة حظر السفر بينها دول عربية    توجيه عاجل لرئيس الوزراء السوداني    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    وصول 335 من المبعدين لدنقلا جراء أحداث منطقة المثلث الحدودية    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    ترامب يبلغ نتنياهو باحتمال انضمام أمريكا إلى العملية العسكرية ضد إيران    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    كيف أدخلت إسرائيل المسيرات إلى قلب إيران؟    مدرب المريخ يصل الي القاهرة    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    تنفيذ حكم إعدام في السعودية يثير جدلاً واسعًا    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضجة غير مسبوقة: (ميادة قمر الدين تملك جنبات وصلب وشطرنج دايرة ليها راجل بس) والجمهور: (شكلك كترتي من الشربوت)    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    تفاصيل اللحظات الأخيرة لأستاذ جامعي سعودي قتله عامل توصيل مصري    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بخت الرضا ... نغم على ثغر الزمان
نشر في الصحافة يوم 07 - 04 - 2012


خمس وسبعون من عمر الزمان تتابعت
ويطل عيدك الماسي لألاء
يحكي عن الأمجاد يا بخت الرضا
ليحل عرشك هامة الجوزاء
كنت المنارة يوم لات منارة
إلاك تنشر مشرق الأضواء
عرف السودانيون الكتابة منذ زمن بعيد، فقد تعلموا اللغة المصرية الفرعونية وأتقنوها في عهد ممالك (نبتة) و(مروي) التي امتدت منذ عام 150 ق.م إلى (350) بعد الميلاد. وعند قيام الثورة المهدية التي كان هدفها العودة إلى روح الإسلام، انصب التركيز على تعليم القرآن الكريم في الخلاوى، وبمجيء الحكم الثنائي المصري عام 1898م، وضع اللورد (كرومر) نظام التعليم في السودان، وتم تعيين (جيمس كري) مديراً لمصلحة المعارف. وكانت الأهداف التربوية والتعليمية حينها ترتكز على مفهوم ذاتي، يعتمد على تزويد الفرد بمجموعة من المعارف والمعلومات النظرية للوظيفة.
ما قبل بخت الرضا:
في عام 1900م انشئت كلية تدريب المعلمين وكانت تسمى (مدرسة العرفاء) و(العرفاء) هم من قبلوا بكلية غوردون من المدارس الأولية بعد اكتمالها عام 1902م ليعملوا كمعلمين بالمدار الأولية (الكتاتيب) وهي أول مدرسة تابعة لكلية غوردون. وكانت مدة الدراسة فيها سنتان وزيدت في عام 1906م لتصبح ثلاث سنوات.
أما تدريس معلمي المدارس الابتدائية (الوسطى) فقد كان يتم في قسم خاص بهم بكلية غوردون تم إنشاؤه في عام 1906م، وكانت مدة الدراسة به أربع سنوات ويقبل له التلاميذ الذين أتموا المرحلة الابتدائية (الوسطى) بنجاح.
قيام معهد التربية بخت الرضا:
جاء قيام معهد التربية بخت الرضا بغرض إصلاح التعليم في كل مراحله، وذلك عقب الأزمة الاقتصادية العالمية التي أدت إلى إعادة النظر في سياسة التعليم في السودان .. وبناء على توصيات لجنة (ونتر) تم نقل مدرسة (العرفاء) من الخرطوم إلى الدويم لوقوعها في وسط السودان وكان ذلك عام 1934م .. وقد اشتق اسم (بخت الرضا) من اسم امرأة كانت تحرس المطامير في منطقة زراعية شمال مدينة الدويم. وقد كان الهدف من إقامة هذه المؤسسة في تلك المنطقة لما تتميز به المنطقة من وقوعها في وسط ريفي يمثل معظم المناطق الريفية في السودان حتى يتدرب المعلمون على العمل في ظروف الشدة، إذ أن المعلم هو الحافظ للحضارة عبر الأجيال، ولمد المعهد بكمية وافرة من الطلاب ولسهولة الحصول على أراضي زراعية تسقى بالري والأمطار، تمكن المعهد من الاستفادة منها. أما مهمة بخت الرضا فقد تلخصت في عدة أهداف منها:
1- تدريب معلمي المدارس الأولية.
2- وضع مقررات وكتب للتلاميذ ومراشد للمعلمين.
3- تنظيم دورات تجويدية أثناء الخدمة للمعلمين الذين انخرطوا في سلك التعليم قبل قيام بخت الرضا.
4- ترييف التعليم الأولي بوضع مناهج وكتب تخدم أغراض الترييف.
ولم يكن الهدف من قيام بخت الرضا أكاديمياً بحتاً وإنما كان يتضمن الاضطلاع على واقع الحياة الاجتماعية والسعي لحل مشكلاتها. وقد كان المستر (قريفث) أول عميد لمعهد بخت الرضا.
وللمعلم أهمية عظمى في التأثير على الطلاب عقلياً ونفسياً وخلقياً، لذا كان القبول في بخت الرضا يتم عن طريق لجنة خاصة للمعاينة على أسس تربوية معينة مع مراعاة المستوى التعليمي والرغبة الصادقة للمهنة، وقد كان المعهد يضم بعضاً من الطلبة الأجانب من عدن وحضرموت، والصومال، نيجيريا وجزر القمر.
ومن أبرز الطلبة الذين وصلوا إلى بخت الرضا الأمير فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية عام 1945م حيث أرسله والده ليتعلم في بخت الرضا لسمعتها الداوية تربوياً في العالم، ولكنه لم يلبث طويلاً ، لأنه قد تقرر إرساله إلى مصر لأن مهمة المعهد هي إعداد المعلمين. مما يدل على أن بخت الرضا لم يكن تأثيرها ومكانتها تقتصر على التعليم العام بالسودان فقط، وإنما تبوأت مكانة مرموقة على المستويين الإقليمي والدولي.
بخت الرضا .. الأثر:
لم يعرف السودان الحديث تصوراً واضحاً للمنهج الدراسي إلا بعد إنشاء معهد التربية بخت الرضا عام 1934م فحتى ذلك التاريخ كان الاهتمام محصوراً في الإلمام باللغة العربية قراءة وكتابة وتعلم مبادئ الحساب وحفظ بعض سور القرآن الكريم. وكانت المناهج قبل قيام بخت الرضا عبارة عن قوائم من الموضوعات تجمع بطريقة عفوية، وكانت تفتقر إلى التناسق والتوازن والتوافق مع حاجات الأطفال ومقدراتهم. وكان التدريس يعتمد على مذكرات تعدها مصلحة المعارف وترسلها للمعلمين الذين يقومون بإملاء تلك المذكرات على التلاميذ فيحفظونها عن ظهر قلب .. أدرك مخططو المناهج في بخت الرضا هذا الواقع، وكان لابد لهم من عملية إصلاح تستهدف المناهج وفقاً لمبادئ محددة لتطوير المنهج، فاعتمدت الخطة على (ستة) مبادئ أساسية تتلخص في التجريب المتأني للدروس المختلفة وملاءمتها العلمية لحاجات التلاميذ واستعدادهم، كما كان لكل مادة زمن معلوم لجمعها وتجريبها وإعادة صياغتها مرة أخرى على ضوء التغذية الراجعة من الطلبة والمعلمين قبل أن يدفع بها إلى الاستخدام، وتجربتها في مدارس معينة لأخذ الرأي بها من قبل مديري المدارس والمسئولين لإبداء الرأي فيها .. ومن ثم تتم المتابعة الفنية للمدارس من قبل رؤساء الشعب وأعضائها. وهكذا سار العمل على هذا المنوال في تطوير مناهج المدارس الوسطى.
وبعد نجاح بخت الرضا في تجربتها في إعداد معلمي المدارس الأولية وإعداد المناهج ولجت مجال تدريس معلمي المدارس الوسطى وإصلاح مفاهيمها حيث كان يتولى التدريس في المدارس الوسطى خريجو كلية غوردون الوسطى .. وفي عام (1939) أجرت بخت الرضا أول محاولاتها لتحسين مستوى التدريس بالمدارس فعقدت مؤتمراً لدراسة أوضاع التعليم الأوسط، أسفر عنه تدريب أول فرقة لمعلمي المدارس الوسطى (1940) ثم أخذت في تدريب خريجي المدارس العليا في كلية غوردون ليكونوا معلمين بالمدارس الوسطى من خلال استقبالهم في فرقة تجديدية. ومن خلال هؤلاء المعلمين وخريجي المدارس العليا تيسر إدخال التدريس العملي على التربية الوطنية وإثارة الاهتمام بالأخلاق بهدف تنشئة الشباب على الأعمال والعوامل المكونة للأمم.
لم يكن اهتمام بخت الرضا منصباً على الأهداف المعلنة فقط بل تعداها إلى أهداف أخرى بجانب تدريب معلمي المدارس وإصلاح المناهج. فقد اهتمت بالتوجيه الفني لمتابعة المنهج وتدريب المعلم وطرق التدريس، كما اهتمت بخت الرضا بتعليم الكبار وأنشأت أندية الصبيان إسهاماً منها في تنمية المجتمعات المحلية ورعاية الشباب، وأسست مكتب النشر ليضطلع بمهام إعداد كتب تعليم الكبار ونشر ثقافة الطفل ونشر إنتاج بخت الرضا التربوي.
كما استخدمت بخت الرضا إصدار دوريات ونشرات تربوية من أجل بناء قنوات الربط بينها وبين خريجيها وكافة التربويين، فأصدرت خطاب بخت الرضا (1936 - 1948) ومجلة بخت الرضا (48 - 1984م) ونشرة بخت الرضا اليومية والتي استمرت حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي كما شجعت بخت الرضا روح البحث والتعليم المستمر من خلال مكتبة التسليف بالبريد، كما أضافت عبر مسيرتها عدداً مقدراً من الأقسام والمؤسسات الفنية والإدارية.
اختلاف وانسجام:
عين المستر (قريفث) عميداً لبخت الرضا والأستاذ عبد الرحمن علي طه نائباً له، فعلى الرغم من اختلاف خلفيتيهما الثقافيتين لكن كان لتعاونهما وانسجامهما وحماسهما الأثر الكبير في إخراج عمل تربوي ملائم للبيئة السودانية.
فالمستر (قريفث) جاء إلى السودان يحمل معه تجاربه الثرة من الهند وإلمامه بجوانب فلسفة غاندي التربوية ذات الطابع الريفي .. أما في مجال ثقافته الغربية، فقد تأثر بالمؤسسين الحقيقيين للفلسفة البرجماتية، والتي يؤمن أنصارها بأن الأساس للمعرفة هو الخبرة والنشاط الذاتي (الفلسفة العملية). لتأكيدها لقيمة العمل والنشاط لكسب المعرفة والعمل على حل المشاكل والنهوض بالمجتمع والأستاذ عبد الرحمن علي طه هو ابن البيئة السودانية المسلمة فقد كان موسوعي المعرفة، واستطاع بحكمته ومعرفته بثقافة بلده من أخذ ما يناسب البيئة السودانية وما لا يتعارض مع الإسلام من أفكار (قريفث) التربوية وهكذا كان لفلسفة الرجلين التربوية أثراً لا تخطئه عين على التعليم في السودان، منها احترام العمل اليدوي خصوصاً في معاهد إعداد المعلمين، بالإضافة إلى إدخال أنماط مختلفة من النشاط في التدريس كطريقة من طرق التربية العملية وإتباع أسلوب التجريب المستمر في تطوير المناهج مما يدل على أن اختلاف الثقافات لا يفسد المجتمعات إذا روعي أخذ ما يستفاد منه دون التعارض مع الدين والبيئة. وهذه كانت ثمرة تعاون (قريفث) و(عبد الرحمن) ومن أتى من بعدهم. سمعة طيبة حظيت بها بخت الرضا على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وأصبحت لها مكانة مرموقة بين المؤسسات التربوية على كل تلك المستويات.
بخت الرضا سبتمبر 1990م:
لقد شكلت مقررات مؤتمر سياسات التربية والتعليم سبتمبر 1990م، علامة مفصلية في مسار التعليم العام ومحتواه، وبالتالي فقد طالت مقررات المؤتمر بخت الرضا بالضرورة، إذ أن دور بخت الرضا الذي تميز بالتواصل والشمول والتلازم في رعاية المجالات التربوية المختلفة تحت مظلة معهد بخت الرضا قد تغير، فقد طال التغيير السلم التعليمي من (6-3-3) إلى (8-3)، التعليم الأساس تغير فيه نظام بخت الرضا التربوي حيث فصل التدريب عن المناهج وألحق بكليات في الجامعات، أما المناهج فيقوم برعايتها المركز القومي للمناهج، وذلك بعد صدور القرار الوزاري من الأستاذ/ عبد الباسط سبدرات وزير التربية والتعليم في عام 1992م بالبدء في تطوير مناهج جديدة تستوعب غايات التعليم وفلسفته وموجهات المناهج التي أصدرها المؤتمر بينما أصبح التوجيه الفني تابعاً للولايات.
وبمجيء عام 1995م كان قد تغير كل النظام التعليمي لبخت الرضا تأسيساً على مقررات مؤتمر سياسات التربية والتعليم سبتمبر 1990م.
بيت التراث (1990م):
تم إنشاء هذا البيت عام 1990م ليحتفظ بتراث بخت الرضا وقد كان بمثابة تنشيط للتراث والتوثيق التربوي تم بتوجيه من عميد معهد التربية بخت الرضا الأستاذ/ سلمان على سلمان (رحمه الله)، وأوكل الإشراف عليه إلى الأستاذ/ عثمان أحمد الأمين الذي أسهم بعمل مقدر في حفظ مسيرة بخت الرضا التعليمية منذ تأسيسها 1934م جمعاً وتصنيفاً وحفظاً، كما كان من أهداف بيت التراث توفير مادة تربوية للباحثين من طلاب الدراسات العليا، بالإضافة إلى عمله كذاكرة للمعهد ثم المركز وإثراءً للعمل التربوي والثقافي للاثنين معاً. ويحوي بيت التراث وثائق عن المناهج والتدريب والتوجيه الفني، والتقويم والامتحان والأبحاث التربوية، والنظم التعليمية والإدارة، والمؤتمرات والندوات وورش العمل، والسياسات والخطط التعليمية والقوانين والقرارات واللوائح، والدوريات والنشرات وبذلك تكون بخت الرضا بكل مبانيها ومعالمها الأخرى من فصول وداخليات ونادي ومسرح ... الخ قد اختفت عدا بعض منازل الموظفين والعمال، وزعت ما بين جامعة بخت الرضا، والمركز القومي لتطوير المناهج والبحث التربوي.
وهكذا صارت بخت الرضا تراثاً بعد ما كانت أثراً وضع بصماته على مدى إحدى وستين عاماً (1934م - 1995م) قدمت فيها بخت الرضا للسودان وأبنائه المعرفة وقادته إلى الاستقلال، فقد كانت بخت الرضا بوتقة لانصهار أبناء السودان على اختلاف مشاربهم وألوانهم منهم من احتل أرفع المناصب مثل الأستاذ/ محمد أحمد المحجوب (رئيس الوزراء)، ولوبجي أروك (عضو مجلس السيادة)، والأستاذ/ عبد الرحمن علي طه الذي أصبح وزيراً للمعارف بعد الاستقلال والأستاذ/ مكي عباس وتوليه إدارة مشروع الجزيرة، الأستاذ/ نصر الحاج علي (مديراً لجامعة الخرطوم)، ومن رجال الأعمال السيد/ كمال حمزة، وفي المجال الدبلوماسي السيد/ جمال محمد أحمد، ومن أبرز العلماء والمفكرين والأدباء البروفيسور/ عبد الله الطيب، والبروفيسور/ محجوب عبيد، ومن كبار الإعلاميين والكتاب بشير محمد سعيد وحسن نجيلة والطيب صالح ومن قادة الحركة المسرحية الفكي عبد الرحمن (أول مدير للمسرح القومي السوداني)، ومن الشعراء المشهورين إدريس جماع، ومحي الدين فارس وعمران العاقب وجعفر محمد عثمان وكثيرون غيرهم مما لا تتسع سطور المقال لذكرهم لا يقلون إبداعاً عمن ذكروا وكانوا خير رسل وسفراء لبلدهم، لما تميزوا به من كفاءة واقتدار وسمو في الأخلاق وجدية في العمل.
هل من عودة؟:
في ذكرى العيد الماسي لبخت الرضا .. واصطحاباً لكل الأوراق التي قدمت في مؤتمر التعليم 2012م وما حوت من نظرة مستقبلية للتعليم في السودان مواكبة للتقدم العلمي في مختلف أنحاء العالم، فهل يعيد التاريخ نفسه، ونأمل في استثمار الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم الآن ونسعى لتطوير مناهجنا وتعليمنا كما استثمرت الأزمة الاقتصادية في الثلاثينيات من القرن الماضي وسعى القائمون على أمر التعليم في تلك الفترة إلى إعادة النظر في سياسة التعليم في السودان فولدت بخت الرضا سليمة معافاة وترعرعت مبرأة من كل عيب فكانت حديث العالمين، فهل لنا أن نحلم بمولود آخر مبرأ من كل عيب بعد تلاقح آراء المؤتمرين ومتطلبات الحضارة والتقدم؟؟!!
* معلمة ثانوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.