بعد تصاعد المشكلات الأمنية مؤخراً في جنوب كردفان وآخرها استهداف قاعة فعاليات ملتقى كادقلي وسقوط ضحايا من النساء والأطفال جَراء هذا الاستهداف الذي كان بإطلاق صواريخ الكاتيوشا على عمق المدينة وعاصمة الولاية، وبعد المرونة التي تجلَّت في تصريحات والي الولاية مولانا أحمد هارون باتجاه التعاطي مع المشكلة المتمثلة في «قطاع الشمال» بالحركة الشعبية الحاكمة في جوبا، بعد هذا وذاك انفتح المجال واسعاً لتوجيه النقد للوالي أحمد هارون، فهنا من نصحه بأن لا يراهن على المسلك المرن مع متمردين يحملون أهدافًا تآمرية تحت غطاء «مشروع المطالب» وبذلك لن يجدي تدليلهم فتيلاً في جهة إعادة لأمن والسلام في الولاية، ويرى أصحاب هذا النقد «الناصح» أن الخطورة على الولاية وكل البلاد تكمن في أن يجارى هؤلاء المتمردون من قبل الحكومة وهم لا يحملون مشروع لقضايا السلام والتنمية والخدمات أي قضايا وطنية تهم المواطن وإنما يحملون موجهات أجنبية سواء من قريب أو بعيد من جوبا أو كمبالا أو تل أبيب أو واشنطن. وإذا كان «قطاع الشمال» ليس مستقلاً من ناحية القيادة مثل كل حركة دارفورية متمردة، وإنما قيادته العليا في جوبا، فإن الحوار مع حكومة جوبا والوصول معها إلى أي اتفاق أو عهد يغني تماماً عن التفاوض مع ذيلها هنا «قطاع الشمال»، وأنت لا تشتري القرد دون ذيله.. وتقع على جوبا بعد أي اتفاق بينها وبين حكومة الخرطوم حول الشأن الأمني فك ارتباطها بقطاع الشمال ليس نظرياً بل فعلياً بحيث يُعاد انتشار الفرقتين التاسعة والعاشرة جنوب حدود عام (1956م).. إذن حل مشكلة وجود قطاع الشمال ليست في دعوة مولانا هرون إلى الحوار معه وإنما في تنفيذ حكومة جوبا بما اتفقت عليه مع حكومة الخرطوم. أما حكاية المطالبة بحاكم عسكري لولاية جنوب كردفان «الديمقراطية» بعد إقالة الوالي المنتخب، فهذه المطالبة ليست معقولة، وربما من رأي هذا، قارن حالة جنوب كردفان مع حالة ولاية النيل الأزرق، لكن الفرق كبير. ولاية الينل الأزرق تمرد فيها الوالي نفسه، وبذلك يكون ألغى بنفسه دوره المنوط به في الولاية وأسقط عن نفسه الحق الانتخابي وإن كان حقاً مزعوماً كما يعلم الكثير وعرَّض الولاية لفراغ دستوري كان يمكن أن يُستغل من دولة جنوب السودان أو أية قوة أجنبية تأتي عبر الجو بذريعة حماية حقوق الإنسان مثلاً لولا يقظة الجيش.. لكن في ولاية جنوب كردفان فإن المطلوب من الوالي هارون هو ما طالبته به هذه الصحيفة من قبل، وهو ألا يتعامل مع ذيول حكومة جوبا باعتبارهم جهة شرعية معترف بها مثل جبهة مورو جنوب الفلبين أو مجاهدي خلق أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على سبيل المثال، فهؤلاء أصحاب قضايا عادلة، لكن «قطاع الشمال أثبت إنه صاحب أجندة خادمة لمشروع تآمري ضد السودان مصلحته فيها لا علاقة لها بالمواطن فماذا بعد إجراء الانتخابات عام (2010م) التي فاز فيها من عجب مالك عقار؟!. أكثر الناس يعرفون «البئر وغطاءها» كما يقول المثل الشعبي. ومع احترامنا للحق الانتخابي الذي يتمتع به هرون واحترامنا لمهنته الموقّرة «القضاء» ومازلنا نناديه بلقب مولانا نقول ينبغي أن يكون تجاوبه مع موقف المواطنين مع الحركة الشعبية وقطاعها في السودان، وليس مع غرور وغطرسة متمردي قطاع الشمال الذين يتسببون في وقوع المآسي على أبناء جبال النوبة. إن أصحاب عملية «الصيد الثمين» اصطادوا الأبرياء قتلوا النساء والأطفال وقبل ذلك تعرضت فتيات مندي بمحلية تلودي للاغتصاب من قبل الجيش الشعبي، وهذا الجيش قائده الأعلى سلفا كير، إذن لماذا التفاوض مع جنود فرعون دون فرعون؟!