"الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    (برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلفا الجديدة.. الهجرة الثانية!

تعيش مدينة حلفا الجديدة جملة إشكالات وقضايا لا علاقة لها بقسمة السلطة والثروة تتمثّل في الغياب التام لأبسط مقوّمات الحياة الأمر الذي جعل حلفا الجديدة تحتاج لحلفا أخرى تتجدّد فيها الدماء والمكوّنات البشرية، فالحال يغني عن السؤال إذ هجر معظم سكان القرى مناطقهم ليس لتسويات سياسية مثلما حدث في الهجرة الأولى أو تضحية من أجل هدف نبيل ولكن بحثًا عن العيش الكريم، فحلفا الجديدة تعيش هذه الأيام موسم الهجرة الثانية بعد التهجير وحتى لا يكون الحكم انطباعيًا فلكم أن تتابعوا معنا زيارتنا التي استمرت ليومين داخل مدينة حلفا وقراها وقد تحدّثت الكاميرا ببلاغة فاقت ما سمعناه من رموز وقيادات ومواطني حلفا الجديدة
انهيار المشروع
في مدينة حلفا التقينا أولاً إسماعيل محمد عبد العزيز «عضو اللجنة الزراعية بتفتيش المدينة» الذي قال: إن مشروع حلفا كان من المشاريع الرائدة وقد حقّق خلال السنوات الخمس الماضية أعلى إنتاجية بالنسبة لمحاصيل الذرة والفول السوداني والقطن لكن هناك إشكالات تواجههم أولها الحواشة التي تتكون من 15 فدانًا على 3 دورات يزرع منها 5 فدادين وبقيتها تحتاج لإصلاح باستخدام الليزر، ويضيف: «طالبنا نحن والإخوة في الهندسة بالليزر من عائد القطن إلا أن إدارة الهندسة وشركة الأقطان قالت لن ندفع تكلفة الليزر والمزارع لا يملك المبلغ».
حياتنا في خطر
المزارعون كذلك يعانون من غياب الخدمات أهمها الصحية حسب عبد العزيز الذي عمل بوزارة الصحة بحلفا لأكثر من عشرين عامًا، فالمستشفى بلا خدمات والمزارع يعمل في المياه وتحاصره الملاريا وتليُّف الكبد والبلهارسيا، فسكان المنطقة منذ تهجيرهم منذ أكثر من 46 سنة لا يجدون بالمستشفى اختصاصي مسالك بولية ولا اختصاصي أمراض صدر أو موجات صوتية، كذلك لا يوجد جهاز تفتيت حصاوى، عندما تم تشييد المستشفى كان عدد السكان 20 ألفًا والآن بلغوا قرابة المليون فكيف يستطيع المزارع الإنتاج في مثل ذلك الجو الصحي المتردي الذي سيؤثر على اقتصاد الدولة الذي يُعتبر المزارع أساسه.
سجال الوزير مع الغلابى
أما المواطن محمود محمد فقد تحدّث لنا عن تفاصيل قضية الأكشاك وهي إحدى الأزمات التي يعاني منها إنسان المنطقة قائلاً: «امتلك دكانين في السوق الشعبي اشتريت أحدهما ب «400» جنيه والثاني ب «3 آلاف » جنيه وقد صدر قرار محلي للبناء بالمواد الثابتة وبعد فترة أخبرونا بأنهم سينزعون الدكاكين في فترة وجيزة ما لم يتم البناء فقمنا بالبناء ولكن فاجأونا برسوم أراضٍ ومحلية «ألف جنيه للمربع» فقمنا بتكوين لجنة واجتمعنا لمقابلة وزير التخطيط للتشاور معه حول تخفيض الرسوم؛ لأن أصحاب الدكاكين فقراء وأرامل وأيتام وأسر شهداء وبالفعل التقينا الوزير عبد المعز في مناسبة وداع المهندس سامساعة من قبل المؤسسة الزراعية، وتحدّثنا معه وطلبنا منه أن يجتمع بنا في كسلا فأجاب بأنه لا يرغب في مقابلتنا ومَن لديه حديث فليقله الآن، وقال إنه اتخذ القرار وانتهى الأمر فطلبنا منه تخفيض الرسوم فرفض، وقلت له: «لديّ دكانين وقد طلبت مني الأراضي دفع 33 مليونًا وقلت لهم هذا تقدير من الأراضي فليأخذوا أرضهم ويمنحونا قيمة الدكان»، فرد عليّ قائلاً: «أنا لم أمنحك أرضًا اذهب وابحث عمّن أعطاك إياها» فقلت له: «بأي منطق تطالبني بالمبلغ وأنت لم تعطني إياها؟» فقال لي: «أنا الوزير وهذا قراري»، فقلت له: «أنا لا أملك 33 مليونًا وانت لا ترغب في الشراء»، فهدّدني بأنه سيهدم الدكاكين بالآليات الثقيلة فقلنا له: «قل ما تريد والله يفعل ما يريد».
مقابر حلفا بالخرطوم
أمين محمد عضو أول مجلس تشريعي ولائي في عهد الإنقاذ ورئيس محلية حلفا سابقًا قال إن حلفا تعاني من عدة مشكلات ففي مجال الصحة هناك إهمال تام ومستشفى حلفا هو الوحيد مكتوب عليه مستشفى تعليمي وهو ليس بتعليمي وتوجد مقابر لأهل حلفا في الخرطوم؛ لأنهم يموتون في طريق رحلتهم للبحث عن العلاج ونستطيع القول بأن حلفا شرعت في موسم هجرة عكسية بعد التهجير.
الوالي «لحس وعودو»
ذكَّر «المواطن» مجاهد عثمان الوالي بشعاره الانتخابي الذي يقول «أنا مع القوي أقوى منه ومع الضعيف أضعف منه» وقوله: «بيتي مفتوح لأي مواطن يتظلّم ويشتكي» وفعلا أبرّ بوعده حين تسنم السلطة فكان مكتبه مفتوحًا وكذلك منزله وهاتفه، ولكن بعد شهر أغلقها جميعًا والآن في كسلا القوي يأكل الضعيف وأردف: (سلّمت الوالي ملف الفساد في الأراضي بحلفا الجديدة من وزارة التخطيط وعن مربع 30 ومربع 5 والمثلث الذهبي وكتبت مرفقًا معه شكوى عليها ثلاثة أرقام هواتف وحتى اليوم لم يأتِنا رد عليها بل إن نتيجة الشكوى التي تقدّمتُ بها كانت أن «جرجروني» في بلاغ بولاية كسلا في نيابة الثراء الحرام والأمر المضحك أنني لا أملك في هذه الدنيا إلا «دراجة نارية» فقط.. أتمنى أن يرجع الوالي لحديثه في الانتخابات والذي بموجبه رشحناه).
ارقين.. حياة القبور
بعد جولة واسعة وسط المدينة جعلنا الكاميرا تتحدّث عن البيئة والتخطيط والأكشاك وبقية الصور المقلوبة، اتجهنا صوب قرى أرقين التي اخترنا منها القرية «8» وسط التي يكاد الداخل اليها يجزم بأنها خالية من الحياة فمعظم منازلها منهارة أو عبارة عن مخازن للأعلاف يبدو عليها البؤس، في وسطها مدرسة أساس مختلطة يتجمع تلاميذها فجراً وينصرفون على التوالي فالصف الأول يصرف في الحادية عشرة صباحًا؛ لأن الصغار لا يحتملون شمس الظهيره؛ لأن الفصل في العراء، أما تلاميذ الصف الثاني فإن غطاء الزنك كفيل بأن يجعلهم يحتملون حتى منتصف النهار، والصفان الثالث والرابع مكانهما مظلة قوائمها على جدار الصف الخامس والسادس والسابع والثامن بمعنى أنه بإمكان تلاميذ الصف الرابع سماع الحصص الخاصة بتلاميذ الفصول الكبرى.
مدير المدرسة قال لنا إن هناك مشكلة أكبر من مسألة البيئة المدرسية وهي العام الدراسي الذي يتزامن مع فصل الخريف إذ لا يستطيع التلاميذ الوصول للمدرسة التي على مقربة منها يوجد مركز صحي لا يصلح إلا لأن يكون آثاراً فهو بلا جدار وبلا معدات بل لا حياة فيه، علمًا أنه الوحيد في المنطقة.
السكان.. الرحيل المر
في تلك القرية جلسنا مع العم محمد صادق أحمد وهو من كبار المزارعين بالقرية وعضو مجلس الإنتاج في تفتيش أرقين فحدّثنا عن مأساة قريتهم قائلاً: «منذ الهجرة الإجبارية قبل أكثر من أربعين سنة لم تزدد القرية 8 مرفقًا واحدًا ومبانيها مشيدة بطريقة غير مطابقة للمواصفات، وقد عصف بها إعصار قبل سنتين وفعل بها ما فعل حتى أضحت منطقتنا منطقة كوارث وقد وعدنا المعتمد السابق الراحل صالحين بمعالجة السقوق المستعارة؛ لأن الرياح التي تعصف القرية تعرِّض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر»، سألنا العم صادق عن سبب هجرة مواطني القرية فقال: «بالقرية الآن 125 أسرة من أصل 252 أسرة فهناك 127 أسرة غادرت بدون عودة لعدم توفر حياة كريمة وغياب الخدمات من تعليم وصحة إذ لا يوجد بالقرية ولو ممرض فالمركز الصحي كما رأيتموه تسكنه الخفافيش والطيور والبهائم وتحاصر السكان الملاريا والبلهارسيا وفقر الدم وإصابات الكبد الوبائي الذي وفد إلينا من المياه فالصهريج يمتلئ من الترعة فكما تعلمون فالقرية تبعد حوالى عشرين كيلو مترًا من مدينة حلفا وطريقها موازٍ للترعة فإذا قدّر الله وأصيب مواطن بعلة طارئة فإنه ميت لا محالة وأما في الخريف فملاذنا رحمة الله.
نحتاج لمعجزة
حسين عويس محمود من قيادات حلفا الجديدة وهو منتدب لصندوق إعمار الشرق اختتمنا به الجولة ولم يخرج حديثه عن حديث مواطنيه فأقرّ بأن المنطقة تعاني من جملة من إشكالات أولها قطاع التعليم الذي يحتاج لمتابعة واهتمام زائد؛ لأن مستوى التعليم بصورة مريعة والمدارس تسد عجزها من أبناء المنطقة والأساتذة الأكفاء هاجروا؛ لأن المنطقة أصبحت طاردة وأصبحت المدارس تعاني ما تعاني وإذا تحدّثنا عن الصحة فمستشفى حلفا هو الوحيد الموجود منذ التهجير وكان عدد المواطنين وقتها قليلاً والمستشفى يحتاج إلى صيانة ويحتاج المواطنون لمستشفى آخر وكذلك لا توجد بالمستشفى أي من المعدات الطبية إذ لا يوجد به جهاز موجات ولا أشعة مقطعية وغيرها لذلك يهاجر المواطن من حلفا إلى غيرها وهذا يكلفه كثيرًا إضافة إلى أن البيئة تحتاج لإصحاح، ففي الخريف تتعطل الحياة والمحلية تعجز سنويًا عن السيطرة على الموقف».
من المحرر
لم نتمكّن من مقابلة المعتمد للرد على الشكاوى التي ساقها المواطنون، فالرجل كان بمهمة بالخرطوم وعلمنا بوجود وزير التخطيط العمراني المهندس عبد المعز حسن عبد القادر في مدينة حلفا وحاولنا الاتصال به إلا أنه لم يرد فأرسلنا له رسالة قصيرة أفصحنا فيها عن هُويتنا وغرضنا إلا أنه لم يرد حتى الآن ومع ذلك نحتفظ له بمساحة للرد إن أراد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.