تجدد أمس القصف بصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاون، على مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، بعد أسبوعين من قصفها بواسطة متمردي الجيش الشعبي غداة انعقاد الملتقى التشاوري حول قضايا السلام في مطلع الأسبوع الثاني من هذا الشهر، ومع هذه القذائف والراجمات البالغ عددها «21» قذيفة وصاروخاً التي سقطت على المدينة واستشهاد وجرح عدد من أبنائها من رجال ونساء وأطفال، تسقط على المشهد كله في الولاية وفي البلاد كلها، باعتبار أن ما يحدث في كادوقلي مؤشر خطير لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حال تطور الأوضاع والأحداث في هذه الولاية المهمة. وتطرح هذه العمليات والوقائع عدة أسئلة ملحاحة، لابد من وجود إجابات عليها، تنسال مع انهمال المقذوفات على المدينة وتمدد وجود فلول الجيش الشعبي وقطاع الشمال في أرجاء واسعة من الولاية دون حسم... وهي أسئلة بسيطة تسيطر على كل مواطن ومتتبع لما يدور: أولاً: ما هي نتائج تطبيق الخطة التأمينية للمدينة خلال الأسبوعين الماضيين بعد القصف الذي رافق انعقاد المؤتمر التشاوري؟ لماذا لم تعِدْ القوات المسلحة انتشارها عقب القصف الأول على أكبر مساحة حول المدينة؟ ولماذا لم تقم عمليات التمشيط؟ وما هي التدابير التي اُتخذت للحد من استطلاعات العدو الذي يتحرك لتحديد أهداف محددة لقصفها، علماً بأن القوات المسلحة والقوى الأمنية الأخرى تزيد من نسب استعدادها عقب أي أحداث من هذه الشاكلة أو تحكم إجراءاتها واحتياطاتها مع قرب أي مناسبة دينية كبيرة مثل عيد الأضحى المبارك؟! وبمناسبة العيد كيف سيؤدي المواطنون في جنوب كردفان وخاصة في كادوقلي صلاة العيد في ظل هذا القصف المستهدف وجودهم وتجمعاتهم؟ ثانياً: هل عجزت الأجهزة العسكرية والأمنية عن تحديد مواقع تمركز العدو والمواقع التي يتم منها القصف وخطوط حركة عناصر الجيش الشعبي التي تقصف كادوقلي حتى يتم التعامل معها؟ ثالثاً: لماذا لم تتم الاستفادة من الأعداد الكبيرة من مجندي الدفاع الشعبي الموجودين في جنوب كردفان الذين يعرفون كل مناطقها ومخابئها ومناطق تمركز قوات الجيش الشعبي، فهل هناك مشكلة بين الدفاع الشعبي والقيادة السياسية والعسكرية في الولاية؟ رابعاً: أين لجنة أمن الولاية وما هي الترتيبات التي اتخذتها منذ القصف الأول وكيف هي تدابيرها وخططها التي تُعطى لكل القطاعات «الجيش والشرطة والأمن» وإنفاذ مسؤولية هذه القطاعات في حفظ الأمن وتأمين حياة المواطنين؟ ومن الملاحظ هنا أن زمام المبادرة العملياتي أصبح في يد الطرف الآخر، لأن المهاجم هو الذي يمتلك زمام المبادرة ..!! خامساً: ألم تكشف هذه الأوضاع، غياباً سياسياً كاملاً لحكومة الولاية وأجهزتها والأحزاب المكونة للحكومة خاصة المؤتمر الوطني، وظهوراختلال ونضوب التعبئة السياسية والإسناد الشعبي والمساءلة من المجلس التشريعي وداخل الحزب بالولاية؟ وما يستوجب ويستدعي التعبئة والإسناد للجهد القتالي والدفاعي، أنه مع نهاية فصل الخريف ستسهل الحركة للمتمردين وتزيد حركتهم العدائية ..! ولا بدّ من أن نقول قولاً صريحاً لا لبس فيه، إن الأزمة في جنوب كردفان أزمة مركبة، سياسية وأمنية وعسكرية، ويتحمّل المركز في الخرطوم والحكومة الاتحادية دوراً كبيراً فيها، ومخطئ من يظن أن القوات المسلحة أو القوى النظامية الأخرى، غير قادرة على مجابهة الأوضاع ومقاتلة المتمردين، لكن التقديرات السياسية الولائية والاتحادية وسوء الإدارة للأزمة أعاقت التصدي لهجمات الجيش الشعبي وأوجدت حالة السيولة والتراخي في الولاية، وهذا يكلِّف الكثير جداً وسندفع أبهظ الأثمان وراء ما يجري.. وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال، فإن التبشير المستمر وإطلاق التصريحات حول التفاوض مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية والفرح الغامر بالاتفاق الموقّع مع دولة الجنوب، هو السبب الأساس في تردي الأوضاع الحالية وكان أبلغ رسالة خاطئة وجهت للمواطن وقواتنا الباسلة المرابطة هناك، وأكثر رسالة محفِّزة للمتمردين للهجوم على كادوقلي التي لم تقصف في تاريخها في فترة الحرب منذ 1985م ومنذ خروج الحلو منها .!! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.