انطلقت بمكةالمكرمة أمس فعاليات مؤتمر مكةالمكرمة السنوي الثالث عشر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حول قضية «المجتمع المسلم.. الثوابت والمتغيرات» بمشاركة أكثر من «600» من علماء العالم الإسلامي وذلك في الفترة من (20 22) أكتوبر الجاري. وخاطب المؤتمر صاحب السمو الملكي خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة الذي امتدح الدور الكبير الذي ظلت تقوم به رابطة العالم الإسلامي ازاء قضايا الأمة الإسلامية وشدد علي ضرورة أن يلتفت علماء الأمة الإسلامية إلى دراسة المتغيرات في واقع الأمة الإسلامية وتأمين مستقبلها وبناء علاقاتها من أصحاب الأديان الأخرى مشيرًا إلى أن الدين الإسلامي دين حضارة وتقدم، وناشد الأمير خالد المؤتمرين بإدارة حوار شفيف وحقيقي حول الرؤى الأصيلة واحتواء الأزمات التي تعاني منها البلاد الإسلامية ووصف الواقع الحالي والمشهد الحاضر للأمة الإسلامية بأنه بلغ حدًا مأساويًا، وباءت كل الجهود دون معالجات، وأن المشهد الإسلامي يعكس حقيقة ضعف الأمة الإسلامية في احتواء أزماتها ذلك لأنها ابتعدت عن جادة الطريق وصحيح الإسلام وتشرذمت الصفوف. وأبان الأمير خالد الفيصل أنهم يعولون كثيرًا على العلماء والشخصيات الإسلامية والمنظمات الإسلامية الفاعلة والمؤثرة في قيادة التعاون والحد من الصراعات الحزبية والمذهبية والتي تشكل أهم التحديات التي تعترض مسيرة الأمة الإسلامية.. وناشد الأمير خالد رابطة العالم الإسلامي إلى صياغة برامج عمل حقيقية لدعم وتعزيز وإشاعة روح التضامن الإسلامي والسير في اتجاه الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية.. وقال إنهم في دولة خادم الحرمين الشريفين يتعهدون بدعم مشروعات الرابطة وتمكين دورها في رد الشبهات ضد الأمة الإسلامية ومن جانبه رحب الدكتور عبد الله بن عبد المحسن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالعلماء المشاركين في المؤتمر، ووصف مؤتمر مكة بأنه تجمع سنوي يضم علماء ومشاركين من العالم الإسلامي ومناقشة أهم القضايا مشيرًا إلى أن الرابطة حرصت على دراسة المتغيرات والثوابت في محيط الأمة الإسلامية. ودعا الدكتور عصام أحمد البشير المؤتمر إلى ضرورة الخروج بتصور ينقل الأمة الإسلامية من واقع الوجود إلى واقع الشهود ووصف الأمة الإسلامية بأنها موجودة ولكنها غير حاضرة، وناشد البشير الأمة الإسلامية إلى انتهاج منهج فكري يقوم على الوسطية والاعتدال والانفتاح على الحضارات بلا ذوبان، منهج منفتح على الاجتهاد والتجديد ثابت في الأصول والكليات ومرن في الوسائل والآليات مرتبطًا بالأصل ومتصلاً بالعصر. وأكد الدكتور عصام أحمد البشير أنه من الصعوبة بمكان حمل الناس في مركب واحد ومذهب واحد ورأي واحد وقناعة واحدة وأن مفهوم الاستيعاب يقتضي الإيمان بالتنوع وإدارة حوار راقي مع الآخرين يقوم على الاعتراف والاحترام المتبادل. وخلال الجلسة الأولى تمت مناقشة محور المجتمع المسلم في الصدر الأول للدكتور منير بن محمد الغضبان، وإمام وخطيب المسجد الأقصى ومجتمع الأقليات المسلمة الدكتور عكرمة بن سعيد صبري، والأستاذ إسلام عبد التواب، مدير الباحثين بمركز الحضارة للدراسات التاريخية في جمهورية مصر العربية والأقليات غير المسلمة في المجتمع المسلم، والدكتور عبد الحي يوسف عبد الرحيم الحاج، رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم. وبيّن الباحثون في الجلسة أن تكوين المجتمع المسلم تم على أساس من الشريعة الإسلامية، وأوضحوا أن التشريع الإسلامي يمتاز بالتوازن بين الثبات والمرونة، وهذه الميزة انفرد بها الإسلام عن سائر الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، وهي ميزة من روائع الإعجاز التشريعي في دين الإسلام، كما أنه يمتاز أيضاً بالعالمية فالإسلام ليس للعرب وحدهم، بل لجميع الشعوب. وأبرز الباحثون سماحة الإسلام مع غير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع المسلم، رغم ما يصدر منهم من مخالفة أو عنت، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بمجادلتهم بالتي هي أحسن. وخلّص الباحثون إلى أن على المسلم تعريف غير المسلم بدين الله الخاتم فأمة المسلمين هدفها إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا على سعتها، والسعي إلى إنقاذ الناس من الجهل وهدايتهم من الضلالة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد كان يدعو مخالفيه إلى الله بكل وسيلة مشروعة، ويدعو لهم بالهداية. وأكد الباحثون في ختام الجلسة أن تكوين المجتمع المسلم قائم على أصول شرعية لا ينبغي الجنوح عنها، لأنها أصول ثابتة، بينما تعالج المستجدات في المجتمع المسلم من خلال المرونة التي يتميز بها التشريع الإسلامي. وفي الاتجاه ذاته ثمّن الأستاذ محمد المصطفى الياقوتي انعقاد مؤتمر مكة ووصفه بأنه يشكل أهمية كبيرة تجاه قضايا الأمة الإسلامية، وعبّر عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصيات تدعم قضايا الأمة الإسلامية.. وقال لا بد للأمة أن تزاوج بين دينها وتتفاعل مع متغيرات الحياة، وحيا الياقوتي المملكة العربية السعودية ورابطة العالم الإسلامي لعقد هذا المؤتمر والذي يختتم جلساته اليوم ويصدر توصياته الأخيرة.