أحمد عمر عبدالله شاب سوداني يبلغ من العمر 35 ربيعاً، وهو من ابناء مدينة كسلا الوريفة ظل متنقلاً بين المطارات العربية وهو يرسم لمستقبله الزاهر حياة كريمة وكان كلما اقلعت له طائرة ودع والديه بالأحضان والقبلات وحتى شقيقه عمر الذي كان يحظى في كل مرة بهدية جذابة تليق بشاب في السابعة عشرة من عمره، وقد منّى أحمد نفسه واسرته بغير ما حدث فمشيئة الله وقدره اقتضت ان تكون غير ذلك فقد تحولت حياته لجحيم استمر لأكثر من 21 عاماً قضاها بالسجون المصرية واحالت شبابه اليانع الى ملامح رجل كهل على اعتاب الستينيات فقد مستقبله الذي رسمه وقتها، توفي والده وتحولت الموازين الى غير المألوف وهي قصة جريمة ارتُكبت في حقه نرويها لتعميم الفائدة فالجريمة التي ارتكبها أحمد انه طيب ويثق فيمن لا يستحق ذلك. * في مطار دمشق * في العام 1990 كان احمد بالعراق وذهب لسوريا بغرض تجديد الاقامة ونيته ان يبقى بها ثلاثة ايام للدخول مرة اخرى الى دمشق، وبينما كان في سوريا اتصل عليه شقيقه خالد واخبره بأن الوالدة تحتاج لمراجعة طبيب بمصر فحول أحمد وجهته دون تردد، وبينما كان في المطار التقاه لبناني يدعى علي زعتير وهو تاجر مخدرات معروف لدى السلطات المصرية ومختص في تجارة اخطر انواع المخدرات من الهرويين وكان هذا اللبناني قد وضع احمد فريسته السهلة واستغل طيبته السودانية وقال له لو سمحت اخي الكريم وتفضلت بحمل هذا الحذاء لمصر وقد حفظه في كيس صغير وقال له عندما تصل لمصر سلمه جلال محمود ومعه هذا الخطاب ومكتوب عليه رقم هاتفه 809828 ومكتبه 803134 للاتصال على احدهما، رأى احمد ان الامر ميسور وغير مكلف ولم يضع في حسبانه انه يحمل جريمة قد تحيل حياته الى جحيم. * في مطار القاهرة وعندما هبطت تلك الرحلة الى مطار القاهرة تم ضبط كمية مخبأة في الحذاء «شبشب» بين النعل والفرش. وحسب ما ورد في محضر الضبط والذي حصلت الانتباهة على نسخة منه والمؤرخ 25/11/1990م الساعة 2:30ص يثبت ان المتهم قد تم ضبطه بواسطة العميد محمد العدل فهمي وبالرجوع الى تلك التحقيقات النيابة العامة الصفحة الخامسة من التحقيقات نلخص جزئية من التحقيق: س: ما الحالة التي كنت عليها عندما تم استخراج ما بداخل الزاحف من مواد مخدرة؟ ج: انا ذهلت وقلت لهم لو سمحتوا لي اقعد عشان انا تعبان. س: هل كنت تعلم ما بداخل الزاحف الذي كنت تحمله من مواد مخدرة. ج :لا وما عرفتو الا بعد ما مسكوني. س: هل انت مستعد لإرشاد رجال الضبط عمن يدعى الحاج جلال نافع وتسليمه الزاحف وما بداخله من مخدر؟ ج: ايوة مستعد. كمين في فندق سبل الى هنا والامور تسير على ما يرام وتم نصب كمين لصاحب الرسالة حيث يقول العميد محمد العدل في محضر التحري انه جلسنا مع المتهم داخل كافتيريا فندق سبل وحضر المدعو جلال محمود وشهرته جلال نافع واستلم الزاحف الذي يحوي المخدر. في المحكمة: تم تحويل أحمد عمر الى محكمة جنايات القاهرة والتي اصدرت قرارها في القضية رقم 84 لسنة 1990م مخدرات النزهة المقيدة برقم 4081 لسنة 1990م والصادر بتاريخ 14/9/1991م والقاضي بمعاقبته بالاشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة الف جنيه عما اسند اليه ومصادرة المخدر المضبوط مع الزامه بالتعويض الجمركي المقرر. مع الأسرة: التقينا أسرة الاسير احمد عمر واخبرنا شقيقه خالد عمر عبدالله انه عندما غادر احمد كان عمره 17 عامًا والآن تجاوز الاربعين وهي فترة طويلة دفع ثمنها اخي بلا حول منه ولا قوة هو الآن بعد هذه المدة الطويلة انتهت فترة حكمه ولا ندري لماذا لم يطلق سراحه حتى هذه اللحظة ونناشد السلطات المصرية وحكومة الثورة الجديدة بمصر ان تستجيب لصوت العدالة وتستجيب لنداء الانسانية ولو وضعنا في الاعتبار انه مذنب فان عقوبته اكتملت ويقول خاصة وانه تعرض لمؤامرة في مطار دمشق . ويضيف ابن عمه اسماعيل صديق عبدالله ان الاسرة عانت من هذا الامر ما عانت ولا ترغب الا في عودة ابنها سالمًا ومعافى ونأمل من سفارتنا بجمهورية مصر ان تلعب دورًا في حل هذه الإشكالية وان تضطلع بدورها في رعاية السودانيين، ونعلم ان الدبلوماسية السودانية قادرة على ذلك.. أما ابن عمه جمال فقد وجه رسالة للخارجية ولحكومة السودان ان تعيد الفرحة لهذه الأسرة العريقة بعد ان حُرمت منها قرابة العشرين عامًا.