«أنا ما معاكم.. الجنوبيون خانوني في أنانيا 1» هذه كانت إجابة فيليب غبوش عندما سأله تلفون كوكو حول فكرة الانضمام للحركة الشعبية بإثيوبيا بحسب ما ذكر كوكو في أحد كتاباته، قبل أيام، قدم قائد هيئة الأركان بالجيش الشعبي جيمس هوث حكم الإعدام للمصادقة عليه من قبل الرئيس سلفا كير بحق اللواء تلفون كوكو واخمن أن يكون قد اغتيل كوكو وأن هذا الحكم بمثابة تقنين للاغتيال ليس إلا؟.فهل تم تقديمه لمحاكمة عسكرية أو سياسية تم بموجبها إصدار هذا القرار؟ جملة من التساؤلات برزت بشأن تلك القضية التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات، لكن اعتبر خبراء أمنيون أن هذا الحكم تقنين لعملية الاغتيال التي من الممكن أن يكون نفذها الجيش الشعبي بحق كوكو ولم يستبعد اللواء والخبير الأمني محمد العباس خلال حديثه ل«الإنتباهة» أن يكون كوكو قد اغتيل من قبل استخبارات الجيش الشعبي وتحسباً لأي ردود أفعال من قبل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان جاء هذا الحكم القاضي بإعدام كوكو وكأنه قد قدم لمحاكمة عسكرية أو سياسية. من جهة أخرى وبحسب اللواء الخبير الاستراتيجي عباس شاشوق الذى يقول لا توجد شواهد واضحة حول ما إن كان كوكو حياً أو قد اعتقل ولكن بعض القادة في دولة الجنوب غير راضين عن اتفاق التعاون المشترك بين الدولتين، ربما قد اغتيل بالفعل وذلك لأنهم ظلوا ينقلونه من مقر إلى آخر ولم تعرف أخباره من فترة وبما أنه كان إحدى القضايا التي ستناقش مع حكومة الجنوب فالمؤشرات تؤكد أنه ربما اغتيل من قبل استخبارات الجيش الشعبي وبعض ممن يرفضون الاتفاق الأخير حتى يخلقوا توتراً بين البلدين وإفشال الاتفاقية. مشوار طويل مع الاعتقال ليست هي المرة الأولى التي يتم اعتقال كوكو من قبل الجيش الشعبي، ففي يوم 28/12/1993م والمعارك تدور في طروجر وتوبو وبرام تم اعتقاله من قبل الجيش الشعبي وشُكِّل له مجلس تحقيق في محكمة عسكرية وحكموا عليه بالإعدام مع وقف التنفيذ وطرد من جبال النوبة إلى جنوب السودان موثوق اليدين حتى بحر الغزال حيث مكث في سجون الحركة الشعبية ثلاث سنوات.إلى أن تم إطلاق سراحه في 12/3/1997م حيث تم تعيينه في القيادة العامة للجيش في منطقة مريدي حتى العام 1999م وفي عام 2000م تم تعيينه قائداً لوحدة الإمدادات في الجبهة رقم «2» الإستوائية حتى توقيع السلام2005م. أسباب الاعتقال بدأ التوتر في علاقته مع قادة الجيش الشعبي على رأسهم جون قرنق وسلفا كير منذ توليه الدعوة لنيل حقوق النوبة ووصلت دعوته إلى كل ضباط وضباط صف وجنود النوبة في الجيش الشعبي في مواجهة قادة الحركة الشعبية ومن هنا بدأت وولدت توترات كوكو مع قادة الحركة الشعبية والتي عبّر عنها كوكو بوضوح حينما انتقد البروتوكول الخاص بجبال النوبة لولاية جنوب كردفان منذ بداية المفاوضات وحتى مرحلة توقيعه كأول المنتقدين. وقد كتب في أحد مقالاته «أما إذا استمروا في طغيانهم يعمهون فإنني مع المؤيدين لأطروحتنا هذه من أبناء جنوب كردفان، نوبة، مسيرية، حوازمة، وأي أقليات أخرى من جنوب كردفان سنعمل على تأسيس جسم حزبي مطلبي ليواصل النضال من انتزاع حقوق أبناء جنوب كردفان وسوف نقوم بتفعيل المنفستو الذي خدعت به قيادات الحركة الشعبية الجنوبية أبناء جبال النوبة للانخراط فيها». دعوة وصفت بالاستدراج من قبل الحركة الشعبية لتلفون كوكو بغرض وضع حل لمطالب حقوق أبناء جبال النوبة في اتفاق السلام التي كان يتبناها من خلال كتاباته في الصحف وبعد أن قبل الدعوة متوجهاً إلى جوبا في العاشر من أبريل من العام 2010تم اعتقاله من قبل الجيش الشعبي ومنذ ذلك التاريخ لا أحد يعلم شيئاً عما يجري له داخل مبنى قيادة الجيش الشعبي بجوبا سوى التكهنات والإشاعات التي تقول تارة تمت محاكمته وتارة أخرى محتجزاً أو معتقلاً بدون محاكمة. ومنذ اعتقال كوكو الذي لا يزال مصيره مجهولاً إلى الآن وظلت أخباره معدومة بشكل كبير وكانت ثمة جهود لإطلاق كوكو وتكونت لجنة لمناصرته وإطلاق سراحه وقامت بعدة مجهودات عديدة للفت النظر في قضيته ودعوة حكومة الجنوب بإطلاق سراح «تلفون كوكو»، ومن بينها عدد من منظمات المجتمع المدني التي سلّمت الأممالمتحدة عبر ممثلها بالخرطوم مذكرة بشأن إطلاق سراح المعتقل، كما سلّمت أيضاً سفير دولة جنوب السودان لدى الخرطوم المذكرة التي تطالب بالإفراج عن تلفون فوراً. وقد طالبت المذكرة الأممالمتحدة وسفارة دولة الجنوب بأن يتم إطلاق سراحه وإرساله إلى بلاده عبر الصليب الأحمر لضمان وصوله سالماً، خاصة وأن «تلفون» كما أشارت المذكرة تم حبسه دون مسوِّغات قانونية، ولم يقدم لمحاكمة عادلة، لكن جميع تلك المجهودات لم تحرك سكون قادة دولة الجنوب وأجهزة الاستخبارات. وبحسب مصادر موثوقة فإن هناك قيادات بارزة بمنطقة جبال النوبة يقبعون بسجون الجنوب ويعانون سوء المعاملة والتعذيب وذلك بسبب آرائهم الرافضة لسياسية الحركة وعدم مشاركتهم في العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الشعبي والجبهة الثورية وإن عمليات التصفيات الجسدية لأبناء النوبة طالت العديد منهم بسبب رفضهم مواصلة القتال في صفوف الجبهة. وقد ذكر دنايال كودي أحد أبرز قيادات أبناء النوبة ورئيس حزب الحركة الشعبية جناح السلام ذكر في حديث سابق بصالون سيد أحمد الخليفة أن العديد من ضباط وقيادات أبناء جبال النوبة الرافضة للحرب تريد الانضمام لركب السلام ولكن لا تملك الطريقة الآمنة للخروج من جوبا بسبب ممارسات الجيش الشعبي التي تصل إلى القتل في معظم الأحيان. من هو تلفون كوكو ولد في يناير 1956 بمنطقة «برام» التي تقع بالريف الجنوبي لمدينة كادوقلي العاصمة الحالية لولاية جنوب كردفان ونسبه إلى قبيلة «توبو» درس المرحلة الأولية بمدرسة توتو بمنطقة برام في العام 1967م والمرحلة الوسطى في العام 1973م بمدرسة برام ثم الثانوية بمدرسة تلّو الثانوية ثم التحق بالمدرسة الزراعية بالطلحة وبعد تخرجه عمل بوزارة الزراعة بمدينة بابنوسة ثم تدرج حتى أصبح خبيراً زراعياً بمؤسسة جبال النوبة الزراعية الأمر الذي أهله للعمل في إدارة صيانة التربة واستثمار الأراضي وبرمجة المياه للمشاريع وذلك في الفترة من 1978 وحتى 1983م.