أوردت إحدى الصحف الصادرة حديثاً تصريحاً نسبته إليَّ ولن ألوم الصحيفة ولا الصحفي الذي ألتمس له العُذر إن بحث في ثنايا حديثي ووجد ما يدفعه إلى التقاط عبارة مثيرة تحتاج إليها الصحف كل الصحف لتسويق بضاعتها فقد أوردت الصحيفة في صفحتها الأولى الآتي:- (الطيب مصطفى ينصح البشير بالتنحي) هذا بخلاف المانشيت الذي أورد تصريحاً لي أقلّ حدة!! سألتني الصحيفة في حوار ترددتُ كثيراً قبل أن أوافق عليه بعد أن استُعطفت بأن هذه تجربة لشباب يستحقون أن يُشجَّعوا سيَّما وأن أخا المحاور يعمل في (الإنتباهة) وكنتُ ولا أزال أرى ألّا يُضغط على البشير للترشُّح مرة أخرى في انتخابات رئاسة الجمهورية عملاً بمبدأ التداول السلمي للسلطة وتجديد الدماء خاصة بعد تجربة ثورات الربيع العربي وكنتُ ولا أزال أقول إن مبارك قدَّم لمصر أكثر بكثير مما قدَّمت الإنقاذ للسودان بالرغم من إخفاقاته وطغيانه وفساده وتقزيمه لمصر في المحافل الدولية ولو كان قد تنحَّى قبل سنة من اشتعال الثورة لخرج معزَّزاً مكرماً ولكن الصحيفة خرجت بمانشيت يقول على لساني: (اعتزال البشير في مجده يحافظ على نجوميته) ثم بعنوان آخر في الصفحة الأولى يقول: (الطيب مصطفى ينصح البشير بالتنحي عن الحكم)!!. كان السؤال حول ترشُّح البشير مرة أخرى لرئاسة الجمهورية ولم يكن حول التنحي ولكن الصحيفة بغرض الإثارة جعلتني أطلب تنحِّي البشير ضربة لازب بما يوحي للقارئ أني أطلب التنحي بصورة فورية وليس عدم ترشيحه في الانتخابات القادمة عام (2015م)!! بالطبع لم أقل ذلك وكيف أقول أو أدعو إلى ما يناقض ما ظللتُ وظل منبر السلام يدعو إليه بل كيف أدعو إلى إحداث فراغ دستوري أعلم يقيناً أن الأفاعي والشياطين سيتسللون من خلاله ليفتكوا بهذا الوطن العزيز؟!. اتفاق مع دولة الجنوب وُقِّع ولا يزال تنفيذُه من جانب الطرف الآخر تحفُّه الكثير من المعوِّقات بل لا يزال الاتفاق حول أكثر الملفات تعقيداً وأعني قضية أبيي يراوح مكانه، بل إن قضية ما يُسمَّى بقطاع الشمال ووجوده في جنوب كردفان والنيل الأزرق وفكّ الارتباط بينه وبين قيادته في جوبا.. لا يزال ذلك في رحم الغيب فكيف لعاقل أن يطلب في وقت كهذا أن يتنحَّى الرئيس المُمسك بتلابيب كل هذه القضايا الشائكة؟!. إن بقاء الرئيس خلال السنتين القادمتين أمرٌ ينبغي أن يكون محل إجماع كل القوى الوطنية حكومة أو معارضة سيما وأن الأحزاب المعارضة بما فيها الأكثر عداءً وأعني المؤتمر الشعبي والشيوعي قد وافقت على الاتفاق بأكثر مما وافقنا نحن المتحفِّظين أو الرافضين للحريات الأربع وبما أن وجود الرئيس على سدة الحكم هو الضامن الأكبر بل هو صمام الأمان لإنفاذ الاتفاق من جانب السودان وأن أي غياب فجائي للرئيس من خلال تنحِّيه أو غيابه بأي شكل من الأشكال سيشكِّل خطراً على إنفاذ الاتفاق ويُحدث فراغاً دستورياً هائلاً يمكن أن يُستغل من قِبل القوى المتربِّصة بالبلاد فإن على جميع القوى الوطنية أن تحرَص على استتباب الأمن والاستقرار خلال هذه المرحلة المفصلية في مسيرة السودان السياسية ولعلَّ ذلك ما جعلنا على الدوام حذِرين في شأن سفريات الرئيس الخارجية خاصة إلى جوبا وموقفنا من الزيارة التي كان مقرراً أن يقوم بها عقب توقيع اتفاقية الحريات الأربع في مارس الماضي والتي أجهضها احتلال هجليج من قِبل الجيش الشعبي معلوم وموثق. عندما تنتهي دورة الرئيس في (2015م) سيكون قد أمضى أكثر من ربع قرن من الزمان وسيرتكب المؤتمر الوطني خطأ فادحاً لا يختلف عن خطأ حزب مبارك في مصر إن هو أعاد ترشيح الرئيس وفرض عليه ما لا يرغب فيه وستُحسب عليه أنه عمل ضد مبدأ التداول السلمي للسلطة وضد الدستور الذي أجازه حول الحدّ الأعلى لبقاء الرئيس في الحكم. إن الفترة المتبقية للرئيس كافية لتتويج فترة حكمه بإنجاز أهم التحديات المتمثلة في إقامة سلام وجوار سلس مع دولة جنوب السودان وتأمين حدود السودان وإنهاء التمردات التي تُمسك بخناق البلاد بما في ذلك تمرد ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وإحداث استقرار سياسي واقتصادي يهيئ الساحة لمرحلة جديدة من العمل السياسي القائم على التداول السلمي للسلطة والحكم الراشد بعيداً عن منطق القوة وإشهار السلاح للحصول على مكاسب سياسية. إذا تمكَّن الرئيس من إنهاء فترة حكمه بهذه الكيفية فإنه سيحفظ لنفسه مكاناً في التاريخ أما إذا فرض النفعيون أجندتهم الشخصية فإنهم سيعرِّضون سيرة الرئيس ومسيرة السودان السياسية لأخطار جمّة والسعيد من اتّعظ بغيره وما أعظم من يعفُّ عن هوى النفس وشُحِّها وما أخطر النفس وأهواءها على مصائر الرجال!! لا يحق لأحد كائناً من كان أن يزايد علينا في العلاقة مع الرئيس فبيننا مبادئ ودم ولحم ورحم وجوار وصداقة من عهد الطفولة المبكرة مما جعلنا نُخلص له إخلاصنا لأنفسنا أو أشد ولا داعي لتقديم كشف الحساب والبيِّنات فقد خُضنا من خندق منبر السلام العادل معركة انتخابات الرئاسة لصالحه وجُبنا ولايات السودان بدون أن يُسهم المؤتمر الوطني بقرش في ذلك وسخَّرنا (الإنتباهة) لنصرته في مواجهة أعداء الهُوية والمبادئ وغير ذلك كثير أستحي أن أعدِّده. أخشى على الرئيس من المؤتمر الوطني الذي شهد الجميع أنه كان عالة عليه بشهادة الخواجات فقد فاز المؤتمر الوطني بكارزما البشير بدليل انتخابات الإعادة التي تدنّت فيها أرقام مرشحي المؤتمر الوطني وليت حزب الحكومة يقتنع بأن (الكنكشة) والسيطرة على الحكم وعلى البرلمان تسير ضد تيار التاريخ وليته ينزل من ظهر البشير ويتركه يستريح بنهاية دورته الحالية. رؤيتنا حول عدم ترشيح الرئيس استقيناها من منطلق المصلحة العامة أو الوطنية العُليا بعيداً عن رأي الأسرة والعائلة ذلك أنه ما من عشيرة إلا وتفخر وتعزّ وتتمنى أن يكون الرئيس من أبنائها لكن المبادئ تعلو على المصالح الأنانية والوطن يُقدَّم على الأفراد ومن مصلحة السودان أن يثوب إلى عافية التداول السلمي للسلطة وتداول الأفراد ومن مصلحة الرئيس بعد ربع قرن من الحكم أن يستريح مُعزَّزاً مُكرماً بعيداً عن السياسة ومنعرجاتها وتقلباتها ومفاجآتها في نهاية دورته الحالية. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. --- السيد/ الدكتور الطيب مصطفى المحترم كعادتكم واضحاً في طرحكم مهما علت الأصوات بمعارضته وفي هذا الكلمات التي تدعو فيها إلى تنحية الرئيس عمر البشير في نهاية الفترة عام 2015 ،، وقد لفت نظري لطرحكم رأي الاسرة كرمهم الله في رغبتهم الجادة لهذا الطرح ،، إلا أن الأمر ليس بالقضية العادية والعابرة فهي قضية مرحلة تاريخية امتدت لمدة 23 عاماً وقد تم توثيقها في تاريخ السودان المعاصر التي شهدت الصالح والطالح وفيها الحروب وصمت المدافع وفيها الاتفاق الذي أصبح طابعاً ليقود إلى الفرقة وفيها الثواب والعقاب وقبل ذلك فيها الحساب لكل من شارك فيها من بداية الفترة حتى نهايتها، ولعلكم توفقوننا الرأي في ما آلت إليه بلادنا من تحزب وتتشرذم ،، وإذا أخذنا الحزب الذي تفرد بالسلطة خلال هذه الفترة نجده قد تفرق لقصاصات سياسية واطلقت على نفسها مسميات هي أبعد ما تكون عن المضمون فتارة وطني وتارةً شعبي وغيرها. والكل واقع ليوم الحساب في الدنيا قبل حساب الآخرة ، خاصةً أولئك الذين امتطوا جواد الانقاذ وعاشوا فساداً ورشوة ومحسوبية . إن التنحي ليس حلاً فما من أحد يضمن عمرة سواء كان من السلف أو الخلف ، والأمور لا تُعالج بسطحية مطلقة ،،، وذهاب الرئيس كما تطالعنا وسائل الاعلام فإنه سيفتح نافذة جديدة للصراعات داخل جهاز السلطة للتفرد حقبة أخرى من الزمان وإن أصحاب المصلحة الحقيقة من جماهير الشعب السوداني لا يهمهم الصراع بقدر ما يتتوقون إليه من تغير للنظام بأسره وكشف العناصر التي أوصلت الرئيس إلى هذا الوضع الذي أدى لمطالبة الجنائية الدولية ،وأولئك الذين أوصلوا الشعب السوداني إلى مستقنع الفقر والضياع . نعم نوافقكم الرأي بأن الفترة المقبلة من عمر الجمهورية تتطلب اجتثاث كل أشكال الفساد وإنهاء الحروب التي وصلت إلى مرحلة التدويل. ولعل الأهم جمع أهل السودان الطيبين على كلمة سواء بعد أن شتتهم الانقاذ وجعل منهم المهاجر والمنفي واللاجئ .إن عملية التغيير أصبحت لازمة وإذا قادها الرئيس البشير سوف تكون بلسماً شافياً لشعبنا إذا جمع كافة قطاعات الشعب السوداني في مؤتمر موحد يضم الأحزاب والحركات المسلحة في كاودا بوصفها الممثل الشرعي الوحيد لأبناء المنطقة وفتح الطريق لانتخابات نزيهة لنقابات العمال والموظفين والمهنيين وضم القيادات الجديدة لهذا الجمع وكذا الطلاب والنساء. ليخرج الجميع برؤية واضحة لمستقبل السودان ولا أقول عزل الوطني والشعبي ولكن كفاهم حصيلة أعمالهم التي أوصلتنا لهذا الدرك ، وكلمة حق تُقال فأن الناس قد سئموا النظر لهذه الشخوص التي ظلت تطالعنا 23 عاماً والتطلع للتغيير وعندها سيجد الرئيس البشير بأنه قد تقلد شرف قيادة كل السودانيين وبالله التوفيق